

الحرة: مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد، أعاد وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، معمر الأرياني، تحذيرات حكومته من أن جماعة الحوثي تمارس "عبثا خطيرا" بالمناهج الدراسية في مناطق سيطرتها.
ونشر الإرياني، تغريدات عدة في حسابه الرسمي على موقع تويتر، بعد أن تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي صورة لكتاب مادة التربية الوطنية للصف الثامن، ظهر على غلافه مسلحين اثنين يحملان صواريخ موجهة، ورسم لوجه حسن الملصي، وهو قيادي حوثي أعلنت السعودية قتله وعدد من الجنود المرافقين له في 2016 أثناء محاولة التسلل داخل حدودها في 2016.
وغرد الإرياني الذي نشر صورة لغلاف الكتاب: "استمرار ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في العبث بالمناهج التعليمية لمختلف المراحل الدراسية، ومساعيها في تزييف وعي الأجيال القادمة، وتعبئتهم بالأفكار الطائفية الدخيلة على بلادنا ومجتمعنا، تهديد خطير للسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، ونسف لفرص الحوار وإحلال السلام والتعايش بين اليمنيين".
من جهته يرى المحلل والكاتب السياسي اليمني، صلاح نعمان الأغبري، أن ما يفعله الحوثيون ليس "عبثا" بل خطة محكمة، مضيفا في تصريحات لموقع الحرة: "تلك الميليشيات تعلم ما تفعل وهي تسير وفق خطة ممنهجة تهدف إلى خلق جيل يمني مشبع بالأفكار الطائفية والإرهابية والموالية لإيران وفي نفس الوقت يعادي أمته العربية التي تشكل عمقه وأمنه القومي".
ونوه الأغبري إلى أن ما يحدث "هو أمر خطير وجلل، وسط تجاهل المجتمع الدولي لهذه القضية الخطيرة".
١-استمرار مليشيا الحوثي المدعومة من ايران في العبث بالمناهج التعليمية لمختلف المراحل الدراسية، ومساعيها تزييف وعي الأجيال القادمة، وتعبئتهم بالأفكار الطائفية الدخيلة على بلادنا ومجتمعنا،تهديد خطير للسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي،ونسف لفرص الحوار واحلال السلام والتعايش بين اليمنيين pic.twitter.com/17YcwNPj85
— معمر الإرياني (@ERYANIM) August 18, 2021
وأردف: "كان على المنظمات الدولية والدول الكبرى المهتمة بإيجاد حل للقضية اليمنية ألا تكتفي بالتركيز على الجانب الإنساني وإدخال المساعدات أو المساهمة في الوصول إلى اتفاقيات لوقف لإطلاق النار وتبادل الأسرى، لأن الجانب التعليمي مهم للغاية وإهماله سيؤدي إلى نشوء جماعات إرهابية مشعبة بالأفكار الطائفية والمتطرفة ومؤيدة لنظام ولاية الفقية في إيران وهذا سيجعل المنطقة تعيش بشكل دائم حالات من الاضطراب وعدم الاستقرار".
"المناهج ليست قرآنا"
وفي حين اتهم الإرياني سابقا الحوثيين بأنهم يحولون المدارس إلى "أوكار لاستقطاب وتجنيد الأطفال"، فإن المجلس السياسي للحوثيين في قد أعلن من قبل أن تغيير المناهج هدفه "وقف الغزو الوهابي التكفيري" متهمين السعودية بغرسه في المجتمع السعودي.
وأنكرت "جماعة أنصار الله" الحوثية مرارا اتهامات استغلالها وتجنيدها الأطفال في القتال، قائلة إن هذه الاتهامات تهدف إلى "تشويه صورتها" وفقا لما قال المحلل السياسي، أحمد المؤيد، لموقع الحرة.
وأوضح: " لا أعتقد أن حكومة صنعاء بحاجة إلى أطفال ليقاتلوا مع الجيش اليمني، وأن ترويج مثل هكذا كلام هو بالحقيقة إهانة لما يسمى قوات التحالف العربي لأن ذلك يعني هزيمتهم على يد مقاتلين صغار السن"، على حد قوله.
ونوه أحمد المؤيد إلى أن "طبيعة المعارك في البلاد تتطلب مقاتلين أشداء قادرين على السير عشرات الكيلومترات على أقدامهم والقتال في مناطق الوعرة".
مأرب- اقتتال
وهذه ليست المرة الأولى التي تغير فيها جماعة الحوثي محتويات الكتب المدرسية بما فيها الغلاف، فقد ظهر بكتب التربية الوطنية في الأعوام الماضية صورا لعدد من قياداتها.
ويرى المؤيد "إن منهج التربية الوطنية ليست قرآنا ويمكن تعديله بما يتماشى مع حاجة المجتمع، وكانت هناك بالفعل ضرورة لتعديل ذلك المنهج الذي خلق لنا جيشا من العملاء وشوه المخرجات بحيث كان الطلاب يسمون الجيش الذي يتعاون مع الغزاة جيشا وطنيا ويسمون من يتعامل الأعداء مقاومة"، على حد تعبيره.
وأضاف: "لا أحد يستطيع أحد أن يسمى هذا التغيير الذي يتواءم مع حالة الدفاع المقدس عن الوطن بالطائفي، لأن التغيير الطائفي يعني أن تنال من طائفة أخرى ماديا ومعنويا وهذا ما لم يحدث في تطوير المناهج الذي اعتمدته حكومة صنعاء".
وأكد المؤيد أن وزير التعليم في حكومة صنعاء التي يقودها الحوثيون، ، يحيى بدر الدين الحوثي، "قد حقق العديد من الإنجازات منها المحافظة على مؤسسات التعليم رغم الظروف التي يمر بها البلد ورغم انعدام الرواتب، بل تمكن مؤخرا من إقرار راتب شهري مستمر بقيمة 30 ألف ريال يمني (120 دولار)".
وتابع: "من أهم الإنجازات كذلك تنقية المناهج من الأفكار المغلوطة التي كانت تستند على أسس طائفية وعنصرية وعائلية التي لا تتماشى مع أهداف وأفكار الجمهورية اليمنية، ولا تزال المدارس تعمل بوتيرة جيدة رغم الظروف الصعبة المرتبطة بالعدوان والحرب وانعدام الرواتب لفترة طويلة من الزمن".
وعلى الطرف الآخر، يجادل الأغبري من عدن بأن "حكومة الحوثيين إذا حذفت أفكارا متطرفة من المناهج كما يزعمون فإنهم بالمقابل وضعوا مواد تعليمية أشد تطرفا وإرهابا وبما لا يقارن عما يتحدثون عن أنهم ألغوه أو عدلوه أو طوروه، وبالتالي هم نجحوا إلى حد ما بخلق جيل طائفي كاره لأمته العربية والإسلامية وسيكون أداة طيعة بأيدي النظام الإيراني في حال بقيت الأمور على حالها".
وكان مايكل آرون، سفير المملكة المتحدة السابق في اليمن، قد حذر من "أن الحوثيين والنفوذ الإيراني سوف يعيدان تشكيل المجتمع اليمني"، كما ذكر في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط يناير الماضي.
وقال آرون الذي شغل منصب السفير منذ أوائل 2018 وحتى يوليو 2020 إن الحوثيين يغيرون المجتمع اليمني والمناهج الدراسية في المدارس، ويسيطرون على الجامعات ويغيرونها، ويرسلون الطلاب للدراسة في قم بإيران.

"الحل في التوافق"
وكان مسؤولون يمنيون قد اتهموا ميلشيا الحوثي بأنها تلزم الطلاب بتلقي محاضرات طائفية أسبوعيا وبترديد قسم ولاء معروف بالـ"صرخة الحوثية" في طابور الصباح بدلا من النشيد الوطني، هو الأمر الذي نفاه المحلل السياسي أحمد المؤيد، قائلا إنها "مزاعم لا أساس لها من الصحة".
وفيما إذا الحل يكمن لاحقا وبعد انتهاء الأزمة اليمنية إلغاء المواد الخلافية من المناهج الدراسية، قال المؤيد لموقع الحرة: " لا أعتقد أن أحد قادر على إلغاء مواد التربية الدينية والتاريخ من المناهج لأن ذلك يلغي الهوية العربية والإسلامية للشعب اليمني لأن الخضوع إلى مطالب أجنبية سيؤجج الصراع ويمنع الاستقرار".
وزاد: "ولكن ما يتوافق عليه اليمنيون بشكل تام سيجري تطبيقه، فإذا توافقوا على بقاء تلك المواد أو إلغائها أو تنقيحها، فإن ذلك سيحدث بعد العودة إلى البرلمان اليمني لإصدار تشريعات بهذا الشأن والتي قد تخضع كذلك للاستفتاء العام لإقرارها".