
هذه ماحدث اليوم الجمعة 4-يونيو 2021 في صنعاء
خرجت المدينة في جنازة الذي أحبها وأحبته
وبكت عليه بكل قلبها وأبكتنا عليه.
بكاه اليتامى
وبكته الأرامل
وبكاة الفقراء وأصحاب الحاجات
بكته مائدته التي لم ترفع منذ خمسين عاما
وكانت متاحة للجائع والمعدم وابن السبيل.
اليوم المدينة في حزن مقيم
فقد انطفأ أحد نجومها الساطعات
الذي كان ينير للمحتاجين طريقهم
والذي كلما ناده صوت لبّاه
والذي كلما استجار به مكسور واساه
والذي لم يمن على أحد معروف قدمه اليه
هذا رجل ليس له شبيه أو نضير
رجل نبيل كما يُروى في كتب الأساطير
الذي كان بيته مفتوحا ولم يغلق في وجه أحد
رجل اسمه ناصر غالب محمد واصل
ذو القلب الواحد الذي لم يتقلب أو يتبدل
والذي لم يشتم أو يعلن كل من تنكر له
بيما جمائله تطوق أعناقم الى الأبد.
انا لا أبكي صهري وإن كان شرف لي مصاهرته
بل أبكي إنسانا عرفته منذ طفولتي
مشرقا بالخير لكل الناس دون تفريق.
صارت صنعاء اليوم أكثر وحشة من ذي قبل
فقد غادرها الفارس الماليزي اليماني
الذي عشق كل ذرة رمل في تراب هذا الوطن
" لن أخرج من صنعاء إلا الى القبر وإن مت فاقبروني فيها
ولن أغادر بلادي في محنتها وقد عشت فيها أجمل أيام العمر
لن أفر ولو سقطت السماء فوق رأسي فلست أفضل من أي واحد هنا".
كانت كلماته تصعقني وكأني ماعرفته قط
وكأني ماسرت معه وعرفت ذهب قلبه الكبير والنفيس.
نعم سأبكي عليك ياعم ناصر غالب أمام العالم
لانك تستحق دموعي وهي قليلة في حقك
لأنك فارس لانضير له
لأنك علمتنا في حياتك وفي موتك
ان الناس للناس
وأن اللقمة الواحد تكفي اثنين
وان الابتسامة في وجوه المساكين بكل كنوز الأرض..
وضعتك صنعاء ومن بعدها اليمن كلها
على جنبك الأيمن باتجاه جنتك المنتظرة
وعدنا جميعا حزاني تسبقنا دموعنا
ومشاعر الوحشة بعد فراقك
يا أولنا في كل طيب
وأجودنا في كل جود ومكرمة
نعم مثلك يستحق أن نبكي عليه
وأن نرثيه بكل لغات العالم.
" على الله"..قالها ومات بها.
غادر الجميع المقبرة
وانتشرت أنوار روحه الطاهرة في مكان
لتضيئ لنا عتمة الدروب المظلمة
من بعدك ياحبيبي وقرة عيني
لم أخبرك كم أحبك
وكم كنت وسأبقى بك فخور
وكم كنت ادعو الله بأن يعيدك لنا سالما
لكنه اختارك الى جواره فهنيئا لك هذا الجوار.
لم يعد هناك شيئ يُقال أيها الحاضر بيننا لاتغيب
إلا أننا نفتقدك
ونفتقد ضحكتك القوية
وابتسامتك النبيلة كروحك
فسلام عليك في حياتك
وسلام عليك في رحيلك
وسلام عليك الى أبد الأبدين