منحوتات الإبل في السعودية كتاب حضارات

2021-09-15

العلماء يقرؤون تفاصيل المنحوتات

الحجارة والآثار ككتب التاريخ تدوّن الحضارات التي تعاقبت في كل بلد، ففي السعودية ازداد الاهتمام بال منحوتات الصخرية للإبل التي أزيل عنها الغبار مؤخرا في الشمال، لتكشف عن وجود حضارة كبيرة بالمنطقة.

باريس - تعود منحوتات صخرية للإبل اكتُشفت في شمال السعودية إلى 7 آلاف سنة على الأقلّ، أي أنها أقدم بكثير مما قُدّر لها وقت كشف النقاب عنها قبل بضع سنوات، بحسب ما أفادت دراسة دولية.

وتمثّل هذه المنحوتات البارزة البالغ مجموعها 21 والتي نُقشت في ثلاثة نتوءات صخرية في صحراء الجوف جمالا بالحجم الحقيقي. وفي العام 2018، قدّر علماء آثار أن تكون عائدة إلى بداية عصرنا، نظرا لأوجه الشبه مع منحوتات أخرى في موقع البتراء المجاور في الأردن العائد إلى حضارة الأنباط.

وأشار الفريق المشترك الذي أعلن الاكتشاف، أن المنطقة ربما كانت مكاناً للعبادة أو أن الجمال كانت تُستخدم كعلامات حدودية، في حين اعتبر عدد من باحثي الآثار أن هذا الاكتشاف يعكس الثراء الكبير للنقوش والفنون الصخرية في مناطق شمال المملكة وخاصة مناطق الجوف وحائل وتبوك، في حين أشار تقرير لهيئة السياحة إلى أن البعثة السعودية الفرنسية المشتركة قد سجلت 56 موقعاً للفنون الصخرية في المنطقة ولا تزال الاكتشافات تتوالى.

واعتبر العلماء آنذاك أن نحت هذه الحيوانات وبعضها غير مكتمل في ثلاثة نتوءات صخرية في مثل هذه المنطقة النائية لا يزال لغزاً، والتي لم تعرف من قبل بوجود هذا النوع من النحت ما يشير إلى وجود حضارة كبيرة بالمنطقة.

مدير الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالجوف سابقا حسين الخليفة المكتشف الحقيقي للموقع قال إنه ذهب إلى المكان في عام 2010 وحين تم الاطلاع على الموقع تم إعداد تقرير وإرساله إلى هيئة السياحة وبعد خروج الفريق تم الرد على التقرير الذي بين أن التشكيلات طبيعية بسبب عوامل التعرية، ليعود من جديد الخليفة ويرسل تقريراً مفصلاً عن الموقع ليثبت أنه رسومات صخرية منحوتة وغير طبيعي إلا أن هذا التقرير قوبل ببرود كبير باعتبار أن الموقع طبيعي.

وأضاف أن الموقع عبارة عن ثلاثة جبال من الحجر الرملي عليها منحوتات لجمال عددها 12 جملا، البعض منها تأثر بفعل عوامل التعرية واختفت معالمه لكن هناك أجزاء من الأرجل وبعض أجزاء الجمل بقيت كما هي.

 

منحوتات جمال نُقشت في ثلاثة نتوءات صخرية في صحراء الجوف تعود إلى 7 آلاف سنة

واعتمد برنامج بحثي أطلق في سياق تعاون بين وزارة الثقافة السعودية ومعهد ماكس بلانك الألماني للعلوم والتاريخ البشري والمعهد الوطني للأبحاث العلمية في فرنسا، على مجموعة من التقنيات لتأريخ هذه الأعمال بدقّة، لاسيما أن حالتها تدهورت بشدّة على مرّ السنين، وفق ما جاء في بيان صادر عن معهد ماكس بلانك.

وخلص العلماء إلى أن بعض هذه المنحوتات نُقش في الألفية السادسة قبل عصرنا، بواسطة أدوات حجرية وسط سافانا كانت تنتشر فيها الأشجار والبحيرات تحوّلت لاحقا إلى صحراء.

ويرى القيّمون على هذه الدراسة التي نُشرت تفاصيلها في مجلّة “جورنال أوف أركيولوجيكل ساينس” في هذا الموقع مثالا عن “حقبة في التاريخ القديم كانت فيها جماعات الرعاة في شمال السعودية تتفنّن على الصخور وتصنع هياكل حجرية ضخمة”.

ورجّح الباحثون أن تكون الجهود التي بذلت لإنجاز هذه المنحوتات الصخرية قد استدعت إرساء سقالات وجلب الأدوات الحجرية على بعد 15 كيلومترا من الموقع وتطلّبت عملا جماعيا من الممكن أن يكون جزءا من شعائر سنوية لأحد مجتمعات العصر الحجري الحديث.

وقد تكون هناك رمزية كبيرة لبعض منحوتات الإبل التي تنطوي على دلالات إلى دورة تكاثر مرتبطة بدورها بتلك الخاصة بالمواسم الرطبة والجافة.

ويعتبر العلماء أن هذا الموقع كان يكتسي رمزية خاصة لقاطنيه لم يحدّدوا ماهيتها بعد، مع تدخّلات متعدّدة على فترة طويلة لتنقيح المنحوتات.

وقالت القيّمة الرئيسية على هذه الأبحاث ماريا غانيان من معهد ماكس بلانك إن “جماعات من العصر الحجري الحديث عادت بانتظام إلى الموقع، ما يدلّ على أن رمزيته استمرّت طوال أجيال عديدة”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي