كلَّما سَحبنا حلماً تمزّق

2021-06-28

جزء من "داريوس" لـ هوغيت كالان، أكريليك وأقلام على قماش، 2009

مِزَقُ أحلام*

 

مِشجبُ الوقتِ

حيثُ علّقنا أحلامَنا والطّفولة

نسيَ عليهِ النجّارُ مسماراً نصفَ مطروقٍ

كلَّما سَحبنا حُلماً تمزَّق

وكلَّما

مرَّ في الحنين شيءٌ من الطُّفولة

آلَمَنا مسمارٌ في الذّاكرة.

▪▪▪

ليسَ بما يكفي

لم نعِش بِما يكفي

حتّى يتسنّى لنا

تسديد رُمحٍ

بدقّةٍ فائقة

تجاهَ الحياة.

لم نعِش بما يَكفي

حتّى يتسنَّى لنا

تفادي الرّمح

الذي تسدِّدهُ

تجاهَنا

بكلِّ دقّة

هذي الحياة.

▪▪▪

شيخوخة

الفتاةُ المبتسمةُ على طولِ الألبوم

كلَّما رأتْ عينَي العجوز التي تتفحّصُها

طفلةٌ شابة

بكلِّ تلكَ الحَسرة

زمّت شفتيها

وبكَت.

كلّما ضجَّ في القبوِ

صدَى كحّة العجوزِ المُتعبة

في صمتٍ

انفتح صندوقُ الموسيقى

ودارتْ على نفسِها

دُماها القديمة.

حينَ وصلَ الكهلُ متأخرّاً إلى المحطّة

وكانتْ كلُّ القطاراتِ قد غادَرت

ودّ لو يمسكُها مِن فوق

ويعيدُها

لكنّ العمرَ كالقِطار

لا يلتفِتْ.

▪▪▪

زمنُ البُلوغ

 

ناصعةً كانت أيّامُنا

في الطّفولة

كالقطنِ من يدِ أمٍّ

إلى ابنتِها

في سنِّ البُلوغ.

ناصِعةً كانتْ أيّامُنا

يَا لَآلامِ القُطنِ

يا أمّي

بعدَ البُلوغ.

 

▪▪▪

نصفُ العُمر

بالأمسِ

سقطَ منّي نصفُ العُمر

كنتُ أحسبُ أنّي أحكمتُ لمَّهُ في الصرَّة

داخلَ جيبِ البنطلون الصّغير

عدتُ أبحثُ عنهُ

ممسكاً بالنِّصف المتبقّي

ها عُمري

نصفٌ فقدتُهُ

ونصفٌ إلى الخَلف.

▪▪▪

 

الإطارُ قبرٌ للميت

على الجدارِ ألصَقوا صورَتي

بدلَ وضعِها في إطارٍ مِن زُجاج

قالوا هكذَا أفضَل

حتّى إذا مدّتْ ابنتي الصُّغرى يَدَها

لتلتقطَ يَدِي

ضجَّ في ليلِ المقبرةِ

صوتُ قُبلتِها.

حينَ علّقوا صُورَتي

بالأبيضِ والأسوَد

كأنّهم ربَطوني إلى عمودٍ

كلّما حاولتُ أنْ أمشيَ

شدَّني الدّهان.

صَنَعوا ثُقباً في الجِدار

ليُعلِّقوا صورَتي

ولمّا اقتَنَعوا بإلصاقِها بَدلاً عنْ ذلكَ

جعَلوا الثُّقبَ تماماً

وسْطَ قلبي

حيثُ مرَّت ذاتَ يومٍ رَصَاصة.

قُبالةَ صورَتي على الجِدارْ

وضَعوا مرآةً

أنظرُ

ينظرُ

أيُّني هُوَ

أسألُ:

لماذا لستُ أكبُر!

في القبرِ

يفتخِرُ المَوتى

أنَّ لهُم في الحياةِ جداراً

عليهِ تُعَلَّقُ صورُهم بإطارٍ فاخرٍ

أتساءلُ:

تُرى هلْ تفتخرُ الجدرانُ

حينَ تحملُ في كلِّ إطارٍ

قبراً

لميْتٍ.

 

▪▪▪

ساعة

السّاعةُ المتوقّفةُ على الجِدار

ترى

كلّ ما في الغُرفة

يتحرَّكُ.

ساعتي:

شاخَ مِنها عكّازُ الوقتِ

أرخى جسدَ الزّمنِ قبضتهُ

داخَ الدَّوران.

 

  • شاعر من المغرب

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي