ظاهرتان و"شريك عدو".. ما الذي تخفيه الأسابيع المقبلة لـ "يهودا والسامرة"؟  
2022-09-29
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

يعيش الجمهور لجة الأعياد، لكن واقع الإجازات والترفيهات متعلق بشعرة في هذه اللحظة، أو للدقة – بجودة المعلومات الاستخبارية لدى “الشاباك” وبمهنية الإحباط لدى قوات الجيش والشرطة. لا يصل هذا النشاط إلى علم الجمهور إلا عندما تقع أحداث استثنائية، مثل النشاط الذي نفذ أمس في مخيم جنين للاجئين وقتل فيه أربعة مسلحين فلسطينيين، اثنان منهم مطلوبان.

في هذه الحالة أيضاً، جلبت معلومات دقيقة من “الشاباك” مقاتلي وحدة المستعربين من حرس الحدود إلى شقة اختباء المطلوبين؛ في الاجتياح استخدمت على القوات عبوة ناسفة كبيرة، لو كانت سربت إلى إسرائيل لأوقعت إصابات عديدة.

تم اجتياح جنين في وضح النهار لسببين: الأول استخباري – عملياتي؛ فقد أشارت المعلومة إلى أن المطلوبين يوشكان على محاولة تنفيذ عملية إطلاق نار أخرى نحو سيارات إسرائيلية أو استحكامات للجيش الإسرائيلي في الليلة الأخيرة، مثل العمليات التي سبق أن نفذاها مؤخراً. وعليه، فقد كانت حاجة للعمل على اعتقالهما أو لإحباطهما فوراً. السبب الثاني كان ردعياً؛ فالمخربون في المخيم مقتنعون بأن الجيش الإسرائيلي يعمل أساساً في الظلام بسبب تفوقه بالوسائل وبالتكنولوجيا. أما النشاط في النهار، حين يكون المخيم يقظاً ونشطاً، وظاهراً أيضاً خطيراً أيضاً – فقد استهدف الإظهار بأن إسرائيل لا تخشى الاحتكاك بل العكس: تبحث عنه كي لا تسمح للمطلوبين بالحصانة.

ومثلما في حالات سابقة، بعض من القتلى كانوا نشطاء في أجهزة الأمن الفلسطينية. وهذا يدل على ظاهرتين تقلقان إسرائيل منذ زمن بعيد، لكنهما تتصاعدان بوتيرة خطيرة:

الأولى، فقدان السيطرة المتزايد للسلطة الفلسطينية في شمال السامرة. جنين (ومخيم اللاجئين) كانا أول من أعلن عن الاستقلال، وتنتشر الفوضى بسرعة جنوباً، باتجاه نابلس وما بعدها – إلى رام الله وما وراءها. وجه العنف الذي جرى أمس تجاه القوات الإسرائيلية، لكنه يوجه في حالات عديدة إلى الداخل – نحو أهداف السلطة الفلسطينية التي تجد صعوبة (أو غير قادرة) على استرداد سيطرتها على الميدان.

بديل للتدهور

الظاهرة الثانية هي تكاثر النشطاء في أجهزة الأمن الفلسطينية الذين يشاركون في أعمال الإرهاب أو يطلقون النار نحو قوات الجيش الإسرائيلي في أثناء الاعتقالات. برز هذا أمس في جنين، حين حاول ناشط من الأجهزة إطلاق النار نحو القوات، وتمت تصفيته. هذه الظاهرة مقلقة ليس فقط بسبب كثرة الأسلحة التي في أيدي الأجهزة ونوعيتها، بل لأنها تصبح مشاركة فتستوجب من الجيش و”الشاباك” التعاطي مع كل شريك كعدو محتمل.

ولما كان التعاون الإسرائيلي – الفلسطيني ثبت كحيوي لتهدئة الوضع، مطلوب استخدام كل وسيلة ممكنة – سياسية أو اقتصادية أو أمنية – لإعادة تأهيله في أقرب وقت ممكن. فبديل ذلك هو استمرار التدهور والارتفاع في عدد محاولات العمليات وفي حجم أعمال الإحباط الإسرائيلية في الأراضي الإسرائيلية، والذي مثلما في الدائرة البشعة – سيجلب معه مزيداً من المصابين، ومزيداً من محاولات العمليات. ونجد دليلاً على ذلك في حجم الإخطارات بالعمليات، مما يفترض زيادة الجهد الدفاعي والهجومي في المناطق وفي نطاق الخط الأخضر.

الأسابيع القريبة القادمة خطيرة على نحو خاص على خلفية الأعياد، والحجيج إلى القدس، وتجمعات المتنزهين، وعليه فقد عزز الجيش الإسرائيلي قواته في “المناطق” [الضفة الغربية]، كما عززت الشرطة قواتها في مراكز المدن. هذا الجهد الذي كان في أساس تقويم الوضع لدى رئيس الأركان كوخافي وقيادة المنطقة الوسطى، أمس، سيتعاظم في الأيام القادمة، لكنه قد لا يكبح ميل التصعيد الحالي.

لهذا، سيكون مطلوباً قوات كبيرة من داخل السلطة الفلسطينية وخارجها والتي يبدو أنها غير موجودة الآن. العكس هو الصحيح: الجهات الفاعلة في الميدان سلبية في معظمها، بقيادة حماس. من هنا، نفهم تقويم الوضع الغامض جداً الذي تصدره الاستخبارات الإسرائيلية بأذرعها المختلفة، والتي بموجبها تقف منطقة “يهودا والسامرة” الآن أمام احتمال متفجر لم نشهد له مثيلاً منذ سنوات عديدة.

 

بقلم: يوآف ليمور

إسرائيل اليوم 29/9/2022



مقالات أخرى للكاتب

  • لغانتس "الساذج" وآيزنكوت "المغبون": ساعر حجر نتنياهو الأخير لـ "الإخفاق المطلق"  
  • شلهوب وديمقراطية إسرائيل".. ما معنى أن يعبر "غير اليهودي" عن رأيه في مؤسسة أكاديمية؟    
  • الاستخبارات الإسرائيلية تسائل نفسها: هل قتلنا مروان عيسى؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي