الفن وظلاله

2021-06-23

 فن أندي وارهول يشبه الولايات المتحدة في جانبها السطحي المبتذل

فاروق يوسف*

قدّم الفنان الأميركي أندي وارهول (1928 – 1987) صورة متناقضة ومربكة للفنان في عصرنا.

فبقدر ما كان فنه شعبويا وعلى درجة عالية من الابتذال والتبسيط والسطحية والمباشرة، بقدر ما كان يمارس نوعا من التعالي استمدّه من كونه نجما اجتماعيا حشر نفسه بين صف موجهي الرأي العام الكبار في العالم.

كان يعتمد في فنه على تقنية يمكن أن يتعلمها أي إنسان بغض النظر عن مستوى موهبته ودرجة تعليمه. كان ينقل صورا ولم يكن يتخيلها. غير أنه كان يعتبر نفسه مخترعا لاتجاه في الرسم الغربي لم يسبقه إليه أحد.

وهكذا أخذ النقاد ينظرون إليه بسبب طغيان شهرته ودعم كبرى المؤسسات الفنية له. لم يجرؤ أحد على أن يصنفه باعتباره مجرد هاو يقوم بنسخ الصور الفوتوغرافية.

لنتذكّر هنا صور إليزابيث تايلور ومارلين مونرو والزعيم الصيني ماو وإلفيس بريسلي. لم يكن هناك شيء خارق.

صور نفّذت كما هي بتقنية الطباعة الحريرية. غير أن تلك الصور حين ذيلها وارهول بتوقيعه صارت المتاحف العالمية تتسابق من أجل اقتنائها، وحين يحصل مزاد فني على واحدة منها فإنها كانت تُباع بمبلغ خيالي.

هل صنع وارهول بتعاليه أسطورته التي لا يمكن أن تُخترق؟ شيء من هذا القبيل لا يمكن القبول به. لولا أن ذلك حدث في الولايات المتحدة، بلد الحقائق والأكاذيب الكبيرة معا.

الولايات المتحدة التي وهبت العالم فنانين كبار من نوع روشنبرغ وجاسبر جونز وروثكو وجاكسون بولوك ووليام دي كونغ وآرشيل غوركي يمكنها في الوقت نفسه أن تضع فنانا متواضع الموهبة مغرورا من نوع وارهول بين فنانيها الذين تُفاخر بهم. بل إنها صدّرت فن وارهول أكثر من أن تصدّر فن أي من فنانيها الكبار واعتبرته بضاعتها التي لا يمكنها أن تتنازل عنها.

وإذا أردنا الحق فإن فن وارهول يشبه إلى حد كبير الولايات المتحدة في جانبها السطحي، العدواني المبتذل والخاوي من أية قيمة إنسانية عليا.

قلّد الكثيرون عبر العالم وارهول تقنية وسلوكا غير أنهم فشلوا في الحصول على جزء ممّا حصل عليه من المال والشهرة.

تبيّن لهم بعد أن فات الوقت أن الشهرة أحيانا لا تتعلّق بحجم الموهبة وقوة الخيال بقدر ما تعتمد على خطط المؤسسة الفنية التي قد لا تفكر إلاّ بجني المال.

 

  • كاتب عراقي

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي