
هذه أيام قاسية لمحبي إسرائيل، وطيبة لكارهيها. منذ سنين وهم يدعون بأن إسرائيل دولة فاشية. من كانوا بحاجة لعودة بنيامين نتنياهو رئيساً للوزراء، لم ينتظروا تصريحات النائبين أوريت ستروك وسمحا روتمان. لم يهتموا بنجاح إيتمار بن غفير. لم يتغير شيء من ناحيتهم. لكنهم يحتفلون، وذلك لأنهم نالوا ذخيرة مذهلة.
300 حاخام من كل أرجاء الولايات المتحدة وقعوا على بيان يعلنون فيه أنهم سيعملون على منع استضافة سياسيين من حزب “الصهيونية الدينية” للجاليات اليهودية. صحيح أن هؤلاء ليسوا حاخامات من التيار الأرثوذكسي، ولكن حذار أن نقع في الخطأ. فهؤلاء الحاخامات يمثلون جاليات هي الأغلبية الساحقة من يهود الولايات المتحدة. هذه جاليات تستضيف محاضرين من إسرائيل. كنت ضيف الكثير منها. لكن شيئاً ما انكسر. يهود الولايات المتحدة قلقون، ومضطربون.
عملياً، لم تستضف هذه الجاليات في أي مرة محاضرين من اليمين المتطرف. لكن روح الأمور خوف حقيقي. الأمر الأخير الذي نحتاجه هو فقدانها؛ لأنها سند قوة استراتيجي لدولة إسرائيل. لا تنتمي هذه الجاليات للتيار المناهض للصهيونية، بل العكس؛ هم مؤيدون بوضوح لإسرائيل يهودية وديمقراطية. يذكرون في كتابهم قيم وثيقة الاستقلال ويعبرون عن مشاعر التـأييد لإسرائيل. صديقة مقربة مني تعنى بإرسال محاضرين من إسرائيل إلى جاليات يهودية للولايات المتحدة، لأجل التصدي لدعاية كراهية الإسرائيليين من اليسار الراديكالي، هي صهيونية من أخمص القدم حتى الرأس، هي الأخرى بعثت لي بيان تأييد للكتاب. فما الذي كان يمكنني أن أقوله لها؟ قلقها هو قلقي.
ولإضافة الزيت إلى الشعلة، ادعى روتمان بأن فندقاً ما غير ملزم باستضافة ذوي الميول الجنسية المختلفة عن ميوله. وبعد أن أثارت أقواله عاصفة، نشر تفسيراً هو بمثابة إضافة جريمة إلى الخطيئة: “حرية العمل تقول إن الإنسان يمكنه أيضاً أن يتعامل بشكل غير لطيف مع الزبائن، فيقاطع أو لا، وجمهور الزبائن يعاقبه أو لا. هذه هي الحرية. صادم، صحيح؟”. لا يا روتمان، غير صحيح. فحسب منطقك، فإن أصحاب الفنادق الذين ينفرون من المستوطنين سيسمح له بطردهم. ومحبي الحركة الإسلامية الشمالية سيعلقون يافطة “لا دخول لليهود”. فهل أنت جدي يا روتمان؟ هل هذا هو معنى حرية العمل؟ العنصرية البهيمية برعاية القانون؟ وإذا واصلنا على طريقة ستروك، فإنها مسألة وقت فقط إلى أن يتلقى الأطباء من الوسط العربي، الذين هم قرابة 50 في المئة في المستشفيات، إذن التملص من معالجة اليهود الصهاينة. هرتسل يتقلب في قبره.
لا شيء من رؤيا روتمان وستروك التعيسة سيتحقق. لكن هذين الاثنين سيكونان مسؤولين كبيرين، ربما وزيرين، بعد أيام غير طويلة. ستكون لهما القوة. هما جزء من الحكم. هذا مغيظ أيضاً لأن روتمان قال الكثير من الأمور ذات المعنى عن جهاز القضاء، الذي يحتاج إلى إصلاح. لا يقدم روتمان بشائر خلاص، لكن في الظروف الناشئة ليس هو الشخص المناسب لأي بشرى إصلاح.
المشكلة أخطر بكثير؛ فكلما تعاظم الجنون – ولا يوجد تعريف آخر لتصريحات الأيام الأخيرة بما في ذلك تصريح يئير نتنياهو – فسندفع المؤسسة اليهودية في الولايات المتحدة إلى أذرع اليسار الأكثر يسارية وراديكالية الذي يقول: ألم نقل لكم إن إسرائيل فاشية؟ من الصعب التصديق بأن شخصاً متعلماً مثل روتمان لا يفهم معنى أقواله الصاخبة. هو يعرف، وبالتأكيد يفترض أن يعرف. إنك تبعد اليهود عنا. إذن لماذا يا روتمان، لماذا؟
يجب أن نتذكر شيئاً آخر. النخب تتحمل ذنباً غير صغير على الموجة اليمينية التي جاءت إلينا في الأسابيع الأخيرة. فجهاز القضاء داس على القانون، وليس في إطار الدفاع عن الحقوق الأساس. وحصل هذا عندما شطب مرشحون للكنيست بسبب العنصرية ووفقاً للقانون، لكن مرشحين يرفضون حق وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، لم يشطبوا، رغم القانون الصريح. أحزاب الوسط مذنبة، لأن العلم شبه الوحيد لها في السياق السياسي هو “فقط لا بيبي”. وهذا ساهم في رفع ثمن الحريديم واليمين المتطرف.
نتنياهو يتحمل كل الذنب. كان الشركاء الائتلافيون سيكتفون بأقل بكثير، ولا بديل لهم. هو الذي وقع على الاتفاقات الائتلافية مع بنود تلحق ضرراً قومياً. وهو الذي يحتاج لينشر ثلاثة بيانات في اليوم تحاول إصلاح الضرر. إذن لا، هذه ليست نهاية الديمقراطية، ولكنه لا يزال خطيراً. في ولايته الأخيرة تسبب بشرخ مع يهود الولايات المتحدة، أما الآن فهو يعمقه.
بقلم: بن – درور يميني
يديعوت أحرونوت 27/12/2022