هل يقتنص بايدن الفرصة ويضرب عدة عصافير بحجر واحد بعد قضية المسيرات الإيرانية؟
2022-10-21
كتابات عبرية
كتابات عبرية

إن تدخل إيران بنقل مُسيرات وصواريخ إلى روسيا في حرب أوكرانيا يوفر لإدارة بايدن فرصة لتغيير الاتجاه، والكسب من كل الجبهات.

فتغيير النهج المنبطح تجاه إيران بسياسة متشددة سيجبي من طهران ثمناً على قرارها تقديم المساعدة العسكرية والوقوف إلى جانب روسيا في المواجهة الجبهوية مع الناتو.

قرار كهذا لن يساعد بايدن فقط في مساعيه في هذه الساحة، بل ويمكنه أن يشق الطريق لإعادة بناء علاقاته مع السعودية ودول الخليج، ويكبح عملية تقربها من روسيا والصين ويربطها بالتصدي لأزمة الطاقة العالمية.

كما أن سياسة كهذه ستوفر ريح إسناد لاحتجاج مواطني إيران التواقين للدعم في وجه إجراءات القمع من أجهزة الحكم. بدلاً من “الخصام” مع السعودية، والإهانة أمام إيران والمراوحة في الجهود في ثلاثة من التحديات الفورية في مجالات الخارجية (الحرب في أوكرانيا، أزمة الطاقة، والنووي الإيراني) يمكن لإدارة بايدن أن تكسب عالمها. إن قراراً صائباً ومجدياً كهذا سيؤثر على مستقبل المنطقة وسيعظم مكانة الولايات المتحدة في النظام العالمي المتشكل.

لقد جسدت هجمة المسيرات على كييف في 17 تشرين الأول مدى التقارب بين موسكو وطهران، في ظل الحرب في أوكرانيا والمداولات على “الاتفاق النووي”. إيران، رغم نفيها، زودت روسيا بأسطول من المسيرات الانتحارية. وحسب التقارير في الولايات المتحدة، ستزود طهران موسكو أيضاً بصواريخ أرض أرض لضرب مدن وقواعد عسكرية في أوكرانيا. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تقف فيها إيران إلى جانب معارضي الغرب، لكنها تفعلها بفظاظة هذه المرة، بوسائل المساعدة العسكرية، في وقت الحرب وفي ذروة صراع روسيا ضد أوكرانيا ودول الناتو.

لم تؤثر تحذيرات البيت الأبيض من مثل هذا التدخل على إيران. فضعف مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وجهود مغازلة إيران في مسألة الاتفاق النووي عززت ثقة طهران بنفسها واستفزازها للغرب.

تثبت إيران مرة أخرى بأن التهديد المحدق منها ومن صناعة السلاح التي لديها ليس محصوراً بإسرائيل والشرق الأوسط. هذا تهديد يشكل تحدياً للاستقرار والسلام في العالم كله. عملياً، تموضع الجمهورية الإسلامية نفسها كلاعبة فاعلة في المواجهة مع المعسكر الديمقراطي – الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة.

هكذا تتصرف إيران عندما لا يكون لديها سلاح نووي. وهي تعرف أنها بهذه الطريقة تسلح حجج معارضي الخط المتصالح معها. يبدو أنها تشخص ضائقة الغرب وضعف السياسة الأمريكية في المنطقة وتستغلهما حتى النهاية.

السعودية ودول الخليج الأخرى واعون لذلك. فقرار زعماء هذه الدول تجاهل مناشدات الولايات المتحدة وتقليص إنتاج النفط (خطوة تشكل دعماً عملياً لروسيا) صب ماء بارد على آمال بايدن ليراها تشارك في جهود أزمة الطاقة العالمية.

وتبدو شدة خيبة الأمل الأمريكية واضحة جيداً في البيان الذي أصدره البيت الأبيض عن نيته إعادة تقييم العلاقات مع السعودية. ليس واضحاً ما إذا كان التهديد الأمريكي سيحقق هدفه، بل ربما العكس؛ سيعزز لدى الرياض إحساس خيبة الأمل من سلوك إدارة بايدن مما يعتبر كمعاملة متعالية، خصوصاً من سيره باتجاه إيران على ظهر من تعتبر حليفاً له في المنطقة. إن السلوك الأمريكي ربما يدفع السعودية وشركاءها إلى حضن روسيا والصين.

تتلقى الولايات المتحدة فرصة لحل سلسلة مشاكل بقرار واحد: تغيير الاتجاه حيال إيران. وقد تساعدها الأحداث في أوكرانيا حيال دول أوروبا. هذه فرصة لوقف التطلعات النووية المهددة للسلام العالمي، لتثبيت مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولتعظيم القيادة الأمريكية حيال تحديات الواقع الراهن، وتوفير دليل على قدرتها على إدخال النظام والاستقرار إلى الساحة العالمية.

 

بقلم: مئير بن شباط

 إسرائيل اليوم 21/10/2022



مقالات أخرى للكاتب

  • لماذا غاب الزعماء العرب الثلاثة عن "شرم الشيخ".. وما مصير "مؤتمر الدول المانحة"؟
  • هل تؤتي ثقافة المافيا التي اتبعتها إدارة ترامب ثمارها في الشرق الأوسط؟
  • إسرائيل بـ"عرباتها" تخفق في تحقيق أهداف الحرب: غزة.. إلى متى؟








  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي