استراتيجياً.. كيف أصبح بن سلمان التهديد الأخطر من إيران على إسرائيل؟
2025-11-17 | منذ 2 ساعة
كتابات عبرية
كتابات عبرية

مم تخشى إسرائيل أكثر.. من التطبيع مع السعودية وما يرافقه من دفع ثمن فلسطيني، أم من بيع 48 طائرة إف35 الأمريكية، التي ستقلل من تفوقها الجوي في المنطقة، أم من سيطرة الإدارة الأمريكية على شؤون غزة؟
سيزور ولي العهد وحاكم السعودية الفعلي محمد بن سلمان واشنطن، بعد توقف استمر ست سنوات تقريباً. تبدو هذه الزيارة الآن كعاصفة تسونامي تهدد بضعضعة الأسس التقليدية لسياسة إسرائيل. هذه العاصفة قد تضع إسرائيل على مسار مواجهة مع الإدارة الأمريكية “الأكثر ودية” التي كانت لها في واشنطن – التي قد تفضل التحالف مع السعودية على الاعتبارات السياسية والسياساتية لإسرائيل. في الواقع، التهديد السياسي الاستراتيجي الأخطر الذي تواجهه إسرائيل يكمن في الرياض، وليس في طهران أو غزة.
يمكن التقدير بأن بن سلمان (40 سنة)، لن يفاجئ مستضيفه بعزف مقطوعة موسيقية كلاسيكية على البيانو كما فعل في 2015 عندما استضافه جون كيري في بيته، وزير خارجية الرئيس أوباما. كما تعلم في هذه الأثناء أمراً أو أمرين عن قيود قوته بصفته زعيم مملكة لم يقدرها ترامب بشكل خاص. في الحملة الانتخابية في 2015، التي تنافس فيها أمام هيلاري كلينتون، ومنذ ذلك الحين، تعلم ترامب أيضاً شيئاً أو شيئين عن مكانة السعودية وعن قوتها في مساعدته على تحقيق سياسته.
بن سلمان، يحضر إلى واشنطن لاستيضاح الشروط التي عليه استيفاؤها لتحقيق الغلاف الدفاعي الأمريكي الذي خيب أمله عندما هاجمت إيران منشآت النفط السعودية في 2019. يبدو أن المعادلة بسيطة: اتفاق دفاع وطائرات إف35 وربما تعاون لبناء مشروع نووي لأهداف سلمية، مقابل التطبيع، إضافة إلى استثمارات سعودية بمبلغ 600 مليار دولار في الولايات المتحدة. ولكن أضيف منذ 7 أكتوبر بند متفجر بشكل خاص اسمه “دولة فلسطينية”.

إذا كانت السعودية اكتفت حتى اندلاع الحرب بشرط غامض وعبثي عملياً، طالبت فيه “بتحسين ملموس لظروف معيشة الفلسطينيين، فإنه أضافت شرطاً آخر في أيلول 2024، ولم تتراجع عنه حتى الآن. ووفقاً لهذا الشرط، لن تتمكن السعودية من إقامة علاقات مع إسرائيل قبل قيام الدولة الفلسطينية”. صحيح أن السعودية تدعم خطة ترامب التي تتكون من 20 نقطة، وأنه تم التنسيق معها بمشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة لمجلس الأمن أيضاً، لكنها في الوقت نفسه، خلافاً لموقف واشنطن، قادت مع فرنسا أيضاً الخطوة التي أدت إلى اعتراف كاسح من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية.
قد يكون من الأفضل لبن سلمان أن يفكك “الصفقة السعودية” الى أجزاء، ومن ثم ترسيخ العلاقات بين الدولتين بدون أن تصبحا رهينة لإسرائيل ولبنان وحزب الله وحماس. وقعت السعودية على الإعلان الأمريكي الصادم في يوم الجمعة، إضافة إلى ثماني دول أخرى، الذي يعتبر عملية الأمم المتحدة “مساراً نحو تقرير مصير فلسطيني مستقل ودولة فلسطينية”. ولكن حتى لو أقر مجلس الأمن الاقتراح بصيغته الحالية فمن غير المؤكد أن السعودية ستعتبره يلبي الشرط الأساسي الذي يعيق تحقيق التطبيع، وهذا يرجع أساساً الى عدم وجود التزام أو ضمانة أمريكية لتحقيق الهدف. إضافة إلى ذلك، لم ينطق ترامب حتى الآن عبارة “دولة فلسطينية” ضمن رؤيته لإتمام اتفاقات إبراهيم.

 

الامير محمد بن سلمان وترامب في لقاء سابق - أ ف ب
لكن لا يقين بأن القضية الفلسطينية ستتحول الآن لتصبح المحور الرئيسي، الذي بتحريكه تتعلق كل القضايا التي تربط بين واشنطن والرياض. حلف الدفاع مع السعودية قد يتحقق بدون التطبيع، بما يشبه حلف الدفاع الذي منحه ترامب لقطر في أيلول، الذي ينص على أن “الولايات المتحدة تعتبر أي هجوم عسكري ضد أراضي قطر وسيادتها وبناها التحتية المهمة، تهديداً لسلامة وأمن الولايات المتحدة.
الاتفاق لم يتطلب أي مقابل من قطر، لكنه صيغ كأمر رئاسي ولم يحصل على موافقة الكونغرس، ومن ثم هو صالح فقط لولاية ترامب. تسعى السعودية إلى اتفاق بعيد المدى، مرسخ بقرار من الكونغرس، وقد تواجه طلباً يربط هذا الاتفاق بالتطبيع مع إسرائيل، بل ستجعل أي موافقة على بيع طائرات إف35 مشروطة بهذا التطبيع.
في هذا السياق، يجدر التذكير بأن التطبيع لا يعتبر ذخراً استراتيجياً سعودياً، ولخيبة الأمل، أيضاً حكومة إسرائيل الحالية لا تعتبره ذخراً استراتيجياً إذا كان يعني اعترافها بحق الفلسطينيين بدولة. الأمر الذي سيضع حكومة إسرائيل أمام خطر وجودي. المفارقة أنه من أجل إقامة تطبيع، الذي يتشوق ترامب إليه أكثر من حكومة إسرائيل، سيضطر إلى فرضه، ليس على السعودية بل على إسرائيل – أو الدخول إلى حذاء إسرائيل ويعترف بدولة فلسطينية، وبالتالي، توفير الطلب الحاسم للسعودية.
ليس من نافل القول أن ترامب قد قوض بعض الأسس التي كانت تعتبر صلبة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل؛ فهو لم يكتف بإجبارها على وقف إطلاق النار في غزة، والانسحاب إلى الخط الأصفر وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل غير محدود تقريباً، بل أصبح حاكماً لغزة فعلياً. وخلافاً لموقف إسرائيل، اتخذ ترامب الرئيس السوري أحمد الشرع حليفاً، وأصبح يعتبر قطر شريكة استراتيجية رئيسية، وبسرعة أصبح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعامة رئيسية لترامب، وقد يكون شريكاً في إدارة غزة، وأخيراً، رغم قصف الولايات المتحدة لإيران في حزيران، لم تتنازل واشنطن حتى الآن عن إمكانية المضي باتفاق نووي معها. لم يستمع ترامب وبحق إلى موقف إسرائيل ولم يتبناه في أي خطوة من هذه الخطوات. حتى الآن، لا إشارة على نية لدى ترامب لبذل جهد إضافي والاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولا حتى من أجل صديقه العزيز بن سلمان، لكن حكومة إسرائيل تراه بالفعل رئيساً يجب وصفه بأنه مادة خطيرة وغير مستقرة.
من جهة أخرى، قد يحاول بن سلمان إقناع ترامب بأن ما يظهر كعقدة لا تنفصم، بين التطبيع وحلف الدفاع وصفقة شراء طائرات إف35 والمشروع النووي السعودي، هو عبء لا حاجة إليه ويضر بمصالح الدولتين. قد يرى أنه من الأفضل تفكيك “الصفقة السعودية” إلى مكوناتها ومناقشة كل قضية على حدة، ما سيؤدي إلى استقرار العلاقات بين الدولتين على أساس ثنائي مريح، دون اشتراطها بعلاقة إقليمية، بطريقة تجعلهما رهينة لدول ومنظمات مثل إسرائيل ولبنان، وحزب الله وحماس.


*تسفي برئيل - هآرتس 17/11/2025

 



مقالات أخرى للكاتب

  • إسرائيل والسيناريو المنتظر: حرب أهلية بين "اليهود النازيين" والديمقراطيين
  • مع "حكومة الخراب".. هكذا تتحول إسرائيل إلى "دولة الحاخام"
  • هل بدأ العد التنازلي لحرب لبنان الثالثة؟









  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي