
ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل قررت الأهداف التي قد «تضربها» في إيران، إذ قدم جيش الدفاع الإسرائيلي قائمة بالأهداف المحتملة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت واقترب من الانتهاء من الاستعدادات، بما في ذلك «التنسيق الحساس مع دول إقليمية أخرى». وذكر تقرير استخباراتي أن إسرائيل وصفت خطط هجومها العامة للولايات المتحدة، دون تقديم تحديث بشأن أهداف محددة. كما ذكر مصدر إسرائيلي أن إسرائيل قد تغير قرارات الاستهداف في اللحظة الأخيرة. من جانبهم علّق مسؤولون أمريكيون لشبكة CNN بالقول إنهم يتوقعون أن ترد إسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 5 نوفمبر.
وقد تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوم الثلاثاء 15 أكتوبر بأن إسرائيل سترد على الهجوم الإيراني، قائلا، إن ردها سيكون «دقيقا ومؤلما ومفاجئا». لكنه أضاف:» لسنا مهتمين بفتح جبهات إضافية أو صراعات جديدة». وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان رسمي: «نحن نستمع إلى آراء الولايات المتحدة، لكننا سنتخذ قراراتنا النهائية بناء على مصلحتنا الوطنية». وقال مصدر إسرائيلي مطلع، إن الإجراء الانتقامي ستتم معايرته لتجنب تصور»التدخل السياسي في الانتخابات الأمريكية»، في إشارة إلى فهم نتنياهو أن نطاق الضربة الإسرائيلية قد يعيد تشكيل السباق الرئاسي الأمريكي.
في هذا الخضم أجرى سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» بينما ينتظر العالم رد بلاده على الهجمات الصاروخية الإيرانية، وقد وصف دانون الرد الاسرائيلي قائلا: :سيكون مؤلما للغاية من أجل ردع إيران عن الهجوم مرة أخرى في المستقبل». وأكد أن لدى إسرائيل السلطة الكاملة في اتخاذ القرار بشأن كيفية الرد على إيران، وأنهم لن يولوا اهتماما كبيرا لإصرار الرئيس بايدن على «التناسب» حيث قال دانون لقناة فوكس نيوز: «نحن من سيقرر التوقيت والموقع». بالمقابل، وعلى مدار الأيام الماضية، تحرك عباس عراقجي، وزير خارجية إيران، في مختلف دول الشرق الأوسط لحشد الدعم للحد من نطاق الرد الإسرائيلي، إذ زار عراقجي المملكة العربية السعودية والعراق وقطر والأردن ومصر وتركيا. وقال مصدر مطلع لوكالة الأنباء العراقية (بغداد اليوم) إن وفدا أمريكيا وصل إلى بغداد دون سابق إنذار يوم 16 أكتوبر للتحضير لـ»مفاوضات غير مباشرة» مع إيران. وزعم المصدر أن واشنطن ضغطت على الوسطاء العراقيين لفتح مفاوضات مع إيران، وسط مخاوف من تصعيد إقليمي محتمل. كما زعم المصدر أن أعضاء الوفد الأمريكي يعقدون اجتماعات مع «نخبة» عراقية بشكل مستمر لدفع المفاوضات. وتأتي هذه التقارير في الوقت الذي كان فيه المسؤولون الإيرانيون يجرون «دبلوماسية عاجلة» مع دول الشرق الأوسط لمحاولة الحد من نطاق رد إسرائيل. وقد رشح من هذه اللقاءات خبر أكده كبار المسؤولين الإسرائيليين لكبار المسؤولين الأمريكيين، أن إسرائيل ستستهدف المواقع العسكرية والدفاعية الإيرانية، بدلا من المنشآت النووية أو النفطية في هجومها الانتقامي على إيران.
استعد الشرق الأوسط للرد الإسرائيلي الموعود، مع تخوف كبير ساد الأجواء من أن تنفجر حرب الظل التي دامت عقودا بين إيران وإسرائيل في مواجهة عسكرية مباشرة. يأتي ذلك في وقت مشحون سياسيا بالنسبة لواشنطن قبل أقل من شهر من الانتخابات الرئاسية. فقد قال الرئيس جو بايدن علنا، إنه لن يدعم ضربة إسرائيلية على مواقع ذات صلة بالبرنامج النووي. كما حث الرئيس الأمريكي إسرائيل على تجنب ضرب المنشآت النووية أو النفطية، والحد من الضربة المضادة للمواقع العسكرية. وتشير التقارير الإعلامية إلى أن بايدن يتعرض لضغوط من يسار الحزب الديمقراطي، لاستخدام نفوذه وربط المساعدات المقدمة لإسرائيل بشرط تجنب وقوع المزيد من الضحايا المدنيين. وتشير مصادر مطلعة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أبلغ إدارة بايدن، أنه على استعداد لتوجيه ضربة لمنشآت عسكرية، بدلا من المنشآت النفطية أو النووية في إيران، وفقا لمسؤولين اثنين مطلعين على المسألة، ما يشير إلى أن ما سيحدث هو ضربة مضادة محدودة، تهدف إلى منع نشوب حرب واسعة النطاق. وعندما تحدث بايدن ونتنياهو يوم الأربعاء 9 أكتوبر، وهي أول مكالمة بينهما منذ أكثر من سبعة أسابيع بعد أشهر من التوترات المتصاعدة بين الرجلين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه يخطط لاستهداف البنية التحتية العسكرية في إيران، وفقا لمسؤول أمريكي مطلع على الأمر. ويشير المحللون إلى أن الضربة الإسرائيلية لمنشآت النفط الإيرانية قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الطاقة، في حين أن الهجوم على البرنامج النووي الإيراني قد يمحو أي خطوط حمر متبقية تحكم الصراع الإسرائيلي مع طهران، ما يؤدي إلى مزيد من التصعيد والمخاطرة بدور عسكري أمريكي مباشر. وقد قوبلت خطة نتنياهو المعلنة لاستهداف المواقع العسكرية بدلا من ذلك بارتياح في واشنطن.
استعد الشرق الأوسط للرد الإسرائيلي الموعود، مع تخوف كبير ساد الأجواء من أن تنفجر حرب الظل
التي دامت عقودا بين إيران وإسرائيل في مواجهة عسكرية مباشرة.
وأوضح زوهار بالتي، وهو «زميل فيتربي الدولي» في معهد واشنطن، الذي شغل منصب مدير (الموساد) سابقا، قائلا: إن «نتنياهو سيحتاج إلى الموازنة بين نداءات واشنطن بالاعتدال والطلب الشعبي في إسرائيل برد ساحق». وأضاف بالتي: «لقد فقد الإيرانيون كل مقياس لضبط النفس الذي كانوا يتمتعون به». وأقرّ بالتي: «من دون الأسلحة الأمريكية، لا يمكن لإسرائيل أن تحارب، لكن إسرائيل هي التي تتحمل المخاطر وهي تعرف كيف تقوم بالمهمة». وكان البنتاغون قد أعلن عن نشر نظام بطاريات الدفاع الصاروخي المضاد للصواريخ الباليستية في الارتفاعات العالية، أو ما يُعرف اختصارا بـ(ثاد) في إسرائيل، إلى جانب حوالي 100 عسكري أمريكي. وأعلن مسؤولون أمريكيون يوم الثلاثاء 15 أكتوبر أن فريقا متقدما من الأفراد والمكونات الأولية للنظام، قد وصل إلى إسرائيل في اليوم السابق، وقالوا إن المزيد من الأفراد والمكونات ستستمر في الوصول في الأيام المقبلة. وقد قلل وزير الدفاع الإيراني العميد عزيز ناصر زاده من أهمية قرار الولايات المتحدة بإرسال نظام (ثاد) إلى إسرائيل. ووصف هذا النشر باعتباره «حربا نفسية»، وزعم أن النظام الصاروخي لا يمثل «مشكلة خاصة» لإيران. وبالمثل، زعمت إحدى وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري الإسلامي في 13 أكتوبر أن نظام (ثاد) لن يكون فعالا ضد الصواريخ الباليستية الإيرانية، بما في ذلك صاروخ فتح، الذي استخدم في هجوم 1 أكتوبر الذي شنته إيران.
ووفقا لشركة لوكهيد مارتن الأمريكية المصنعة، فإن نظام (ثاد) المصنوع في أمريكا «فعال للغاية» وقد ثبتت كفاءته العملية في القتال ضد الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى، إذ نجح نظام (ثاد) في اعتراض صواريخ باليستية حوثية تستهدف الإمارات العربية المتحدة في عام 2022. وتواصل شخصيات سياسية إسرائيلية بارزة، بمن في ذلك رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الضغط من أجل شن هجوم مباشر على المنشآت النووية الإيرانية، إذ قال إن أي شيء أقل من ذلك، يخاطر بالتضحية بالزخم الذي اكتسبته إسرائيل من حروبها في لبنان وغزة. وقال بينيت: «إن وكيلي إيران حزب الله وحماس على حد سواء قد تضاءلت قدراتهما بشكل كبير. ولدى إسرائيل كل المبررات للقضاء على القدرات النووية الايرانية ونحن نمتلك القدرة على القيام بذلك. إذن لدينا فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر».
من جانبه أشارغايل تالشير أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، وهو على اتصال مع كبار أعضاء المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية إلى أن «الجيش الإسرائيلي يريد ضرب أهداف عسكرية إيرانية، لأن ذلك لا يؤذي الشعب، ولا يشغل المنطقة في حرب أكبر، لكن هذه ليست الطريقة التي يفكر بها نتنياهو». ويتذكر المراقبون ما جرى في أبريل الماضي، بعد أن قام تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة بمساعدة إسرائيل في اعتراض مئات الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، وهو هجوم كبير ومصمم بشكل جيد، وقد ردت إسرائيل بضربة دقيقة على قاعدة جوية في أصفهان وسط إيران. وقد التزم المسؤولون الإسرائيليون الصمت في الغالب بعد الهجوم، باستثناء وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير الذي نشر على وسائل التواصل الاجتماعي أن الرد كان «ضعيفا».
*كاتب عراقي
*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس -القدس العربي -