هل ينجح لبيد في تخطي معضلة "كاريش" وأزمة الوكالة اليهودية في روسيا؟
2022-07-30
كتابات عبرية
كتابات عبرية

قبل أن يعرف من أي طرف يفتح باب مكتبه، كان رئيس الوزراء حديث العهد، يئير لبيد، مطالباً بالخضوع لامتحاني نضوج بالغي التحدي في هذا الصيف: أزمة سياسية مع روسيا، واحتمال باحتكاك عسكري مع “حزب الله”.

حاولت إسرائيل بأفضل ما تستطيع السير بين القطرات في أزمة أوكرانيا: شجبت الروس، لكنه شجب هزيل، ووافقت على مساعدة الأوكرانيين ولكن بعتاد تحصين فقط، والآن تجدها مبللة. فقد شخصت روسيا بالتلبث الإسرائيلي ضعفاً، مثلما أجاد تشخيص ذلك رئيس الوكالة الأسبق نتان شيرانسكي، وهي الآن تضغط. “هذا تكتيك أساسي لـ كي جي بي”، قال شيرانسكي الذي تعلم على جلدته أساليب الـ “كي جي بي”.

في ساعة كتابة هذه السطور، يحاول الوفد الإسرائيلي الذي وصل موسكو إيجاد حل للأزمة حول عمل الوكالة اليهودية. ولن يكون سيراً لشوط بعيد التقدير بأن هذه الأزمة لن تحل بسرعة. لدى روسيا بيروقراطية معقدة وكثيرة الأذرع تتميز بإدارة أزمات طويلة في ظل دحرجة الأزمة من هيئة إلى أخرى. قد يكون الروس قرروا الحكم على إسرائيل، وستضطر الوكالة إلى وقف عملها في روسيا.

النقطة المشجعة هي أن الروس اختاروا خلق أزمة مع إسرائيل على موضوع “رقيق”، مثل عمل الوكالة، وليس في الساحة العسكرية في سوريا. فقد اكتفوا هناك بإشارة فقط: وزير الدفاع بيني غانتس أكد هذا الأسبوع علناً ما نشرته قبل نحو شهرين على أن بطارية S-300 روسية أطلقت النار نحو طائرات سلاح الجو التي هاجمت في سوريا. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تفعّل فيها روسيا منظومة الدفاع الجوي لديها في سوريا ضد طائرات إسرائيلية.

في 13 أيار، انطلق سلاح الجو إلى هجوم آخر على المشروع العسكري في منطقة مصياف في سوريا. بيان عن الهجوم المخطط نقل إلى الروس في جهاز التنسيق الذي بين الجيشين. رغم ذلك، بعد أن أنهت الطائرات الإسرائيلية الهجوم وعادت إلى المجال الجوي الإسرائيلي، أطلقت بطارية S-300 التي يشغلها الروس عدة صواريخ. لم تعرض النار الطائرات الإسرائيلية للخطر رغم أن صاروخ اعتراف S-300 يمكنه أن يطارد طائرتنا حتى هبوطها في إسرائيل.

استدعي الملحق العسكري الروسي في البلاد لحديث استيضاح وادعى بأنها نار بالخطأ. “حدث لمرة واحدة”، وصف هذا غانتس. وبالفعل، امتنع الروس عن العمل في كل الهجمات التي نفذتها إسرائيل منذئذ في سوريا. لكن هذا الحدث لمرة واحدة كان إشارة من الروس بأنهم لن يمتنعوا عن تصعيد الاحتكاك في الساحة العسكرية أيضاً. إذا ما وصلنا إلى مرحلة تستخدم فيها روسيا بطاريات S-400  وS-300 التي تنشرها في سوريا ضد طائرات إسرائيلية، سيصعب على سلاح الجو العمل هناك دون أن يضرب البطاريات الروسية والجنود الروس الذين يشغلوها.

هذه الحادثة هي تذكير آخر على أن روسيا لم تكن وهي ليست حليف إسرائيل، بخلاف ما غرد هذا الأسبوع بضع كسالى من معسكر رئيس المعارضة. علينا ألا نتشوش: المصافحات الحارة بين نتنياهو وبينيت مع بوتين لا تغير حقيقة أن روسيا تصر تقليدياً على الوقوف إلى جانب أعداء إسرائيل.

في العقد الأخير، حين أصبحت القوة الروسية العظمى جاراً قريباً، طورت إسرائيل علاقات احترام متبادل ومراعاة لقربها المهدد. كما استندت هذه العلاقات إلى عاطفة حقيقية لبوتين تجاه إسرائيل والشعب اليهودي. فقد تربى بوتين في محيط يهودي في سانت بطرسبورغ، وليس كأغيار كثيرين آخرين، كانت هذه بالنسبة له تجربة تذكر بإيجاب. أرباب المال الذين يحيطونه يهود في معظمهم، وله أيضاً مشاعر لإسرائيل حيث أكثر من مليون مواطن ينطقون بلغته.

لكن هذه المشاعر تنتهي في المكان الذي تبدأ فيه المصالح. وقد ثبت أنه إذ اختار المس بجاليته اليهودية عبر تقييد عمل الوكالة، فلا يزال ممكناً إصلاحه، ولكن حذار أن تقف إسرائيل على رأس المعسكر المناهض لروسيا في العالم. من المهم احترام الموقف الروسي، لكن يجب أن نتذكر بأن حليفنا الحقيقي والوحيد موجود في الطرف الآخر من المحيط.

اقتراح سخي

الأحد، سترسل الولايات المتحدة مبعوثاً خاصاً لها لموضوع الطاقة إلى بيروت، ومعه اقتراح إسرائيلي لحل الخلاف على خط الحدود البحرية بينها وبين لبنان. الاقتراح الإسرائيلي سخي ويراعي المصالح اللبنانية، انطلاقاً من الفهم بأن لنا مصلحة أيضاً في أن يتمكن لبنان من تمتعه بمخزونات الغاز المدفونة تحت مياهه الاقتصادية.

ظاهراً، يمكن الوصول إلى اتفاق مع لبنان في غضون أسابيع. فما بالك أن تهديدات “حزب الله” تزيد الإلحاح لحاجة حل الخلاف قبل البدء بإنتاج الغاز من بئر كاريش في أيلول. ظهور أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله هذا الأسبوع في مقابلة تلفزيونية ليلية، خلق انطباعاً لدى إسرائيل بأنه هو نفسه لم يقرر بعد ما إذا كان سيخاطر بمواجهة مع إسرائيل في موضوع الحدود والغاز.

رسم نصر الله في المقابلة رواية تبرر كل قرار يختاره: إذا سمح لحكومة لبنان التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، سيدعي بأنه تحقق بفضل تهديداته. ولكنه بالتوازي، بنى حجة غريبة لتبرير عملية له ضد طوافة كاريش. وهو يعرف بأن هجوماً علنياً على الطوافة سيعرضه لخطر الانزلاق إلى مواجهة مع إسرائيل توقع عليه وعلى بلاده الخراب. ولكن بين الهجوم وعدم العمل أمامه مجال لأعمال استفزازية.

وعليه، تأخذ إسرائيل تهديداته بجدية وتشدد الحماية على طوافة كاريش التي تعدّ هدفاً ليس بسيطاً للحماية لأسلحة البحر والجو. إذا لم يكفِ الحر والرطوبة ومعركة انتخابات مضنية أخرى فرضت علينا، سيتعين علينا في هذا الصيف أيضاً البقاء متحفزين لاستقبال شر قد يفتح علينا من الشمال.

 

بقلم: ألون بن دافيد

معاريف 29/7/2022



مقالات أخرى للكاتب

  • الأمن الإسرائيلي متوجساً من "لاهاي": ما مصير علاقاتنا مع الولايات المتحدة؟  
  • “الجزيرة” تنشر “فيلم رعب”.. والمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: كانوا في ساحة شهدت قتالاً من قبل!
  • هل تستغل إسرائيل خلافات حماس وفتح لإقامة حكم عسكري يبدأ من شمالي قطاع غزة؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي