عندما وهبتُكِ البحيرة

2021-09-24

كولاج رقمي لـ ديبورا كور

شوقي عبد الأمير*

 

قصائد قصيرة إلى نادو

 رعويّة

 

عصا الراعي سياجٌ

السكاكينُ تُسمّنُ الخراف

لا مكانَ للرعاةِ على موائدِ لُحومها.

 

تنمو القطعانُ

عندما تصيرُ الخارطةُ كلأً.

 

يخافُ الراعي على قطيعهِ

من مجيء الذئب

وعلى نفسهِ

من غياب الذئب.

 

■ ■ ■

اعتراف

 

أنا غيمةٌ لا ترى السماء

البراري ترضعُ ظلّي.

 

الليلُ جدارٌ بيني

وبيني.

 

لن أحملَ ذراعاً

صارت شرفةً.

 

لن أعودَ من رحيلٍ

أنا جسدُه.

هذا الآتي طوفان

إيه

يا سفينتي خذيني.

 

■ ■ ■

جسد

 

لم يدخلْهُ إلهٌ لا شيطان

المفازةُ التي ضاعا فيها

طافتْ به المدائنَ والملاحم

بحّارٌ لم يبقَ منه إلا البحر

صرختْ به في الحارات وخلف التوابيت

أودعتهُ ثلاجات الهزائم والموتى

صنعتْ منهُ كمّادةً للجرح

وقُفّازاً للفجيعة

ولم يكن سوى ضربةِ ممحاة.

أقفلتهُ،

أقامت فيهِ عقوداً ومنارات

رأتْ شُعَبَ مرْجان ومتاهات مأسورة

وطويلاً كانت تنظرُ إليه

كإله بُعِثَ ليروي تعاليمَه

هدهدتْهُ بأغاني الرعاة

رصّعتْهُ بالسّنابل والمناجل

والسّقوف المحفورة بالآيات وقلائد الملكات

وهبتْهُ سنينَ مجاعات ووداعات

ولم يزلْ يمتعُ من ضرعٍ أزرق.

 

لا أحد يلمسُ تخومه

لا أحد يُدركُ برقَهُ ورعدَه

أحفورٌ طيفيّ عثرَ عليه نبيٌّ ضال

فوق أرارات

سماءٌ أُصيبتْ بطلقٍ ناريّ

فيها تطيرُ البحارُ القديمةُ والغرقى

يصلُحُ، في ليالي الوحشة والبوح، لتمويه

الهزائم الأليفة كالقطط

والجنائز في رايات وبطاقات أعراس

ويسهرُ على حماية الآيات الكريمة

من سجْعِ الكُهّان

جسدُها.

 

■ ■ ■

 

حجاب

 

نادو

تستبدلُ ربطةَ شعرها

بغيمةٍ زرقاءْ.

 

■ ■ ■

 

طيلسان

 

الأبيض طيلسانُ جلال الدّين

الضمير الغائب

عندما لا يُشبهُ الأزرقُ

عنقَ البجعة.

 

الصمتُ قوارير شفافة لمختبرات التنصّت

أضابير مختومة بطُغرائيات خلفاء الفتوح

في المدائن حيث تُنازعُ أثداء الرجيمات

المنائرَ المطعّمةَ بالآياتِ تكويرَها وانتصابها.

 

الأطياف سلاحف لا تُفقّسُ بيوضَها

في رمالِ اليقظةِ الرطبة

جسدُ امرأتي

يُعيدُ للبحيرةِ إيمانها بالعمودي

الغابةُ قميصٌ تتنكّرُ به

عندما تخرجُ لملاقاتي

كلما أُشهرُ وحدتي كرمحٍ دونكيشوتي.

 

اللغاتُ مواقدٌ مشتعلة

لا تقوى على ألفباء الجمر بين شفتيها

وهي تحترق في نصّ محظور.

الشهداء يسجدون وقوفاً

في صلاتها لإينانا...

الأرديةُ والبصماتُ والآثارُ

التي يتركها مرورُ الله بيننا

هي التي اعتدنا على تسميتها

بالجمال...

 

■ ■ ■

 

صورة

 

أعرفها كما يعرفُ النوتيّ بحْرَه

ليلُها يُخاتلُ العسسَ القدسيَّ

يعبر إليها خلف الآيات

أحلامُها تماثيل وآنية في معبد مهجور

جسدُها سفينةٌ مأسورة

يجُرّها قرصانٌ على شاطئ

أغانيها يحتفي لها مغنون ومنشدون

في طقوس محظورة

خوفُها يشخرُ كتمثال خرافي.

 

عندما تتسعُ حقيبتُها الجلدية التي تتدلى

من كتفها اليسرى إلى قصيدة.

 

  • شاعر من العراق

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي