إسرائيل والسيناريو المنتظر: حرب أهلية بين "اليهود النازيين" والديمقراطيين
2025-11-16 | منذ 2 ساعة
كتابات عبرية
كتابات عبرية

يرى المستوطنون أن كل يوم هو “ليلة البلور”، ومسموح أيضاً إجراء المقارنة. لفترة طويلة جداً قللوا من شأن التهديد أو جملوه. كنا نراهم حفنة من المتطرفين أو شباناً بحاجة إلى مساعدة اجتماعية أو أشخاصاً ضالين، ولكن يشعياهو لايفوفيتش أطلق عليهم اسماً، وقد حان الوقت لاستخدامه في كل مرة نتعامل فيها معهم: “يهود نازيون”. قبل أسبوع، اقتلعوا عيون الأغنام الحية التي يملكها الفلسطينيون، وأرسلوا مكانها أغنامهم لترعي في مقبرة في أم الخير [قرية فلسطينية). الأغنام التي تتغذى على الزهور والنباتات في المقبرة، لا تعرف أن تدنيس القبور يعدّ أداة فاشية لنزع الإنسانية والإرهاب السياسي والعنصرية. ولكن الجيش والشرطة يعرفان دوافع هذا العمل الفظيع. يعرفان أسماء المستوطنين، وبدلا من اعتقالهم يكتفون بالمراقبة من بعيد في أفضل الحالات.

خلافاً لما يتم تصويره، لم يكن عنف المستوطنين مجرد سلسلة أحداث استثنائية، بل هو روتين ممأسس، ويحظى بدعم أيديولوجي من جمهوره، وممثليه في الكنيست، وسلطته الدينية، كما أنه يجري بالتنسيق مع الجيش والشرطة؛ والدليل على ذلك أن الجيش أعلن يوم الجمعة قرية بورين “منطقة عسكرية مغلقة”. وفي تناقض تام مع قرار ينص على وجوب حماية الفلسطينيين والسماح لهم بفلاحة أراضيهم وقطف زيتونهم، فقد منعهم من دخول أراضيهم واعترض حافلات تحمل مئات النشطاء الذين جاءوا لمساعدتهم في قطف الزيتون.

انقلاب الوضع هذا؛ حيث يتلقى من يخالفون القانون بحماية الدولة بالحظوة، ويتم تجريد الضحية من إنسانيتها، هو صفة نموذجية للأنظمة التي يطبق فيها القانون بشكل مختلف على فئات مختلفة، حتى داخل حدود سيادتها.

الفضاء الإسرائيلي كله، ليس في الضفة الغربية فحسب، مشبع بالعنف القومي الفاشي واليميني. لقد استبدلت السياسة الحقيقية بالتجمعات والفعاليات العلنية التي تغذيها الكراهية والخوف ونظرية المؤامرة وتحديد ووصم أعداء الشعب. الأربعاء الماضي، عمت الفاشية في جامعة بن غوريون. فقد اقتحم ألموغ كوهين، نائب الوزير من حزب “قوة يهودية”، قاعة محاضرات يعلّم فيها سبستيان بن دانييل الذي كان يكتب باسم مستعار هو جون براون؛ منتقداً أفعال الجيش، ثم تم تفجير المحاضرة. لقد عملت الذاكرة التاريخية على أكمل وجه، ففي كثير من قاعات المحاضرات في الجامعات كتب على اللوح “لن يمروا”، وهي شعارات القوات التي قاتلت فاشيي فرانكو في إسبانيا. ولكن للأسف، هؤلاء الطلاب أقلية.

مراسل القناة 14 لم يفهم كيف يمكن أن يدين رئيس جامعة تل أبيب دخول كوهين إلى الصف، في حين أنه يسمح باحتجاج الطلاب ضد سمحا روتمان. أي شاب تعلم شيئاً عن المدنيات يدرك أن اقتحام نائب وزير لقاعة محاضرات بسبب مواقف لا تروقه، فهو بذلك يمارس ممارسة فاشية، بينما احتجاج الطلاب ضد عضو في الكنيست هو عمل ديمقراطي. ولكن عندما نفحص تدهور البلاد السريع إلى هذا الوضع الذي نعيش فيه، علينا أن نعرف أن روتمان نفسه، وعميت سيغال- وهو صحافي كبير، شاركا تغريدة المراسل في القناة 14. في ضوء ذلك، تبدو التهديدات العنيفة ضد زميل سيغال، الصحافي في أخبار 12، غاي بيلغ، منطقية.

مثل أي دولة لها سمات فاشية، أصبحت إسرائيل مكاناً يقتل فيه الرسول ومعه الحقيقة. مقاتلو القوة 100 المتهمون بالاعتداء الوحشي [والجنسي] على الشاب الغزي، يتم استقبالهم كأبطال داخل المحكمة. وفي شركة الأخبار لسيغال وبيلغ، مراسلون يعتقدون أن نشر الفيلم الذي يظهرون فيه وهم ينكلون بالشاب، هو عمل غير وطني. أشخاص مثل بيلغ في وسائل الإعلام، أو مثل دانييل في سلك الأكاديميا، أو نشطاء السلام الذين يساعدون المزارعين الفلسطينيين، أمسوا أعداء الدولة اليوم. التحذير من الاغتيال السياسي القادم بات أمراً من الماضي. فالحرب الأهلية بين الفاشيين والديمقراطيين أصبحت سيناريو محتملاً تماماً.

 

إيريس ليعال

 هآرتس 16/11/2025

 



مقالات أخرى للكاتب

  • مع "حكومة الخراب".. هكذا تتحول إسرائيل إلى "دولة الحاخام"
  • هل بدأ العد التنازلي لحرب لبنان الثالثة؟
  • سؤال قبل الانتخابات: ماذا سنخبر الأجيال.. كنا قطيع خراف يقوده "ثلاثي العورة السياسية"؟









  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي