لوموند: تيغراي.. ضحية المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا

2021-07-03

آبي أحمد واسياس أفورقي

قالت صحيفة لوموند ديبلوماتيك (Le Monde Diplomatique) الفرنسية إن تورط القوات الإريترية في الحرب بإقليم تيغراي، وهو ما تكتمت عليه السلطات الإثيوبية منذ الأيام الأولى للصراع، يظهر "لعبة جديدة" سياسية ودبلوماسية دخلت فيها أديس أبابا.

وذكرت المجلة -في تقرير مطول للكاتبين لورا ماي جافيرو ونوى هوشيت بودين- أن إقليم تيغراي شكل مسرحا "لانقلاب مذهل" في التحالفات العسكرية بين الدولتين الجارتين خلال الحرب الأخيرة.

فقد حظيت أديس أبابا خلال صدامها العسكري مع مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بدعم أسمرة، التي كانت يومًا ما مقاطَعة تابعة لها ونالت استقلالها عن إثيوبيا عام 1993، بعد حرب استمرت عامين قامت فيها الجبهة التي كانت حينها في السلطة بدور محوري.

إشارات تحذيرية

وقد وردت أولى "الإشارات التحذيرية" -تضيف الصحيفة- بالنسبة للجبهة في يوليو/تموز 2018 حيث توصل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بتشجيع من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات -المتحمسين لتهدئة الأوضاع في البحر الأحمر- إلى اتفاق سلام مع أسمرة لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين "أعداء الأمس" بعد 20 عاما من الحرب الباردة.

وقد نفى آبي أحمد لعدة أشهر أي تورط عسكري إريتري في حرب إقليم التيغراي، كما لم تعترف أسمرة بأي وجود عسكري لقواتها على الأرض إلا في 18 أبريل/نيسان الماضي في رسالة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

كما فضحت صور التقطها لاجئون من الإقليم -بهواتفهم المحمولة- وجود جنود إريتريين على الأرض عبر التعرف على لهجتهم رغم أنهم كانوا متنكرين بالزي العسكري الإثيوبي.

ويرى رولاند مارشال، أستاذ علم الاجتماع والخبير الفرنسي في شؤون القرن الأفريقي، أن إنكار إثيوبيا للوجود العسكري الإريتري كان أمرا سخيفًا في نظر الأطراف الغربية، لكن العديد من مؤيدي أديس أبابا بقوا رغم ذلك على موقفهم المؤيد للرواية الإثيوبية خاصة أن آبي أحمد لم يكن مستعدا للإقرار بالحقيقة منذ الأيام الأولى للصراع.

ويضيف "كان ذلك الاعتراف سيعني بكل بساطة أن آبي تخلى عن أحد أبرز أهداف مغامرته الحربية في تيغراي -وهو استعادة سيادة أديس أبابا على الإقليم- للرئيس الإريتري أسياس أفورقي".

ويعني هذا الأمر -يؤكد الباحث الفرنسي- أن أفورقي كان سيخرج رابحا من الأحداث الدائرة في الإقليم من خلال رد الصاع صاعين لأعداء الأمس (جبهة تحرير تيغراي) الذين كانوا صناع هزيمة بلاده المذلة أمام إثيوبيا خلال عام 2000.

ويعتقد مارشال أن جميع الأطراف كانت تريد خوض المعركة في الإقليم "لذلك كانت الحرب متوقعة أو بالأحرى حتمية"، خاصة أن آبي تعهد منذ انتخابه بوضع حد للقبضة الخانقة التي مارستها نخب تيغراي على إثيوبيا منذ سقوط "ديرغ" (Derg) أي "الحكومة العسكرية المؤقتة لإثيوبيا الاشتراكية" عام 1991 ومؤسسها منغستو هيلا مريام.

 

ويؤكد دبلوماسي أميركي للصحيفة أن إثيوبيا كان بإمكانها أن تؤكد مكانتها بوصفها لاعبا جيوستراتيجيا رئيسيا في المنطقة نظرا لموقعها الجغرافي وتاريخها، لكنها للأسف أساءت لعلاقاتها مع جميع حلفاء الأمس.

عزلة دبلوماسية

في الأثناء -تضيف الصحيفة- لا يخفي أسياس أفورقي المدعوم من الإمارات طموحاته الإقليمية، وقد استغل "الديكتاتور الإريتري" تقاربه مع أديس أبابا ودعمه لها في حربها على تيغراي من أجل كسر عزلته الدبلوماسية من دون الاضطرار للرضوخ إلى الضغوطات الدولية والانخراط في طريق التحول الديمقراطي.

ويبدو أن أديس أبابا راضية عن "سلام بلا مضمون" مع جارتها الشمالية، حتى أن الطرفين لم يقوما حتى اللحظة بالاستثمار في ميناء عصب على البحر الأحمر -وهو موضع خلاف بين البلدين منذ عام 1998- رغم أن إعادة فتح هذه الواجهة البحرية كانت الثمرة الرئيسية المحتملة للسلام بينهما.

وتختم الصحيفة بأنه فيما يتعلق بحرب تيغراي، هناك مخاوف حقيقية من أن يطول الصراع ويتأزم أكثر خاصة أن كلا من أديس أبابا وأسمرة لهما مصلحة في إبقاء قواتهما العسكرية في المنطقة، وأن مقاتلي جبهة تحرير تيغراي استطاعوا التأقلم مع ظروف الحرب وباتت لديهم خبرة لا يستهان بها في إدارة المعارك بالجبال والأدغال.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي