هكذا وصفت إسرائيل يوخباد بعد أن أشادت بمعاملة حماس لها وهي في الأسر
2023-10-25
كتابات عبرية
كتابات عبرية

قنوات التلفزيون تبث بلا توقف، وهي بحاجة ماسة إلى المادة. كل شيء مشروع: التزلف، الاستجداء، الوعود، التهديدات. كل واحد ملزم بأن يكون الأول؛ وكل يطلب الحصرية. أبناء العائلة، الذين احتاجوا إلى معونة الإعلام طوال أسبوعين كي يرفعوا معاناة الزوجين إلى الوعي العام، والمساعدة الإنسانية التي قدموها لجيرانهم الفلسطينيين، كله على أمل أن أحداً ما في غزة يتابع المقابلات ويتأثر، كانوا مطالبين برد الجميل بالجميل. في هذا المعمعان، دخل الناطقون وعاملو العلاقات العامة، الرسميون وغير الرسميين. نقال دانييل، الحفيد الذي أخذ على عاتقه العناية بالإعلام، جثم تحت العبء. كان مخرج قناة تلفزيونية يؤمّ الرواق المؤدي إلى القسم بين الحين والآخر. جاء ليضمن عدم وجود قناة منافسة قد تسللت إلى الداخل.

في النهاية، قررت العائلة عقد نوع من المؤتمر الصحافي: ستخرج من الغرفة التي تنزل فيها، وستروي قصتها للجميع. وهكذا لا تُظلم أي وسيلة إعلامية.

على عادتها، قالت يوخباد الحقيقة، لم تدوّر الزوايا، لم تقدم تنزيلات. تحدثت عن الحكومة التي تركت “الكيبوتس” لمصيره، تحدثت عن اللظى الذي اجتازته على أيدي خاطفيها، كما تحدثت عن المعاملة المعقولة التي تلقتها من حماس في الأيام التالية. أرادت أن تتحدث، وتحدثت: حتى لو تلقت إرشاداً من أي “مهندس وعي” في الجيش و”الشاباك” أو من مكتب رئيس الوزراء، فلن تطيعه. لأن يوخباد ليفشتس تعيش حقيقتها.

بالمناسبة، ملأ رواق المستشفى فجراً عشرات الضباط بالبزات والأعمدة والعقداء. ما الذي يفعلونه هناك بين الأطباء والممرضات والأقرباء من العائلتين، ليس واضحاً. لعلني أظلمهم، لكن المشهد عزز الإحساس المقلق الذي يرافقني منذ السبت إياه: الجيش الإسرائيلي الآن في المكان الذي ليس ضرورياً أن يكون فيه، بل ويغيب عن المكان الذي ينبغي أن يكون فيه.

السؤال يعود إلى المستشفى. دون صلة بما قيل في البث أمس، ليس صحيحاً أن كشف شخص اجتاز صدمة قاسية، غير إنسانية، بمؤتمر صحافي بالبث الحي والمباشر. مع كل الاحترام للعطش والعاطفة والدراما والتغطية الإعلامية، كان ينبغي أن تعطى لمن مر بمصيبة، إمكانية لاستيعابها. ليس الناطق بلسان المستشفى هو المذنب وحده، بل كل الأطباء الذين يسمحون بكشف مرضاهم على هذا النحو، إنهم مذنبون أيضاً. أعتقد أنهم في “ايخلوف” [المستشفى] يفهمون هذا الآن.

كثيرون من أولئك الذين شاهدوا البحث لم يستطيبوا الوصف الذي قدمته ليفشتس في وصف المعاملة التي تلقتها هي وجارتها بعد أن استكمل الاختطاف. الوصف لم يتطابق مع خط الإعلام الرسمي. المحللون في الاستوديوهات وصفوا أقوالها بـ “عملية مضادة إعلامية”، واتهموها بمساعدة حماس. عملية مضادة، ليس أقل؟ مساعدة لحماس، ليس أقل؟ عملية مضادة وقعت هنا في 7 أكتوبر. لم تقع علينا من السماء بل من البشر، من حكومة وجيش فشلا. مساعدة قتلة حماس قدمها آخرون، ليس يوخباد ليفشتس. لا تحتاج حماس التعويل على مختطفتيها فيما يتعلق بالضرر الإعلامي. يمكنها أن تعول على غالي هيرش، المنسق الذي عينه نتنياهو للعناية بالمخطوفين.

الإعلام موضوع مهم، بل ومهم أكثر اليوم. لكن أمام المشاكل الحقيقية التي فرضتها علينا كارثة 7 أكتوبر فإن مشكلة الإعلام باتت جزرة قزمة. وأسوا من هذا، هي هروب من الأسئلة الحقيقية التي على جدول الأعمال عن المستنقع المعروف لما قاله هذا وما قاله ذاك وما سيقوله علينا الأغيار.

الحقيقة، هي السلّم الذي يحتاجه المجتمع الإسرائيلي كي يخرج من البئر. من لا يفهم هذا يعيش في إسرائيل قبل 7 أكتوبر.

تضاف إلى هذه الوقاحة، الحقارة. بداية يتزلفون، يزيفون عناقاً، يفبركون دمعة. بعد ذلك، ينتفخون ويزاودون من الأستوديو المكيف. ودون أن يرمشوا، ينقضون على المرأة التي لم تقم بأي تلاعب في حياتها – مؤامرة ظلامية مع القتلة. كالأفعى التي تواصل التحرك حتى بعد أن فقدت الرأس. ليس لنا حكومة اليوم، بل آلة سم خلقت وتواصل العمل.

ناحوم برنياع
يديعوت أحرونوت 25/10/2023

 



مقالات أخرى للكاتب

  • هل تؤتي ثقافة المافيا التي اتبعتها إدارة ترامب ثمارها في الشرق الأوسط؟
  • إسرائيل بـ"عرباتها" تخفق في تحقيق أهداف الحرب: غزة.. إلى متى؟
  • باحثاً عن مخرج.. هل تنكسر عصي نتنياهو في دواليب ترامب وخطته؟








  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي