الحرب في غزة… توقعات الطرف الآخر
2024-01-01
عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

إسرائيليا، ثمة توقع سائد بقرب الوصول إلى تحجيم القدرات العسكرية وقدرات الحكم والإدارة لحركة حماس، وفي الضغط الفعال على قيادات الجناحين العسكري والسياسي لحماس والفصائل الأخرى الموجودة في غزة بدفعها إما إلى المنفى أو إلى العمل تحت الأرض. وفي المقابل، ثمة قناعة بحتمية الفشل في الاستئصال الكامل لحماس من المجتمع الغزواي.
فمن غير المرجح أن تحقق إسرائيل الهدف المعلن لحربها على غزة وهو استئصال حماس، والحركة تسيطر وتدير كافة مرافق غزة منذ أكثر من عقدين من الزمان وخبراتها في العمل فوق وتحت الأرض تراكمت وعلاقاتها مع قوى إقليمية كمصر وإيران وقطر، وحركات كحزب الله وميليشيات أخرى تابعة لإيران، ومع المنظمات الدولية العاملة في القطاع تشعبت إلى حد كبير.
المتوقع إسرائيليا أيضا هو بقاء حكومة الحرب التي يقودها بنيامين نتنياهو قائمة على المدى القصير الذي سيلي انتهاء الحرب الراهنة، وذلك على الرغم من تصاعد الضغوط الداخلية عليها والسعي المتوقع لقيادات اليمين التي تريد التخلص من نتنياهو، إلى فرض انتخابات مبكرة. المتوقع بقاء حكومة نتنياهو أيضا على الرغم من التشكيل المتوقع للجنة لتقصي الحقائق في هجمات حماس وفق الآلية المعهودة وهي أن تطلب الحكومة من المحكمة الدستورية العليا تشكيل اللجنة وأن تصدر اللجنة تقريرها والذي يتضمن تحديد المخفقين من قيادات سياسية وعسكرية في غضون فترة زمنية محددة. المرجح، إذا، أن يستمر نتنياهو في رئاسة الوزراء لمدة قد تصل إلى عام كامل بعد انتهاء الحرب وأن تجبره بعدها الضغوط السياسية وضغوط الرأي العام إما إلى قبول انتخابات مبكرة أو إلى الاستقالة بعد إدانته المتوقعة في تقرير لجنة تقصي الحقائق.

المتوقع إسرائيليا هو بقاء الأوضاع في الضفة الغربية والقدس الشرقية على حالها، أي خليط من العنف اليومي والمواجهات بين الفلسطينيين وبين المستوطنين والقوات الإسرائيلية وسقوط قتلى ومصابين وتدخلات عنيفة من قبل إسرائيل واعتقالات متكررة لشباب قريبين من حماس والفصائل الأخرى. بعبارة أخرى، تتوقع السياسة الإسرائيلية أن تبقى الضفة متوترة ودموية، ولكنها غير متفجرة بالكامل وأن تظل للسلطة الفلسطينية القدرة على ضبط الأوضاع هناك دون خسارة ما تبقى لها من قليل القبول الشعبي بين الناس.

 

من غير المرجح أن تحقق إسرائيل الهدف المعلن لحربها على غزة وهو استئصال حماس، والحركة تسيطر وتدير كافة مرافق غزة منذ أكثر من عقدين من الزمان وخبراتها في العمل فوق وتحت الأرض تراكمت وعلاقاتها مع قوى إقليمية

تتوقع الحكومة والمعارضة في إسرائيل أن تظل مواقف القوى الإقليمية على حالها دون تغيرات دراماتيكية: المملكة الأردنية على تنسيقها مع مصر ومع السلطة الفلسطينية، السعودية على محاولاتها الوثوب إلى صدارة الجهود العربية لوقف الحرب ومنع تحولها إلى صراع إقليمي أوسع، الإمارات على موقفها الموظف لحضورها في مجلس الأمن للجهود الدبلوماسية وتنسيقها مع إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، قطر تواصل بالتنسيق مع مصر جهود الوساطة لوقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن في صفقات تبادلية مع الأسرى علما بأن احتمالات النجاح وبعد الهدنة الأولى غير مؤكدة. تتوقع السياسة الإسرائيلية أيضا أن تلتزم إيران وحركاتها بعدم تجاوز ممارسات التصعيد الجزئي دون تفجير «الساحات الإقليمية الأخرى»، وأن تستمر تركيا متأرجحة بين خطاب سياسي تصعيدي وبين فتح الباب للتنسيق مع مصر والأردن وقطر للإسهام في جهود الوساطة والعمل الدبلوماسي.
يتوقع الإسرائيليون أيضا بقاء مواقف القوى الدولية وأدوار المنظمات الدولية على حالها دون تغيرات دراماتيكية. فالولايات المتحدة عدلت موقفها جزئيا للمزج بين تأييد إسرائيل والجهوزية العسكرية للقيام بعمليات مساعدة لحربها على غزة، وبين مطالبتها بالحفاظ على أرواح المدنيين ومنع كارثة إنسانية في غزة بالتعاون مع مصر على إدخال مساعدات إنسانية وإغاثية وطرح تساؤلات بشأن اليوم التالي للحرب والانفتاح على ضغوط الرأي العام الداخلي بفعل الجاليات العربية والإسلامية ومطالب الدول العربية والإسلامية بوقف الحرب. من غير المتوقع إسرائيليا أن تضغط الولايات المتحدة لإنهاء الحرب بالكامل.
أما الدول الأوروبية فتتبع في المجمل الخط الأمريكي في التعامل مع الحرب وإن كانت تطالب بأصوات أعلى بالهدن الإنسانية وبحماية المدنيين وإدخال المساعدات. في المقابل، تتحرك روسيا والصين في سياقات تكتفيان فيها بالدعوة إلى مؤتمرات سلام برعاية دولية وإقليمية، وتعلنان الاستعداد للموافقة على قرار متوازن لوقف الحرب يخرج من مجلس الأمن. البلدان يبتعدان عن التورط في الحرب، وتعمل روسيا على إبعاد سوريا عن أن تتحول إلى ساحة للحرب.
أما الأمم المتحدة، فتتوقع السياسة الإسرائيلية مواصلتها الدعوة إلى وقف الحرب والعجز عن ذلك بسبب صراع القوى الكبرى في مجلس الأمن. وفي المقابل، وستستمر وكالاتها المتخصصة (الأونروا واليونيسيف ووكالات أخرى) في لعب أدوار هامة في الحد من الكارثة الإنسانية في غزة.
غير أن الأمم المتحدة ومن خلال توافق دولي قد يكون لها ممثلة في مجلس الأمن إسهام رئيسي في الوصول إلى سيناريو اليوم التالي الذي تريده إسرائيل لغزة، أي لتواجد أمني طويل المدى مصحوب باقتطاع أراض وتحميل للمسؤوليات الإنسانية والإغاثية والمدنية على الآخرين إقليميا ودوليا.

*كاتب مصري - القدس العربي
*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس



مقالات أخرى للكاتب

  • إسرائيل وحرب غزة وتحولات البيئة الإقليمية والعالمية
  • عن عنصرية الغرب ونزعه لإنسانية الشعب الفلسطيني





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي