"سلاح غير مرخص".. أورويل تنبأ بالحقائق البديلة وترامب قاد جوقتها

2021-06-14

لا تغيب المسحة الثقافية عن هذا الكتاب مع أنه معني أكثر بالصحافة والموقف السياسي منها، عندما يجمع شظايا معارك الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع وسائل الإعلام.

الكتاب هو «سلاح غير مرخص: دونالد ترمب قوة إعلامية بلا مسؤولية» للصحافي العراقي كرم نعمة، الصادر قبل أيام عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» في بيروت، والذي يعرفنا كيف منح «تويتر» الرئيس الأميركي منفذاً فريداً للتعبير عن نفسه كأقوى رجل في العالم، من دون قيود بروتوكول الرئاسة. وكان يفرض شروطه الخاصة على أي حوار يريده مع كل الأطراف داخل وخارج الولايات المتحدة، بتغريدة مقتضبة.

لقد فضّل ترمب حسابه الشخصي على «تويتر»، كما يذكر المؤلف، وليس حسابه الرسمي، للتعبير عن أفكاره، فاصلاً بذلك خطابه الشخصي عن واجباته الرسمية رئيساً. وهو قد استخدم «تويتر» سلاحاً ضد منافسيه، ومسدساً مرخصاً لإطلاق النار على مساعديه ووزراء في الحكومة وأعضاء في الكونغرس. وفي حقيقة الأمر كان «تويتر» قنبلة يدوية يمكن أن يلقيها على المشرعين الذين يتجاوزونه والصحف التي تثير استياءه، والأهم من ذلك كان وسيلة لبث الحماس في مناصريه الشعبويين.

يعود كرم نعمة إلى رواية جورج أورويل «1984» ليصل إلى أنه تنبأ بالحقائق البديلة بينما قاد دونالد ترمب جوقتها، مشيراً إلى أن العبارات والمفاهيم التي سبكها أورويل أصبحت تركيبات أساسية للغة السياسية والإعلامية، ولا تزال حاضرة بقوة بعد عقود من الاستخدام، فلم تصدأ كلمات مثل «سوء الاستخدام»، و«الجريدة الرسمية»، و«الأخ الأكبر»، و«رجال الفكر»، و«الكراهية»، و«التفكير المزدوج»، و«انعدام الشخصية»، و«الذاكرة المثقوبة»، و«وزارة الحقيقة»… إلخ، بينما تحوّل بطل رواية «1984» إلى مرادف لكل ما يكره ويخشى منه.

لكننا سنعرف لاحقاً، كما يضيف نعمة، أن تصريحات ترمب زادت بشكل كبير من توزيع رواية «1984»! فخلال خطاب ألقاه ترمب في يوليو (تموز) 2018 قال: «ما تراه وما تقرأه ليس ما يحدث».

لذلك؛ حسب رأي كرم نعمة، مدير تحرير جريدة «العرب» اللندنية، لا يمثل نموذج ترمب مثالاً سياسياً يعود له التاريخ كلما أراد أن يقدم عبره للناس، لكنه يكاد يكون أفضل النماذج التي تبحث عنها الصحافة لصناعة قصة تدور من دون أن تثير الملل، حسب تعبير نعمة، ترمب قصة صحافية متجددة، سواء أكان بتغريداته المقتضبة أم تعليقاته الجارحة والفاقدة الكياسة، أم إيماءاته المعبّرة عن الاستغراب والرفض، وأخيراً بمصافحاته المتوترة، أو المتجاهلة أكف الزعماء الممدودة وإن كانت أمام العدسات.

ويذكر المؤلف أن دونالد ترمب ليس أول رئيس أميركي يهاجم الصحافة أو يعاملها بشكل غير عادل، لكنه أول رئيس كانت لديه سياسة محسوبة ومتسقة تقوض الشرعية؛ بل وتعرّض عمل الصحافة للخطر. ويرى أنه لم تكن من مهمة الصحافة إنقاذ الولايات المتحدة من ترمب، بل مهمتها الأساسية هي أن «تقوم بالإبلاغ والتعمق والتحليل والتدقيق بأفضل ما تستطيع ودون خوف وفق تعبير صحيفة (الغارديان) البريطانية».

وهكذا يستمر الكتاب في حزمة مقالات وبلغة أدبية لا تخلو من الإيحاء والتساؤل، في إثبات أن الرئيس دونالد ترمب كان يعيش أجواءً مشوشة في استخدامه مصطلحاً ممهوراً باسمه عن «الإعلام عدو الشعب»، لأنه كان يتجاهل عن عمد، وفق مؤلف «سلاح غير مرخص»، الصورة المثالية التي افترضتها المقولة التاريخية للرجال الأقوياء الذين كتبوا الدستور الأميركي، والتي فضلت «دولة من دون حكومة» على «دولة بلا صحافة».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي