"سوادي جمالي".. تثور على التّهميش والعنصرية

2021-08-01

غلاف الرواية

محمود اسماعيل بدر

تشهد الحركة الروائية النّسائية في السعودية حالة خاصة من الازدهار، وبخاصة في السنوات الخمس الأخيرة، حيث انفتاح ثقافي وأدبي غير مسبوق، حيث برزت أسماء تخوض عالم القصّ والسّرد بحرفية وامتياز، وبعض هذه الأصوات سعى إلى التّعبير عن مشاكل وهموم اجتماعية وذاتية، وبعضها بدا وكأنه يريد اللّحاق بركب

الرواية العالمية من حيث «الثيمات» والأطروحات التي تحمل إشكالياتها، والعناية بالجماليات الفنيّة والبناء السّردي، ومن ذلك تعبير الكاتبة والاعلامية السّعودية فاطمة آل عمرو، في روايتها الجديدة بعنوان «سوادي جمالي» الصادرة قبل أيام عن الدّار العربية للعلوم «ناشرون»، وتصميم الغلاف للإعلامية السودانية تسنيم

رابح، وهي عمل إنساني أدبي رفيع، يلفتنا إلى قضايا تنبش في عوالم التّهميش والعنصرية، وبعض حواف من التّنمر، وهي في الواقع قضايا عالمية تشغل بال المشتغلين في حقل الأدب والرواية.

أما بطلة آل عمرو في روايتها فهي فتاة سوداء تدعى «جميلة»، شخصية قوية، مختلفة، ذات إرادة حديدية، غير عابئة بعنصرية الإنسان والمكان والزمان، تمضي قدما نحو التميّز والاختلاف، وكلّ ما من شأنه أن يحبط عزيمتها ويعرقل طموحها، لتحقق في النهاية ذاتها، ناجحة ومنفردة، وليست أنثى منبوذة.

تقول آل عمرو صاحبة رواية «اغتيال صحافية» عن روايتها الجديدة «سلّطت المزيد من الأنوار الكاشفة على التفاصيل الحياتية للبطلة، كما رصدت مسيرة كفاحها الدّامي في كافة مراحله، بجرأة ولغة تتناغم مع شخصيتها المتمردة، مكنتها من أن تعرّي عنصرية بعض النّماذج التي التقت بها، في ظلال تصوير إنساني لمفهوم الألم،

دون الحاجة إلى مفردات باكية، مشحونة بالحزن العميق، بقدر ما تحتاج المواقف إلى سرد حقائق ومعلومات وسرديات ذات شفافية»، لكنها في ذات الوقت لعبت في خانة اعتماد أسلوب السخرية في مواقع عديدة من هذا النّص الباذخ الماتع، دون إسقاط القارئ في الملل أو النفور.

تنفرد رواية «سوداي جمالي» التي ترصد لنا صورة المرأة المثقفة الناضجة، بتغريدها خارج تجارب الروايات النّسوية في المملكة، بتحليقها في عوالم الإعلاء من شأن الإنسانية، وحضور قوي للشخصية المهمّشة، بلغة تعبيرية جريئة قلما لمسناها في كثير من الروايات التي خاضت في مثل هذا الموضوع، مخترقة الكاتبة بعناية

وحداثية منضبطة أسجية الذوق التي نصبها المجتمع لحماية واجهته البرّاقة، لا سيما وأن مثل هذا الموضوع بقي لعقود طويلة من عمر الرواية الخليجية مسكوتاً عنه، حتى ظهر بوتيرة لافتة في السنوات الأخيرة، في خضم موجة حرية التعبير، ونسمع في السياق مناجاة البطلة في شكل مونولوج داخلي أقرب إلى المسرح: «انتابتني لحظات ألم كثيرة، خصوصا عندما أتعرض وأهلي لمثل هذه المواقف، لا ذنب لنا فيها، سوى أننا «تكارنة»

كما يقولون، ونحن لسنا كذلك، أنا أحبّ سوادي، لكن ماذا لو خيّرني الله هل كنت سأختار هذا اللون؟، تقتلني الحيرة بين لون بشرتي التي أحبها وبين لون بشرة آخر كان سيجنبني تندّر الآخرين، ورغم ذلك كنت دائما أحصّن نفسي بالأمل ومستقبل أصنعه لنفسي لا يشبه أحدا غيري».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي