حينما كانت تمر الأيائل عطشى

2021-10-02

جزء من لوحة لـ شفيق عبّود/ لبنان

علي الشمّري*

من زاويةٍ أُخرى

الحجارة وسط المَجرى

خنجرٌ

هكذا يعرِفها الماء

حينما تشقّه إلى نصفَين

فيمضي بعدها جريحًا.

الحجارة تعرِفُ الماءَ على أنّه

جيشٌ من النحّاتين

حسب تدفّقِ مزاجهِ

يخلق الأشكال

وحسبه أيضًا

ربما يأخذها غريبةً إلى المجاري البعيدة.

بطريقةٍ ما

نصغي إلى ذلك الصراع

ونفسّره على أنه

موسيقى.

■ ■ ■

أدوار الريح

 

هي المشط للأشجار العالية

والأصابع التي ربما

تترك خلفها ضفيرةً من الأغصان.

هي الشفاه التي حينما تقبّل خدّ النهرِ

يتغضّن، وخجلًا يتلاطم ببعضه.

لها دورها في المزاح

حينما تُفْزِعُ رايةً من نومها

لتجعلها تركض في مكانها فوق سطحٍ ما.

وحينما تصل إلى شبابيكي المغلقة

تلك التي في زواياها

نسج الهجران قميصه الشفّاف

لا تجيد سوى أن تكون امرأة "حَنينة"

لا يمكنها أن تمر على جثةٍ

دون نواح.

■ ■ ■

تقول الغابة

 

لا بريد للأشجار الميّتة

سوى الفؤوس.

■ ■ ■

حينما كانت تمر الأيائل عطشى

 

الدمعة التي سَقَطت على الحَجَر

كانت صفعة أوقظته من سباته.

بعدها

وحينما عميقًا

في أعماقه غارت ومسّت روحه

صار عاشقًا

ومن قلبه المجروح

أخرج نبتةً صغيرةً

في ليل الغابات كانت تضيء

وتشير صوب الماء

حينما كانت تمر الأيائل

عطشى.

■ ■ ■

بكامل جرأته

 

من دون أن يحفظ في قدميه

خطوةً إلى الوراء

من دون أن تقلقه فكرة الالتفات.

ينحدر النهر

بكامل جرأته.

■ ■ ■

ندم متأخّر

 

كان عليّ أن أُجفِّفُ غيمةً

لمِثْلِ هذه الليالي التي لا يَنقُصُ حزنَها

سوى المطر.

■ ■ ■

دقّة

 

بمهارةٍ يحفّها القلق

أُوازن حياتي المحيِّرة

كما يوازن قرويٌّ حصىً فوق أُخرى

وبصبرٍ دقيق

أُدوّن عليها الخيبات

كما يكتب نحّات بضع كلماتٍ

على حبّة أرُزٍ صغيرة.

■ ■ ■

حسابات الوردة

 

عندما تَسمعُ الوردة

وقع خطى العشاق في الحديقة

تغمض عينيها

وتبدأ بحساب الثواني الأخيرة

من حياتها.

■ ■ ■

كلّ حدادي العالم

 

بعد أن تنتهي هذه المأساة

سنحتاج إلى كلّ حدادي العالم

لِيُعدّلوا بمطارقهم ظهورنا

ظهورنا التي

تَقَوّست من حمل التوابيت.

■ ■ ■

العناق

 

وصفة سحرية للتحوّل إلى ريشة.

■ ■ ■

البيت

 

لا مطرَ إلى الآن

آهٍ أيُّها البيت

اعرِفُ أنَّك تُحِبُ أن تتخلَّص من أحزانِكَ

بالبكاء

عبر الميازيب.

■ ■ ■

العنوان الذي لا يخطئ

 

أعيشُ في الجهة الأُخرى

من ذبول الوردةِ

بالقرب من عشيرةٍ ترعى المأساة

في منزلٍ من القصب الذي

لم تمرّ به امرأة

ولم يتردّد في زواياه غناء خلخالها.

خلف الدلال التي

يغلي في أعماقها الملل المرّ

والفناجين التي بلا صدى.

إنني أبعدُ من ذلك بقليل

- هناك -

 أينما تجرّك الجهات الغائمة

وتلوّح لك

أقاصي الكآبة البليدة.

 

  • شاعر من العراق

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي