أولي الأرضَ البعيدة اهتماماً وأُهمِل بيتي

2021-08-28

عمل لـ حسين كاظمي

عامر الطيب*

 

مدخل

 

لكلِّ واحدٍ منّا زمنان:

الزّمنُ الّذي يبتكرُ بهِ الإشاعات حولَ نفسِه

والزَّمنُ الّذي يكلِّفه تصديقها.

 

 

حلمتُ

أّنّني شاهدتُ زهرةً

فاشتريتُ خِنجراً

حلمتُ أنّني انتقيتُ حياةً

من سوقِ العبيد

لأحرّرها

...

حلمتُ أنّني بكيتُ

من أجلِ غزالةٍ مقتولةٍ

فاستيقظتُ مذعوراً

لأنَّ الحُلمَ يسيرُ بالضدّ مِن جَسدي

...

لأنّي أخشى أنْ أفرشَ لكِ

الطّاولة بالصُّحف

فيطردني المستأجر من بيتي!

 

 

يستبدلُ الشّاعرُ كلمةً بكلمةٍ

يقولُ:

هذه هيَ الكلمةُ المناسبة

لإخفاءِ الجرح

تلكَ لتضميدِه

هذه الّتي ستلمعُ كساعةٍ ذهبيّةٍ

أمّا الأخيرة ستزولُ سريعاً

كنجمةٍ سيّئة الحظّ.

...

حسناً

الحبُّ لا الشِّعر

هو ما يدفعني دفعاً

لاستبدال الكلمات!

 

 

أسألُ الآن:

مَن هؤلاءِ النّاس الّذين يتحدّثون بشأني

إن غبتُ؟

الّذينَ يحشرونَ أنوفَهُم

في حياتي كالفراريج؟

مَن هؤلاءِ النّاس

 الّذينَ يُحبّون بِلادي كما أفعل؟

إنّهم جادّون تماماً.

...

أمُدُّ يدي بالطّريقة الّتي تُقلَبُ

بها الطَّاولة

لا بالطريقة التي يُبرَّدُ بها الأكل!

 

 

يحقُّ لي أنْ أعرِّف نفسي كصقرٍ هائل

أنا من بلادِ الشّيء الجديدِ الّذي لا يُصدَّق.

...

الموتُ الّذي يفتنُ كالذّكرى

الجنودُ الّذين يجبرونَنا مرّة بعدَ أخرى

على انتخاب رئيسهِم نفسِه

بالبنادقِ والجُدران والخُوَذ.

أيَحقُّ لي أن أعيشَ كمَن يتمدّد

في حديقةٍ عامّة

وأموتَ

كمن نسيَ أن يفعل ذلكَ

في سن العشرين؟

 

 

تقولُ الحِكايةُ:

في يومٍ منَ الأيّام

سيذوبُ الثّلجُ على قبري

ولن يكونَ بإمكانِ جثّتي أنْ تتأوّه كفرسٍ خاسرة

لن أقولَ أنّني وقعتُ بحبِّ المَوت

وها هو يأخذُني إلى مناماته.

..

ساعتئذٍ لن أكونَ سوى زاويةٍ

في شارعٍ آخر

حيثُ الأطفالُ يُسرعونَ تحتَ المطر

وحيثُ القبَّعاتُ تسَّاقطُ دونَ عُذرٍ.

...

مثلَ غريقٍ

سأزعقُ على نحوٍ لافتٍ

بغيةَ التخلُّصِ مِن صوتي!

 

 

استحسنتُ القصيدةَ ثمَّ سُرعان

ما لمْ أعد راضياً عنها

مضَت الطُّيورُ نحوَ غروبٍ لامعٍ

الأزهارُ ترتعشُ هناك

مكتومةٌ هُنا

الحزنُ داخلَ عيني أقلَّ لمعاناً.

...

في الكتابةِ

صرختي مكشوفةٌ وقلبي يتمايلُ كقصبةٍ

لا أعزّ الشعر

كما يبدو لكم

لكنّي كئيبٌ و مصلحٌ على أيَّةِ حال

أولي الأرضَ البعيدةَ اهتماماً

وأهمِلُ بيتي!

 

 

أنا متأسّفٌ

سأدعُ حياتي برمَّتها لكُم

على ألّا تتصرّفوا بحماقةٍ

إنّها ليسَت نبتةً

أو غيمةً بجانبِ شجرة

إنّها ليسَت بركة مزيّنة بالنّجوم

أو اسمَ مدينة محفوراً على حجر

سأدعُ لكم

ما أحبّه

وما أخشاهُ

أقولُ ذلكَ وأنا متأسّف

لما سيحدثُ بعد ثوانٍ مِن موتي!

 

 

أهزُّ رأسي في الإجابة

في محاولةٍ لئلّا أقولَ شيئاً

فيما مضى

كانتِ الكلمةُ عزيزةً

كعينٍ بشريّة.

الآن

يبدو أنَّ اللعبةَ انتهت

أقولُ ما ينبغي أنْ يقوله كائنٌ مثلي

قبل أنْ يصمُت ويندثِرْ!

 

▪ ▪ ▪

 

خاتمة

 

ليلةً سعيدةً لكُم

إنّني منصرفٌ لأبالي بنفسي

لأقولَ ها هيَ الشّمسُ تُشرِقُ

البنايةُ تبزغُ مِن جهةِ نافذتي. 

ها هيَ الأغنيةُ الجديدةُ

تُبَثُّ

...

ليلةً سعيدةً أرجوها لكُم جميعاً

إنَّ الغرقَ مشهدٌ واحدٌ

وحياتي

ثقيلةٌ كريشةٍ

خفيفةٌ كطير.

 

  • شاعر من العراق

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي