عند الوصول إلى مرحلة البلوغ، أي الثالثة، يدخل منافسون في السوق لإنتاج المنتج نفسه، في الوقت الذي ينتشر الطلب خارج حدود الدولة لكن في دول مماثلة من ناحية الدخل والرغبات. وتبدأ الصادرات. مع زيادة الطلب العالمي على المنتج، تبدأ الشركة في التفكير في فتح مصانع في الدول الأخرى التي تصدر إليها. هذا يعني أن المرحلة تشهد زيادة كبيرة في الصادرات، ثم انخفاضاً كبيراً لها عندما تفتح الشركة مصانع في البلاد الأخرى ذات الطلب الكبير على منتجها.
في المرحلة الرابعة، أي التشبّع، تصل المبيعات إلى أوجها، وتقوم الشركة بتغييرات في المنتج كي تحافظ على الطلب في وجه المنافسة من الشركات الأخرى التي تبدأ في زيادة حصتها السوقية على حساب الشركة التي اخترعت المنتج أصلاً.
في المرحلة الأخيرة، معلومات المنتج معروفة التفصيل لكل المستهكلين والمنتجين، ومن ثم تتلاشى الأرباح. هنا إما أن تقوم الشركة بوقف الإنتاج، أو بيع خط الإنتاج لشركة أخرى، أو تنقل المصانع إلى دول العالم الثالث بحثاً عن العمالة الرخيصة والموارد الأرخص.
إلا أن هناك منتجات مهمة للأمن القومي للدول الصناعية تمنع انتقالها إلى الدول الأخرى، مع أنها وصلت إلى مرحلة البلوغ منذ عقود، مثل صناعة الطيران وبعض الأمور التي تتعلق بالتسليح.
أهم نتيجة من هذه النظرية أن المنتَج يتطور حتى تصبح مواصفاته محددة وموحدة، الأمر الذي يسهل عمليات الإصلاح والتغيير والصيانة، كما يسهّل عملية بناء تكنولوجيا تعتمد عليه. ومع الاهتمام الكبير بالتغير المناخي، يمكن تطوير خطط وسياسات وصناعات لتدوير المنتج أو التعامل معه بطريقة صديقة للبيئة. هذه الأمور لا تتم إلا في المرحلتين الرابعة والخامسة. فلا يمكن مثلاً الاستثمار في تكنولوجيا جديدة لتدوير مخلفات المنتج إذا كان في مرحلة تغير دائم، مع المواد التي تستخدم فيه.
طاقة الرياح والطاقة الشمسية والسيارات البديلة
تشترك عنفات الرياح والألواح الشمسية والسيارات الكهربائية وبطاريات تخزين الكهرباء في أنها منتجات صناعية. إلا أن الفرق بينها وبين المنتجات الصناعية الأخرى أن الحكومات تبنتها تحت غطاء التغير المناخي ودعمتها بمليارات الدولارات. كما تبنّتها المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الدولية وغيرها. هذا الدعم القوي على مستوى الحكومات والمنظمات الدولية جعل هذه المنتجات تنتشر ويتم تصديرها إلى أنحاء العالم من دون أن تمر بالمراحل الخمس أعلاه، ولهذا عواقب سيئة كثيرة.
منها أن التغير المستمر في تكنولوجيا هذه المنتجات يعني الحاجة المستمرة إلى التجديد والتدريب، وهذا مكلف. كما لا يمكن تحقيق الكفاءة في عمليات الصيانة بسبب التغيير المستمر. وأن أي تطور تكنولوجي في إحدى أنواع هذه المنتجات قد لا يساعد استثمارات دول نامية في تكنولوجيا لا يمكنها استخدام مثيلتها الجديدة. أضف إلى ذلك أن محاولات تدوير المخلفات وغيرها، وكل خطط الالتزام بالتخفيف من ملوثات الهواء أو المخلفات الصلبة قد تبوء بالفشل. مثلاً، إنفاق عشرات الملايين من الدولارت على تطوير تكنولوجيا لتدوير بطاريات السيارات الكهربائية قد يبوء بالفشل، ويتم خسارتها بالكامل إذا تغيرت نوعيتها أو محتوياتها.
خلاصة الأمر أن تشجيع الحكومات للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية وانتشارها قبل أن تبلغ مرحلة النضج سيكلف العالم الكثير من المال، من دون تحقيق تقدم كبير في مجال البيئة. لهذا، إن أكبر خطأ تقوم به الدول التي تقود موضوع التغير المناخي، هو الإسراع في تصدير هذه التكنولوجيا ومحاولة إجبار الدول الأخرى عليها، علماً أنها لم تنضج بعد.
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع