الأزمة تتفاقم في لبنان مع اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة

2021-07-16

تخلى الزعيم السُني اللبناني سعد الحريري أمس الخميس عن جهوده لتشكيل حكومة جديدة، مما يقلص أكثر من أي وقت مضى فرص التوافق على حكومة في أي وقت قريب للبدء بإنقاذ البلاد من الانهيار المالي.

وأعلن الحريري قراره بعد لقائه بالرئيس ميشال عون قائلاً إن "من الواضح أنهما لم يتمكنا من التوافق، مما يبرز الانقسامات السياسية التي أعاقت تشكيل الحكومة حتى مع غرق لبنان لمستويات أعمق من الأزمة".

وتم تكليف الحريري بتشكيل حكومة في أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، عقب استقالة حكومة رئيس الوزراء حسان دياب في أعقاب الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، والحريري رئيس وزراء سابق وهو السياسي السني الأبرز في البلاد.

وبعد إعلانه الاعتذار، أغلق محتجون من أنصار الحريري بعض الطرق في المناطق ذات الأغلبية السُنية ببيروت وأشعلوا النار في صناديق القمامة وإطارات المركبات، وأظهرت لقطات تلفزيونية مباشرة انتشار قوات الجيش وإطلاقها النار في الهواء لتفريق المحتجين الذين رشقوا الجنود بالحجارة ومقذوفات أخرى، وقال مصدر أمني إن جندياً أصيب.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن الإخفاق في تشكيل حكومة لبنانية جديدة أمر مروع وانتقد الطبقة السياسية التي تحكم البلاد بأكملها، وقال للصحفيين في الأمم المتحدة في نيويورك "هذا مجدداً حدث مروع آخر، هناك انعدام تام للقدرة لدى الزعماء اللبنانيين على التوصل لحل للأزمة التي تسببوا فيها".

وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط إن تبعات الأمر ستكون خطيرة، ويواجه لبنان انهياراً اقتصادياً وصفه البنك الدولي بأنه أحد أسوأ حالات الركود في التاريخ المعاصر، ودفعت الأزمة المالية أكثر من نصف السكان إلى دائرة الفقر، وشهدت تراجع قيمة العُملة بأكثر من 90% خلال نحو عامين وتنامت المخاوف من اضطرابات اجتماعية.

ويمثل قرار الحريري ذروة أشهر من الصراع على المناصب الوزارية مع عون رئيس الدولة المسيحي الماروني المتحالف مع حزب الله الشيعي المدعوم من إيران، وتبادل الحريري وعون إلقاء التهم على بعضهما البعض.

وقال الحريري لقناة الجديد اللبنانية في مقابلة بعد ساعات من قراره إنه لا يمكن أن يطلب منه أن يفعل كل ما في وسعه بينما الطرف الآخر لا يريد أن يضحي بشيء، وأضاف أن الرئيس عون لا يزال يصر على الثلث المعطل وأن حزبه لن يمنح الحكومة الثقة بما يشكل عقبة رئيسية.

الله يعين البلد

وقال الحريري إن عون طلب تعديلات جوهرية في التشكيلة الوزارية التي قدمها أول أمس الأربعاء، وأضاف للصحفيين بعد اجتماع مع عون بالكاد استمر لمدة 20 دقيقة "واضح أننا لن نستطيع أن نتفق مع فخامة الرئيس، فلذلك قدمت اعتذاري عن تشكيل الحكومة والله يعين البلد".

وأوضح "وخلال الحديث مع فخامته، طرحت عليه أنه إذا كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يفكّر بالتشكيلة، فقال لي إننا لن نتمكن من التوافق".

وقالت الرئاسة في بيان إن الحريري رفض مناقشة أي تعديلات واقترح على عون يوماً واحداً إضافياً لقبول التشكيلة المقترحة لكن الرئيس قال "ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلاً".

وأضاف البيان أن الرئيس سيحدد موعداً لإجراء استشارات مع النواب لاختيار رئيس وزراء جديداً في أقرب وقت ممكن، وأشار الحريري في المقابلة مع تلفزيون الجديد فيما بعد إلى أن تيار المستقبل لن يسمي أحداً في المشاورات المقبلة مع النواب اللبنانيين لاختيار رئيس وزراء مكلف جديد.

ولكن لا يوجد بديل واضح لتولي المنصب الذي ينبغي أن يشغله مسلم سُني وفق النظام الطائفي في لبنان، ويشكك محللون في أن أي سياسي سُني سيقبل بهذا الدور دون مباركة الحريري.

ويظل حسان دياب رئيس الوزراء حكومة تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.

الأزمة خارج السيطرة

ويشكل الانهيار الاقتصادي أسوأ أزمة يشهدها لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وقال مهند الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط إن "الوضع الأمني يقترب من نقطة الانهيار"، وأضاف "هذه دولة لها تاريخ من العنف وأرى هذه الأزمة تنحدر ولا يوجد من يكبح جماحها".

وتمارس الحكومات الغربية ضغوطها على الساسة اللبنانيين لتشكيل حكومة يمكنها الشروع في إصلاح الدولة التي ينخر فيها الفساد، وتهدد بفرض عقوبات وتقول إن الدعم المالي لن يتدفق قبل بدء الاصلاحات.

ولكن باستثناء حصول تحول جذري في المشهد السياسي، يقول سياسيون ومحللون إنه يبدو أن تشكيل حكومة قبل الانتخابات البرلمانية العام المقبل بات بالغ الصعوبة الآن.

وقال صرافون في السوق السوداء عقب الإعلان، إن العملة اللبنانية شهدت تراجعاً جديداً حيث تم تداول الدولار بأكثر من 20 ألف ليرة مقارنة مع نحو 19 ألفاً في وقت سابق من صباح أمس.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي