سيدة أزهار الشر

2021-04-11

المثنى الشيخ عطية*

إلى الرائي صبحي حديدي على نخزه ذاكرات الشعراء بحد ورده
احتفالا بالذكرى المائتين لولادة شارل بودلير

مجنونةٌ تلك الأميرة دعدُ ما خلقتْ
إلا لقطف رؤوس فرسان الشعر
تلك الأمازيغية ابنة ليليث صنو بلقيس
من تدفع نبياً إلى ادعاء إحضارها وهو حاضر يشمشم قدميها
تلك الحسناء التي «تسكب من عينيها الفجر والغروب
التي تسكب العطر كمساء عاصف
التي تجعل البطل جباناً والطفل شجاعاً»
تلك التي «سيان إن هبطت من أعالي السماء
أم صعدت من أغوار الجحيم»
تلك الأميرة مجنونةٌ حقاً
تجدد شرط قطف زهرتها بعد موت شاعرها
على من يريد نيل مجد التمرغ بذيل فتنتها
إحضار أزهار الشر عقداً لكبرياء جيدها
مجنونةٌ تلك الحسناء حقاً بعقد ألسنة الفرسان شرائط في جدائل شعرها
حين يوافقون صاغرين وجاهلين
مكان وزمان أزهارها
هل يذهبون إلى ذرى جبال الأساطير في خامس جهات الأرض
هل يطيرون فوق البراري على بساط ريح شهرزاد
هل يبحرون في المحيطات بأشرعة سندباد
أم ينظرون إلى قلوب بعضهم ويستلون السيوف
للوصول إلى قلب ظلمة الإنسان حيث يفوح عطر الشر
مجنونةٌ تلك الحسناء التي ارتدت الليل شَعراً والصباح وجهاً
لتفتح أمام الشعراء تيه الأضداد
مجنونةٌ تلك العازفة عن الرجال بعد «يتيمة الدهر»
مجنونةٌ سيدة أزهار الشر
إذ تعرف دون غيرها أن «تشارل بودلير» لم يولد بعد
وأن هؤلاء الحمقى سينحرون أعناق قصائد بعضهم عبثاً
للوصول إلى ما لم يصل بعدُ شاعر رجيم على تلك الجرأة
من اقتحام بوابات قلوب الكائنات
وأن ينظر بعين الجبال إلى هول ما اختزنت
من شر يذيب الخيال…
مجنونةٌ تلك الأميرة دعد ما خلقتْ
إلا لطول انتظاري
أن تسحبَ حد طعنتها من أغوار أمواجي
ليتدفق دمي زمرداً تختال باستلقائها على شاطئ شغفه
عاريةً إلا من الحب.

*شاعر سوري







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي