قصائد الشاعرة " ميمي أدويشو " إنقباض للروح وتهميش للذات في ديوانها " لحى محناة بطمث النكبة "

2021-07-01

قاسم ماضي – ديترويت

قصائد طوال إشتغلت عليها الشاعرة من الأعماق " ميمي أوديشو " ونسجت لنا عوالمها المكتنزة بهواء الروح ، وهي تتطلع إلى جزء من هذا العالم ، فالشعر يصنع نفسه بنفسه ، وينسج ثوبه بيديه وراء ستائر النفس " وأن تعاطي الشاعرة " ميمي أوديشو " وما يجري من حولها يتم من خلال رؤيتها للواقع وحوارها معه ، وهي بذلك تحاول خلق فضاءات جمالية وذات مضامين إنسانية ، مستغلة قابليتها اللغوية المكثفة التي تستفز الأمكنة ويخرج منها ما تقدر عليه من طاقة تصب في منجزها الشعري .
" كالرياح بلا منزل ، حملني الزمن حقيبة قدر ، زجني في أحذية من أسى ، تجرني نحو الشمس أخطو بجسد أنهكه الغروب ، وشعور صلبَه الهروب ، ص 106
فالشاعرة همها الأساسي هو التركيز في هذه المجموعة على الفكرة التي تصوغها عبر إحساسها وخلجاتها وكذلك تعبيراتها الوجدانية واللغوية ،حيث جاءت قصائدها لفك هذا اللغز المحير من الهموم في أرض المعمورة ، وهي شخصت هذا الواقع المرير الذي لحق بنا جميعا ،انطلاقأ من مفاهيم سبقتها وتفاعلت معها وهنا أوكد دور الشاعر والفيلسوف والكاتب والروائي الأمريكي من أصل إسباني يرى مفهوم الجمال " بأنه لذة تحولت موضوعا "
"ترسم الوطن مقبرة جماعية ، الجثث فيه تبحث في اكوام الكذب عن صدفة ، لسجن الحكمة في أقفاص الزندقة " ص121
حول الكثير من المآسي التي تحاصرها وتحاصر كل من حولها ، وهي تشتغل بذكاء لفرط حبها لهذا العالم الذي أرادته أن يكون كما تريد ، وهي تطلب المستحيل ، في ظل التعسف والسيطرة واللجوء إلى القوة تحت أرادات لا تراها العين البشرية ،
" الوطن فم مكتوم بخطوة المهاجرين ، نحو كهف السماء المفتوح ، ص278
وهي الهاربة من وطن يستصرخ من الآهوال والعذابات التي مورست بحقها ، مما دعاها إلى رسم معالمها التي تخص كيانها الصارخ لما لحق بنا وبها ،لكن مراد هذه الشاعرة في الديوان المعنون " لحى محناة بطمث النكبة " وهو من القطع الكبير ، ويقع في 395 صفحة ،
" هو كالفلاح يحتفل بمنفاي ، يتلذذ بآهات الاه ، وانا كالوتر المجلود بريشة "248
هو إستجابة للواقع المزري الذي تعيشه البشرية ،وكعادتها تمزج بين الإضطراب في الخارج ، واضطرابها النفسي في الداخل ، من خلال ما اختزلته الشاعرة " ميمي أوديشو " من حكمة ومن دهشة عبر صورها الشعرية الفلسفية التي إنطلقت منها .
" أحشاء حلمي في إنقباض ، والوحي المنتفخ يؤلمني " ص179
ولا يخفى على قارئ هذا الديوان والذي يضم بين دفتيه قصائد قصار، وقصائد كبار ليأخذك إلى مديات فيها من التعب الكثير ، والأسئلة المتكررة حتى توصل فكرتها المطعمة بالوعي المحسوب لدى هذه الشاعرة البارعة ، بعد هذه التأملات الحسية لهذا الواقع المضطرب والمشين الذي تعيشه الشاعرة ،فلسفتها في المجتمع والحياة والوجود هي فلسفة سوداوية في معظم قصائدها في هذا الديوان ، ان كان الشعراء يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم .
" أنا الشمعة ،والشمعدان وطني ، وضعني الكون فيه ، لأذوب ، وغيري يستنير " ص389
كما أرادتها ليس هذا فقط ،بل تتجاذب معك أطراف الحديث عبر لغة شعرية مكثفة ، وفيها من المجاز الكثير ومفعمة بالدلالات الكثيرة ذات الخزين المعرفي ، هذه الشاعرة تشتكي وهي حاملة راية الحب والسلام لما حولها ، أنها تدخلك في اعماق النفس البشرية الخفية والمخبأة لمشاعر هذا الإنسان باعتبار الشعر يستنهض القيم والمعاني .
العناوين ندب للبيع ، نشتريها بعبرة ، كل حسب جرحه " ص4
يتشكل شعورها عبر الدخول إلى هذا العالم وأقصد عالمها الشعري ، فأرادت لقصائدها هي قول الفصل حتى تولد لنا صورا حسية واقعية أو غير واقعية ، مصحوبة بآنين صوتها البشري الذي أرادته هي ، وتشكل عبر خريطتها الشعرية معالم ما تمر بها من واقع مظلم تستغيث من هذا الواقع ،
" وفكري ساحة اجتماعات لنداءات جريحة ، فيها الضماد كاتم عميل للحكومة " ص11
فهي بارعة ومتأملة لذاتها وما يحطيها ، ولأن الشعر والفلسفة هو تاريخ من الحكمة والجنون ، ولأن الفلسفة بدأت شعراً وهي بحثها عن أصل الكون والأشياء ، لهذا ظلت تطرح أسئلة كثيرة وهي ثمة محاولة للإجابة عن هذه التساؤلات الكثيرة ، من أجل ايصال صوتها الشعري عبر تلك المشاهد المنطبعة في ذاكرتها حتى تعطينا شكلا واقعيا ممزوجا بأحلامها التي عبرت عنها بلوحات حية متغيرة حسب الأمكنة لتشكيل مشهدها الشعري .
وأمام الجلاد ، وفي حضرة الطغاة ، نصرخ ، عاش السلطان ، عاش ، عاش ، والروح خلف الأضلع " ص8
وهذه المحاولات في قصائدها هي إعادة تشكيل العالم وفهمه ، مستفيدة من الفلاسفة الذين سبقوها بإعتبار الشعر والفلسفة تكاد تكون واحدة ، والفلسفة هي المعرفة والكشف عن الحقيقة " وكما يقال " تأسيس الموجود بما هو موجود "
بيني وبينك ، كالذي بين الصليب والمسامير ، مسافة أضحية "
قال عنها الكاتب " حيدر الأسدي " ميمي أدويشو " قروية مندهشة بالعالم و قوانينه دائمة الرغبة بمعرفة من خلف الكواليس ؟ وهي قارئة عطشى لفكرة ما ، ولنقل الوطن " وهي حاضنة ومتلبسه به ، فالشعر بالنسبة لها ذو أهمية كبيرة ، كونه يستوعب كافة الخصائص الأصل العربي وهو يستوعب النضج اللغوي والكمال الفني .
"الاهات بالتعجرف ، والا نهيار بأتربة رجولة ، هذه آيات الأبواب ، الموصدة في وطني "










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي