الإبادة الثقافية.. كيف تمحو أمة كاملة قبل إطلاق رصاصة واحدة؟

2021-08-12

محمد إسلام: على مدار عقود طويلة، شهدت خريطة الجغرافيا السياسية حول العالم العديد من الصراعات الأيدولوجية والعسكرية بين الأقليات العِرقية والدينية وبين الدول التي يعيشون فيها، وقد كان النمط الأغلب في هذه الصراعات معتمدا على الشق العسكري وعمليات التطهير العرقي، لكن عمليات التطهير العرقي والإبادة العسكرية لم تخلُ في كثير من الأحيان من عمليات إبادة ثقافية ومعرفية.

إلا أن الإبادة الثقافية هنا ليست على طراز "العولمة الأميركية" في صورتها الحديثة في هذا العصر، كمطاعم الوجبات السريعة أو نشر الثقافة الأميركية في مجتمعات لا تُشبهها، فالأمر هنا يصل إلى التدمير الفعلي للمعتقدات والأفكار والنسق المجتمعي للأقليات بالقوة، بغرض تفتيت النسيج المجتمعي والوصول إلى حالة الخضوع الكامل أو التهجير والتطهير العِرقي.

وعلى الرغم من أن الإبادة الثقافية حالة تحدث وتكرّرت تاريخيا، لا تخضع للكثير من التناول تحت وطأة الإبادات العسكرية والمواجهات المسلحة، فإن العديد من الدراسات الحية التي أخذت بُعدا جغرافيا واسعا قدّمت صورة جيدة لتلك الأزمة يمكن النظر إليها عن قُرب في كتاب "الإبادة الثقافية" لمؤلفه لورنس دافيدسون الذي طبعته دار "العبيكان" وترجمته: الأستاذة منار إبراهيم الشهابي، وخرج في 170 صفحة على 6 فصول، يناقش في البداية الأسس النظرية، ثم الإبادة الثقافية والهنود الأميركيين، ثم روسيا واليهود في القرن التاسع عشر، ثم إسرائيل والفلسطينيين والإبادة الثقافية، ثم قبل الخاتمة يتحدث في الفصل الخامس عن استيعاب الصين للتبت وإدماجهم.

يستعرض الكاتب في الفصول الأولى أزمة النزعة المحلية لدى الكثير من الشعوب، والتي تُشكِّل النواة الأولى لكراهية الأقليات بشكل عام، وذلك بناء على المرجعية المجتمعية أو العقائدية أو الشعبوية، وقد شرحها الكاتب كمقدمة مهمة لتحليل حالة الرفض المجتمعي الكبير للأقليات العِرقية أو الدينية المختلفة عن النمط المجتمعي السائد، فالنزعة المحلية لدى المجتمعات هي النمط الأكثر شيوعا في العالم تقريبا، نزعة رفض التعددية الثقافية والتنوع الثقافي والإثني؛ فالثقافات المجتمعية بطبيعتها تُفضِّل الأنماط المجتمعية المتشابهة في الهيئة والتصرفات واللغة والطعام وأشكال العلاقات الاجتماعية، فهو نمط مريح وأكثر قبولا بالنسبة للكثيرين، لكنه على الرغم من كونه طبيعيا من الناحية النفسية، فإنه يتشبّع في العديد من الأحيان بصورة مضادة لطبيعته المريحة الهادئة.

يروي الكاتب ميلتون ماير في كتابه "They Thought they were free" عن تجربته كيهودي في ألمانيا النازية كيف كان الألمان ينظرون للجنسيات المختلفة عنهم بشكل عام، ولليهود بصورة خاصة، بصفتهم كبش الفداء الذي خلقه هتلر ليجمع الألمان حوله في مواجهة عدو محدد ومكروه.

روى ميلتون كيف كان تحوُّل العلاقة بين الألمان واليهود من التنافر بين عِرق يرى في نفسه السمو عن الجميع وهم الألمان، وبين جنس اعتاد التشرذم على مدى عقود، فانتهى به الأمر متفرقا بين البلدان بلا وطن، وكيف كان ذلك جزءا من صورة كاملة حولت كراهية الألمان لليهود وجعلتها تبدو حقيقية، وكيف انطبعت في قلوب وعقول الألمان حتى ظنوا أنها كراهية بمحض إرادتهم الحرة، رغم أنها في الحقيقة لم تحمل سببا منطقيا، بل كراهية بطابع سياسة هتلر العليا وحسب.

 

حازت هذه اللعبة السياسية على الشق الأكبر من تحركات القوميات الشعبوية حول العالم، حيث شكّلت تلك الأقليات "العدو" الافتراضي الذي تتعارض قيمه وأفكاره مع الصورة المجتمعية المتقلبة بين عموم المجتمع، لكن اللافت للنظر في تلك القصص أنها لا ترتبط دائما بالشعبوية بقدر ارتباطها بحالة رفض كل ما هو مختلف مجتمعيا أو دينيا أو ثقافيا، وهي حالة لا ترتبط بفئة اجتماعية بعينها أو بطائفة معينة، لكنها تُشكِّل جزءا مهما من الوعي المجتمعي لدى الكثيرين حول العالم.

ومن هنا يمكن فهم الطرح الذي قدّمه الكتاب، حيث يدور حول تاريخ مواجهة الأقليات العِرقية والدينية في مختلف النقاط الجغرافية على الخريطة، لفهم أن حركة الإبادة الثقافية كانت حراكا أقل تكلفة وخطورة من الإبادة الدموية عبر القتل والتهجير، كما أنها تتماشى بشكل كبير مع مطالبات الاندماج الثقافي الذي يطالب به أنصار العولمة، ويمكن رؤيته بشكل واضح في اختبارات الاندماج الثقافي التي تفرضها العديد من الدول كشرط أساسي لمنح الجنسية.

انتقل الكتاب بعد ذلك إلى واحدة من أقسى عمليات الإبادة الثقافية في التاريخ، والتي سجّل الكثير من قرّاء التاريخ ومدوّنوه الجانب العسكري والحربي منها وحسب، وتجاهلوا الجزء الثقافي والعقلي الذي لولاه لما نجحت الحملات الأوروبية في فرض سيطرتها على الأراضي الأميركية.

بدأت القصة بوصول المجموعات الاستعمارية من إنجلترا إلى القارة الأميركية، فبدأ شكل واضح من الصدام الحضاري، فالإنجليز وأقرانهم من أوروبا يمتلكون أسلحة ومعدات وآلات تنقيب بدائية بالنسبة لما وصلت له الحضارة الغربية الآن من تكنولوجيا، فيما كانت الحياة بالنسبة للسكان الأصليين "الباواتان" بدائية من الجوانب كافة، تقوم على توفير الطعام ومكان النوم وحسب دون التطرق لما هو أكثر من ذلك، لذا ظهر خيار الإبادة الدموية مطروحا بقوة أمام الاستعمار الإنجليزي، لكن تبيّن فيما بعد أنه خيار خاطئ.

لم تدم حالة الاعتماد المتبادلة بين الطرفين طويلا، فالمستعمرون بحاجة إلى الطعام وإلى طريقة فعالة تنجيهم من الأمراض المنتشرة في المستعمرات مثل الإسقربوط، والسكان الأصليون بحاجة إلى الأدوات المعدنية التي يملكها المستعمرون، وكان قرار المستعمرين آنذاك أنه لا وجود لحل يجمع الطرفين في مكان واحد، خاصة بعد الهجمات التي قام بها السكان الأصليون لطرد الإنجليز، فاتخذوا القرار العسكري، وبدأت الهجمات الدموية على السكان الأصليين والتي تحوّلت إلى أول حرب بينهم عام 1622، وقامت فيها قوات الإنجليز بتدمير المحاصيل الزراعية لتجويع الهنود ومحاصرتهم، مما دفع الطرفين للدخول في مفاوضات انتهت بمقتل العدد الأكبر من قادة الهنود بالسم الموضوع في شرابهم من قِبل الإنجليز.

قادت تلك المواجهات المستعمرين إلى نقطة من الصعب معها الاستمرار على هذه الوتيرة، فالنزوح الأوروبي إلى تلك الأراضي الجديدة كان بغرض التوسعة الاقتصادية وتحقيق الأرباح وليس الإفراط في الإنفاق، فبدأت مجموعات المستعمرين في اتباع نهج جديد حيال "الباواتان" وهو التنصير القسري (الإدخال إلى المسيحية بالقوة) حتى تخلق رابطة افتراضية بين الطرفين لوقف المواجهات الحربية.

بدأ الأمر عبر تفريق السكان الأصليين إلى مجموعات صغيرة بِفعل القوة المكتسبة لدى المستعمرين عبر استمرار التدفق الأوروبي، ومن ثم توزيع تلك المجموعات على مناطق متفرقة لفك التكتل الذي يُشكِّل خطرا على المستعمرات، ثم ظهر ما يُعرف باسم "بلدات الصلاة الهندية"، ثم أنشأت المجموعات الاستعمارية "مدارس هندية استعمارية" تتركز مهمتها على عمليات إدخال الباواتان إلى المسيحية بشكل قسري.

في الوقت نفسه استمرت عمليات الاستيطان بشكل سريع ومطّرد، فاستغلال تفكك الهنود سهّل إنشاء مستعمرات عملاقة تحمل أسماء جديدة على المجتمع آنذاك مثل "نيوهامشير" و"نيو أمستردام" التي أنشأها الهولنديون وتحولت فيما بعد إلى نيويورك، وغيرها من المستعمرات التي وصل عدد سكان الواحدة منها إلى أكثر من 12 ألف أوروبي، ليبدأ المجتمع الهندي القديم في اكتساب صبغة جديدة لم يعهدها من قبل.

استعرض الكتاب بصورة واضحة التسلسل التاريخي لحركة الإبادة الثقافية التي استخدمتها الجحافل الأوروبية لتطويع المجهودات الخاصة بالسكان الأصليين في خدمة الأثرياء الجدد، عبر إجبارهم على العمل في الأعمال القاسية وذلك بدون مقابل، ما جعل جون آدمز، الرئيس الثاني للولايات المتحدة، يقول مقولته الشهيرة:

كيف نجحت هذه الإستراتيجية؟ بحلول عام 1700 كانت النتيجة ببساطة هي انسحاب من نجا من السكان الأصليين نحو المناطق الحدودية والمدن البعيدة عن العيون، ليتحوّل الداخل الأميركي بالكامل إلى صورة مختلفة تماما عما كان عليه منذ أكثر من 50 عاما، ولم يعد السكان الأصليون يُشكِّلون نسبة مشاركة في المجتمع الأميركي الجديد.

خلال القرنين التاليين اتخذت عمليات الإبادة الثقافية للهنود نمطا أكثر تسارعا من حيث عمليات الإدخال الإجباري في المسيحية ونشر مفاهيم ثقافية محددة بين أوساط الهنود تضعهم أمام حقيقة أميركية جديدة ومحددة وهي أنهم بدائيون همجيون، وإجبارهم على الانصياع التام للتيار الثقافي الأميركي على أنه "السبيل الوحيد للتحضر".

واحدة من الأزمات التي تواجه الكثير من كتب وأدبيات التاريخ بشكل عام هي إغفال المواجهات الشرسة التي خاضتها الأقليات الواقعة في الأقاليم المجاورة للصين، وكيف وجدت نفسها تحت سلطة التنين الصيني ومجبرة على الامتثال للقواعد الجديدة التي فرضتها القوى الشيوعية الحاكمة في الصين، لتتخلى وبصورة إجبارية عن معتقداتها التي اعتادت القيام بها طوال حياتها منذ آلاف السنين، وقد قدم هذا الفصل من الكتاب تسلسلا تاريخيا موضحا لتلك الأزمة.

 

على مدى عقود خاضت الصين العديد من المواجهات التي حملت طابعا عِرقيا وقمعا للأقليات، والتي جاءت نتيجة للصدامات المستمرة الواقعة في طريق التوسع الصيني وفرض السيطرة وبسط النفوذ على مساحة جغرافية أوسع، كشكل من أشكال المواجهة مع الغريم الغربي الجديد "الولايات المتحدة الأميركية".

التبت على سبيل المثال باعتبارها واحدة من الأزمات التاريخية في المواجهات الصينية لم تكن داخل النطاق الجغرافي الصيني، كانت لهم إدارة مستقلة وديانة خاصة بهم، وعلاقات متبادلة من وقت لآخر مع الإمبراطور الصيني تمثّلت في مبعوث صيني يُدعى "الآمبان" وهو بمنزلة سفير صيني مع حامية من 1500 جندي.

لكن التعاون السياسي والدبلوماسي وعمليات الدفاع العسكري التي قامت بها الصين لم تُقابل بأي تنازل رسمي من قِبل قبائل التبت عن استقلال أراضيهم، ولم تكن ضمن قبول التبت بالدخول ضمن النفوذ الصيني، فحينما تعرّضت مناطق التبت للغزو البريطاني عام 1904 لم تتدخل الصين أو تساعد التبت في مواجهتها العسكرية، وبمجرد أن خرجت القوات البريطانية من تلك المنطقة بدأت الصين في الإعلان عن مطالبها بتبعية التبت لها جغرافيا وسياسيا.

ثم شهدت الفترة ما بين 1912-1949 منعطفات مختلفة في حالة الصين والتبت، فانهيار سلالة تشينغ عام 1911 وحالة الضعف التي انتابت الصين بشكل عام على مدار تلك السنوات فتح المجال أمام التبت بالتحرك بحرية أكبر، وبدأت الزعامة الروحية للتبت وهو "الدالاي لاما" بإحداث تطورات في حياة التبت بإنشاء البنوك وتطوير المنشآت في محاولة منه لتثبيت سلطة التبت كدولة مستقلة لها مؤسساتها، كما عمل كذلك على إنشاء الجيش التبتي الخاص لشؤون الحماية الخارجية.

وبحلول العام 1949 وبتشكُّل جمهورية الصين الشعبية، وبعدما تقلّد الحزب الشيوعي الصيني الحكم، تحوّلت المطالبات والأفكار إلى واقع ملموس، فدخلت القوات الصينية بجيش قوامه 40 ألف جندي إلى إقليم التبت وأخضعته بالكامل للنفوذ الصيني، لكن على الرغم من أن الصين لم تمس القيادة الروحية في التبت متمثلة في الدالاي لاما، فإنها كانت على بُعد خطوة لإيقاف الثورات المستمرة التي قامت بها مجموعات التبت في تلك الفترة، خاصة أن الدولة في ذلك الوقت اختارت المسار التوسعي للحيلولة دون ظهور النفوذ الأميركي المعادي في أي نقطة إستراتيجية خاصة بالصين.

الدالاي لاما

سقط 86 ألف قتيل من التبت في المواجهات مع الصين، فكانت الخطوة التالية هي إرسال فِرَق مسلحة ومدنية إلى القرى كافة لخلق حالة من الاستقرار الاقتصادي بين مجموعات التبت في تلك القرى، وعلى الرغم من ذلك الوجه السياسي الطيب لتلك التحركات، فقد كان الغرض بشكل واضح هو بناء قاعدة شعبية شيوعية داخل الأراضي التبتية، وهو ما كان تحديا صعبا أمام الصين.

جاءت الخطوة التالية في خطوات الصين الفعلية لتغيير الواقع التبتي وخلق حالة جديدة تتناسب مع الإستراتيجية الصينية، وهي إغلاق الأديرة البوذية للتبت كافة، وتسليم أراضيها إلى طبقة الفقراء التبت التي عثرت عليها الصين عبر بحثها في المقاطعات الواقعة داخل الأراضي التبتية كافة، وكمحاولة لاستنساخ التجربة الصينية التي جذبت الكثير من الصينيين خلال الثورة الشيوعية ضد القوميين الصينيين والنخبة القديمة، ومن هنا حققت الصين نقطتين مهمتين، أولاهما استغلال الخلافات الخفية بين الكهنة البوذيين وبين العامة لكسب شريحة جديدة داخل أراضي التبت، وفي الوقت نفسه تدمير المرجعية الدينية لدى الطائفة بالكامل، وبداية تكوين انتماء جديد يتوافق مع التصور الصيني.

هناك مفهوم شائع لدى البعض وهو أن تركستان الشرقية أو ما يُعرف بـ "سنجان" كما تسميها الصين مدينة صينية، وأن التركستان صينيون، لكن الحقيقة أن تركستان طوال تاريخها لم تكن جزءا من الصين، فهي مدينة ذات سيادة مستقلة، ولها لغة خاصة وتقاليد اجتماعية وموروث عقائدي وثقافي وانتماء ديني، وهو جزء أصيل ومهم في تلك الأزمة.

فقرار الصين بالاستيلاء العسكري والسيطرة على المدينة وتسميتها بـ "سنجان" أو شينجيانج، وهو بالصينية يعني الحدود الجديدة، كان لأغراض تجارية، فالمدينة (1) تقع على الحدود مع 8 دول مما يجعلها مركزا حيويا مهما في مشاريع الصين الاقتصادية التوسعية، لكن حركات التحرر والمناوشات بين الطرفين شغلت حيزا كبيرا في تاريخ المواجهة بين الإيغور كأقلية دينية تحيا في مقاطعة تشترك مع الصين في الحدود ذاتها وبين الصين كقوة جديدة ترغب في فرض نفوذها السياسي والاقتصادي، فقررت الصين في نهاية ذلك المسار أن تنتهج طريقة جديدة تضمن لها القضاء على الحركات التحررية في الإقليم وخلق وضع جديد حتى لو كان ذلك بصورة إجبارية.

بدت المنهجية الصينية الجديدة في تحويل الإيغور إلى مواطنين شيوعيين صينين جدد عبر بناء معسكرات إعادة تأهيل في المنطقة، يتلقى بداخلها مليون مواطن من الإيغور عملية غسيل مخ إجباري، يتخللها تناول عقاقير تتسبب في الموت البطيء للنساء والرجال بجانب تسببها في التعقيم الإجباري للكثير منهم، بجانب عزل الأطفال عن ذويهم (2) ووضعهم في مدارس داخلية لتعليمهم المبادئ الشيوعية الصينية ونزع الهوية الإسلامية منهم بشكل كامل.

جرى مشروع الإبادة الثقافية في الإقليم على نحو غاية في القوة والتعسف، عن طريق إجبار الموجودين داخل المعسكرات على ترديد أناشيد وشعارات الحزب الاشتراكي الصيني (3)، في الوقت نفسه الذي يُجبَر فيه مَن هم خارج المعسكرات على البقاء مع مندوب تُعيّنه الحكومة الصينية يعيش داخل ذلك المنزل طوال الوقت، لضمان التأكد من امتثال الإيغور في منازلهم للتعاليم الصينية الجديدة والتنازل التام عن أي تعاليم أو تقاليد أو أفكار تخص الإسلام.

أحد التصرفات التي عمدت الصين إلى اتباعها في مسألة الإبادة الثقافية للمسلمين الإيغور هو إجبار النساء اللواتي يخضعن للرقابة من الحزب الشيوعي (4) على مشاركة الفراش مع مندوبي الحزب، دون أن يكون هناك إجبار على الخوض في علاقة جنسية، وذلك فقط حتى يتحطم ذلك الساتر النفسي الموجود عند النساء المسلمات من الإيغور اللواتي يرفضن الارتباط بالصينيين بسبب المانع العقائدي. اللافت في الأمر أن كل المحاولات الصينية التي تجري في الإقليم لا يمكن التحدث عن مدى نجاحها أو فشلها، فالأقليات المسلمة هناك ما زالت تتعامل مع الموضوع بصورته القمعية الحية، لكن دون أن تكون هناك نتيجة معلنة بالاستسلام أو بالمقاومة.

بإمكاننا القول في النهاية إن عمليات الإبادة الثقافية التي يمكن أن تبدو مجهولة بالنسبة للبعض ومغطاة تحت ستر العمليات العسكرية القمعية تبدو حاضرة طوال الوقت وفي النقاط كافة على خريطة العالم بشكل أو بآخر، ولا يمكن التنبؤ بنهايتها قريبا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي