على بوريس جونسون الحذر فالزعماء الذين ينجون من سحب الثقة لا يستمرون طويلا
2022-06-09
شون أوغرايدي
شون أوغرايدي

يبدو أن نتيجة تصويت الثقة بزعامة بوريس جونسون [في الحزب وبالتالي على رأس الحكومة] تضع رئيس الوزراء في فئة المصابين بجروح خطرة [المهتزة زعامتهم]، بعد حصوله على 211 صوتاً مؤيداً مقابل 148 معارضاً لبقائه.

تعتبر النسبة هذه كافية لتفويض رسمي بموجب القواعد، لكنها بالكاد تكفي لإسدال الستارة والسماح للحزب والبلد "بالمضي قدماً" وتحرير الحكومة "لتقوم بعملها" (اعذروا تكراري لبعض الكليشيهات الرائجة حالياً).

يعلمنا التاريخ أن الزعيم المصاب لهذه الدرجة لا ينجو أبداً من تصويت الثقة لفترة طويلة، حتى لو كسب التصويت. في حالة حزب المحافظين (لدى حزب العمال نظام مختلف نوعاً ما)، يتمتع السير إيان دنكان سميث [زعيم المحافظين بين 2001 و2003] بميزة غير محببة تتمثل في كونه الزعيم الوحيد الذي خسر تصويتاً [على الثقة] في عام 2003 بنسبة 90 إلى 75 (تم تجريد الحزب البرلماني من مقاعده من خلال هزائم الانتخابات العامة في عامي 1997 و2001)، لكن حتى الزعماء الفائزين [بتصويت الثقة] كانوا بالكاد محظوظين.

كانت المرة الأخيرة والوحيدة (حتى الآن) التي خضع فيها رئيس وزراء محافظ في منصبه لتصويت ثقة هي في زمن تيريزا ماي، في ديسمبر (كانون الأول) 2018. قامت الحكومة حينها بنشر حجج مماثلة للحجج الحالية، من قبيل "الوقت ليس مناسباً الآن" وأن التصويت سيفاقم الانقسامات، مستهدفة المتآمرين المناهضين لماي. فازت رئيسة الوزراء المحاصرة بالتصويت، الذي تم تنظيمه بسرعة الآن، بنسبة 200 إلى 117، أي أفضل مما حصل عليه جونسون، وأعلن مساعدوها بفخر أنه انتصار في ظل الظروف التي كانت سائدة وعلى خلفية الانقسامات المريرة في شأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لقد كانوا مبتهجين.

على كل حال تحدث رئيس موظفيها في ذلك الوقت، غافن بارويل، بصراحة عن تلك التجربة لاحقاً في مذكراته، قائلاً "كانت الرغبة بالاحتفال طبيعية. ففي نهاية المطاف، حصلت [ماي] على أصوات تفوق تلك المكتسبة في الجولة الأخيرة من انتخابات القيادة [للحزب] في عام 2016، وأعطاها الفوز دفعة أمان، لكن كما اعترفت في بيانها، صوت عدد كبير من زملائها ضدها، وتعرضت لضغوط لاستبعاد فكرة قيادة الحزب في الانتخابات المقبلة. كنا محظوظين لأن خصومها لم يحسنوا تقدير الموقف والوقت، لكن كان من الواضح أن هناك معارضة كبيرة للغاية لتسوية ماي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".

وقد ثبت كل ذلك، وأدت سلسلة من الهزائم التاريخية في مجلس العموم إلى استقالتها في غضون أشهر، على الرغم من أن نتيجة التصويت على الثقة كان من المفترض أن تبقيها في منصبها لمدة عام.

إذا عدنا بالزمن إلى الوراء أكثر، لم يكن هناك مبادرات حزبية لطرح الثقة، لذلك وجب الدفع بإجراءات انتخابات القيادة لجس نبض الحزب. أدى هذا الترتيب إلى بعض التحركات غير العادية. في عام 1995، على سبيل المثال، استقال جون ميجور من رئاسة الحزب [المحافظين] - ولكن ليس كرئيس للوزراء - من أجل الوقوف مرة أخرى في وجه منتقديه المتذمرين وإسكاتهم. كانت انتخابات قيادة [الحزب] وفقاً لمبدأ "اقبل أو اصمت".

لسبب ما، فشل ميجور في الحصول على دعم أحد أعضاء حكومته هو جون ريدوود، الذي استقال ووقف ضده. أخذ ريدوود موقفاً تاتشرياً وجادل بأن "عدم وجود تغيير يعني عدم وجود فرصة". فاز ميجور بسهولة في مواجهة تلك الظروف - بنسبة 218 صوتاً مؤيداً مقابل 89 معارضاً - ولكن امتنع 10 عن التصويت وكان هناك 12 ورقة تصويت مخربة، ما جعل النسبة 218 لصالح ميجور على الرغم من امتناع 111 من زملائهم عن تقديم دعمهم. لقد بقي مجروحاً لمدة عامين آخرين قبل أن ينحدر إلى أسوأ هزيمة يواجهها حزب المحافظين منذ عام 1832، على يد توني بلير.

حتى مارغريت تاتشر، وبعد 10 سنوات من رئاستها للوزراء وبعد ثلاثة انتصارات متتالية في الانتخابات العامة، أصيبت بجروح [سياسية] بليغة بسبب ما بدا أنه احتجاج رمزي ضدها في عام 1989. تم ترشيح مرشح "دريئة" [مرشح صوري لإثارة الانقسام] ضدها، وتمكن من كسب 33 صوتاً فقط مقابل 314 صوتاً لصالحها. تمت السخرية من السير أنتوني ماير، "المدمن" لتأييد أوروبا على أنه "حمار دريئة" (وبروح رياضية، استخدم هذا اللقب عنواناً لمذكراته صغيرة الحجم).

ما حققه ماير هو الأضرار بسمعة السيدة الحديدية المنيعة، وإغراء 27 نائباً آخر من حزب المحافظين بالامتناع عن التصويت، بالتالي الكشف عن مجموعة معارضة أوسع تضم 60 متمرداً، وتمهيد الطريق للتحدي الأكثر خطورة الذي ستواجهه القيادة من قبل مايكل هيسيلتين الذي أدى إلى سقوط تاتشر من السلطة.

فازت تاتشر في الجولة الأولى من انتخابات القيادة تلك، ولكن ليس بهامش كبير بما يكفي لتكون قادرة على البقاء في المنافسة. في هذه الحالة، دفعتها حكومتها فعلياً للخروج من خلال المجادلة بأنها ستخسر تصويت الجولة الثانية وتسمح لـهيسيلتين بالدخول. وكان الخطاب أن عليها التنحي والسماح لشخص ما مثل وزير خزانتها [جون] ميجور، بالحفاظ [واستكمال] على إرثها. وهو أمر نال وصف تاتشر الشهير بـ"الخيانة ذات الوجه المبتسم".

بالتالي، لقد نجا جونسون، ولكن لن يستمر ذلك لفترة طويلة إذا كانت حالة الاقتصاد ضده (كما كان الحال مع تاتشر في ركود عام 1990) وليس إذا استمرت أحزاب المعارضة في التقدم في استطلاعات الرأي (كما حدث مع ميجور في عام 1995): إنه يفتقد للزخم.

ما الذي سيحدث إذن، بعد الكوارث المحتملة للانتخابات الفرعية في وقت لاحق من هذا الشهر [الانتخابات الفرعية المقبلة ستجري في ويكفيلد وتيفرتون وهونيتون في 23 يونيو] ؟ قد يتعين على مجلس الوزراء التدخل في مرحلة ما، أو أعضاء المقاعد الخلفية في لجنة 1922 في حزب المحافظين إلى أن إصرار جونسون على البقاء يخاطر بتعرضه للإذلال والخروج بشكل فوضوي (يمكن القول إنها نهاية مناسبة) - حتى لو كان آمناً من الناحية النظرية لـ12 شهراً التي قد توصله إلى بر الأمان في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة التالية (والتي ستجري بالطبع في وقت يختاره بنفسه).

وقد يهدد جونسون بالدعوة إلى انتخابات عامة، باستخدام السلطات الشخصية الجديدة الواسعة عبر قانون "حل البرلمان والدعوة إليه". قد يغرق هذا الحزب والبرلمان والملكة والمحكمة العليا في أزمة دستورية جديدة. وفقاً لحسابات جونسون، قد يتمكن من صد أعدائه فقط من خلال التهديد بنهاية درامية ومثيرة لرئاسته للحكومة، لكن عملياً، الأزمة قد بدأت للتو.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس – اندبندنت عربية-



مقالات أخرى للكاتب

  • ترمب مخطئ جدا بشأن "الناتو" ومصير الغرب شائك في حال فوزه  
  • محكمة كولورادو تمنح ترمب ما يريده تحديدا  
  • بريطانيا قد تعود إلى الحضن الأوروبي بصيغة فرنسية  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي