تنهيدات عذبه في الذاكرة ؟
2022-06-28
عبدالوهاب جباري
عبدالوهاب جباري

(1)


_ كانت الحياة في ذمار وديعة وهادئة خلال حصار صنعاء70م
كنا نسكن في بيت الموشكي المطل على مسجدالإمام مطهر
وكان عمي حمود زيدالموشكي متواضع وبسيط يلبس الفوطة البيضاء والكوت وشبشب صيني عادي وهو إبن الثآئر،الشاعر ، الكبير (زيدالموشكي)..
ويحيى اليمني يصبن ملابس زبائنه المحدودين في مسجد المنزل ..
وأذهب صباحا مع إبنه ومحمد حسين الصياد لمدرسة الكويت ومديرها الأستاذ عبدالصمدقطران..ليدرسنا الإنجليزي أ.حسن الأبيض و أ. يحيى العنسي التربية الوطنيه و أ. محمد الأكوع النحو وعلايه والصوفي وغيرهم أستاذ عراقي ( أحمق) وشديد الإنفعال ندعوه أ.عبدالستار ..
التاجر الكبير الزراري لايكتفي بمنافسة بيت سلامه ومياس وغيرهم بل يعتبر نفسه من ثوار سبتمبر 62م ونراه في منصة الإحتفال بجانب المحافظ ومدير الأمن ..
في سوق الربوع نلمح الشيخ أحمد علي الحاذق في بخاره الكبير ..
ونشتري الزلابية من الحج الهمداني والماء المنزلي من الوتاري والشاي من الحج الربع ..وحين تعرج على سوق البجد تجد أمامك يحيى المراني وسيلان وعبدالله البصير ..
في سوق اللقمة بعض دكاكين يعدون فيها وجبة الغداء ..
وإسماعيل سلامة في بخاره راض عن تجارته وقنوعا بها ..
وإذا ما أخترت دخول سوق ( البز )ستشاهد الحاج حسيني الصنعاني وأولاده والحج محمد الصنعاني لايزل يبكي على ولده المتوفي قريبا ..
ومحمد عبدالله مياس وحسن راوية والحج حسين صالح علي
ومتجر تعرض فيه البضائع بتفاخر ليحيى الضبعي ,,
وإن توغلت قليلا فسترى من يحيك الأثواب والأكوات (مخيطين) كثر ..
ومنهم فقهاء ورجال دين ولا أقول علماء دين ..
وبيت المجاهد يبيعون البهارات المدهشة ..بإبتسامات ومداعبات عريضة ..
وسرعان ما ستلمح أحدهم يسمى ( سدده ) يبيع البطاط المفقش ثم صار مهما في المقاومة الشعبية ..
وأمامه من يسقل الجنابي بإهتمام ..
ثم سوق القات والبرعي وباعة القلي واللسيس وأيضا :
الشهير في بيع الفول الذماري ( الحج محب) وباز وبائع الشراب الشعير ..
ذات صباح أمام بيت الشيخ مثنى الشغدري
تجمعت القبائل وشيوخها بيت المصري وعمران والمقادشة ومن البيضاء ورداع والحداء ومغرب عنس متجهة لفك الحصار وفتح طريق صنعاء بالقوة ؟والسيطرة على نقيل يسلح !!
واستمرت زواملهم وصراخهم .. وازداد حماسهم وهم يبترعون ويرقصون ويطلقون النار في الهواء وعرض بيت الحجي وعماد الدين ..
وثاني يوم صدمت ذمار بإستشهاد الشيخ عبدالمنان الشغدري ..( ؟ ! ) ..
طمعا في جنبيته الثمينة جدا .. ليس إلا..
وبدأ الإهتمام في ترتيب جنازته ومواراة جثمانه بإهتمام شعبي كبير جدا .. وحزين .


(2)


بعد وفاة والدي فجأة - رحمه الله - أضطررت لترك دراستي في مدرسة ناصر الثانوية 72م
والتحقت في بنك ذمار للإنشاء والتعمير بشهادة 2ثانوي ..
وكان ضغط العمل كبير جدا ، إذ أن المغتربين كانوا يجنون حصاد العمر لقاء العمل في السعودية وكانت حوالاتهم لاحصر لها ولاعدد تقل سيول سيول .. وكنا نعمل صباحا وعصرا لمابعد الساعة 8مساء؟ وبدون أجور إضافية _ بلاش في بلاش _ والكل لايناقش وسعيد ولامشكلة ..
عندما بدأت أدرك إصفرار وجهي وشعوري بالبرد طوال الوقت ؟
نتج عن جلوسنا ساعات طويلة في البنك ولايوجد تحت أقدامنا موكيت أو سجاجيد تفصل عن أقدامنا برودة الأرضية الإسفلتية ..
وحين بدأ الإرهاق علي ويضغط بقوة ..
لجأت لجارنا الأستاذ (محمدحسن السوسوه) رعاه الله
وكانت صيدليته تحت ديوان بيتنا في سوق الحوطة / الجامع الكبير ..
وأرى على باب صيدليته _ وأنا رايح البنك وجاي منه _ملصقات لبعض الفيتامينات كان يحضرها من بيت المحضار من صنعاء مع العلاجات ..
فسألته أن يختار لي أفضل المقويات لإشعر من جديد بالحيوية والنشاط والقوة وإلى ما هنالك ..
فأبتسم لي صادقا ودودا كأخ كبير لي وقال ناصحا :
_ ولاشيىء .. عليك وعلى المقشامة ..
قشمي وكراث وجرجير وخس وبصل أخضر
وخلي الوالدة تزيد طبخ الخضروات جزر وبطاط ودبا وباذنجان
ولا تحتاج فيتامين صناعية ، مركبة ، قد تضرك ..ولاشيىء ..(؟!)..
وحين لم يعجبني كلامه ..؟!
ثاني يوم توجهت لصيدلية الأستاذ ( محمد ساري) رعاه الله وإذا بي أجده يشرب شراب الشعير في أول إطلالة على ميدان الحكومة من (فلان محب ) ..وحينما عرف قصدي الأستاذ ساري قال لي بحب أخوي كبير :
_ شوف :عليك بطاسة (عدسية ثنتين ) كل يوم لو ستأكل أكثر فهذا أفضل علاج لك ..وأشار لدكان بائع العدس وبعدها قلص شراب الشعير أو إثنين أحسن مية مرة من أي فيتامين ..شديه لك ..
وحين وجدت نفسي غير مقتنع البتة بماقيل لي ..
أنتهزت أول زيارة لي لصنعاء وقصدت عيادة الدكتور السراجي
في بيت الهجوة المطل على ميدان التحرير ..
وبعد أن فحصني قال لي .:
_نم 8ساعات كل يوم لا أكثر ولا أقل ومارس نشاط رياضي كل يوم ؟
كرة قدم وغيرها .. بس .. نعم بس ؟
فعدت لذمار وأنا في حيص بيص ؟
وبدأ مدير البنك محمد حسين الأشول يوظف زملاء جدد للتخفيف علينا
وينشئ إستراحة للبنك اليمني
وتضمنت الإستراحة ..لإول مرة في ذمار ..
ملعب مناسب للعب كرة (الباسكت بول)
وكنا نسرق من أوقاتنا عصرا ..لنخصصها لهذه الرياضة ..الجميلة ..
وشعرت بالدفء في جسدي والنشاط والحيوية كأحسن مايكون ..
وكان يشاركنا بعدئذ قائد قوات العمالقة المقدم عبدالله الحمدي
بتواضع كبير وروح رياضية عالية ..
قلما لمسناها في جنرال يمني غيره ( الله يرحمه ) .


(3)

_وهو واقف لشراء البهارات من دكان المجاهد بمدينة ذمار اليمنية ..
وهم يبتسمون بيت المجاهد للمشترين ويداعبونهم برقي كبير ..
وحينما :
تكرر إسم الضياءالضياء / وياضياء / ياضياء ..
وهو كنية لإسم حسن وربما حسين لإحد المشترين
على مسمع الأستاذ البردوني ؟
وهولايزال طالبا في المدرسةالشمسية بذمار ..
قال للمجاهد سريعا بفضول محبب لنفوس :
_ قللوا . من الضياء . وزيدوا . من . الحوايـج .

 

*سيناريست يمني/ هولندي.



مقالات أخرى للكاتب

  • الدوشـــــــــــــــــــان
  • دردشه رمضانيه مبكرة
  • حكاوى بطعم سلتة الحلبة الصنعانية !





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي