هل لدى الحزبين الديمقراطي والجمهوري ثوابت لا تتبدل؟
2020-10-29
بسام البنمحمد
بسام البنمحمد

مع قرب العد التنازلي للانتخابات الأمريكية كذلك مع زيادة الاستقطاب والصدام الحزبي بين الديمقراطيين والجمهوريين، يلجأ الكثير من غير المختصين لتبسيط الامور بحيث يصورون أن هذا الحزب أفضل لنا من الآخر، ولكن هذا خطأ، ولا ينظر إلى طبيعة نظام الحزبين والتحولات المحلية والدولية.
طبعًا الذاكرة القصيرة تصور لنا أن الديمقراطيين بالذات ابان حكم باراك أوباما كانت سياساتهم سلبية جدًا بالنسبة لنا واننا في حال أفضل مع الجمهوريين لأن الذاكرة القصيرة تقارن بين 8 سنوات أوباما و4 سنوات دونالد ترامب، وننسى ان ترامب نفسه أتى من خارج النخبة السياسية ولو أنه يمثل الحزب الجمهوري، ولكنه رئيس غير تقليدي بكل معنى الكلمة.
ولكن واقع الحال أن الحزب الديمقراطي اليوم يختلف كثيرًا كتوجهات وسياسات وحتى قاعدة جماهيرية عن بداياته على يد المؤسسين من أمثال اندرو جاكسون، الذين كانوا ضد تحرير العبيد، وتحولت قاعدته الجماهيرية من الجنوب الى ولايات الشمال وأصبح يعتمد على الأقليات وعلى المفاهيم الليبرالية والحرية المدنية، وتحول بشكل عام من يمين الوسط الى يسار الوسط، وكثير من قواعده أصبحت تمثل اقصى اليسار، بينما الحزب الجمهوري فبدأ على يد أبرز مؤسسينه الرئيس الامريكي ابراهام لنكولن الذي دافع بشدة لتحرير العبيد ومنع تجارة الرقيق وخاض حربًا للحفاظ على وحدة الأراضي الامريكية ضد الانفصاليين من الجنوب، أما اليوم فأكبر قاعدة جماهرية له في الجنوب والولايات الوسطى بدل الشمال، ويتبنى سياسات محافظة اجتماعيًا مع اقتصاد حر وتخفيض الضرائب وبيئة تجارية محفزة.
وهذا التبدل والتحول الكبير لكل حزب يدلنا على أنه بحكم هيمنة هذين الحزبين على النظام السياسي فتضطر الكثير من الجماعات الصغيرة التي لها توجهات مختلفة إلى أن تتغلل داخل أحد هذين الحزبين والسعي للسيطرة على توجهاته وتبديل سياساته، وهذا تحديدًا ما حصل عندما تبدلت توجهات كل حزب وتبدلت قاعدته الجماهيرية، بالذات الحزب الديمقراطي الذي تبدل من يمين الوسط ليسار الوسط وتهيمن عليه اليوم قيادات تتبنى سياسات يسارية متطرفة.
ولذلك لا بد ألا نحكم على كل حزب كأنه قائم على مبادئ ثابتة لا تتبدل، فنخطئ في تبني سياسات غير واقعية تربطنا مع أحد الحزبين وتبعدنا عن الآخر حتى ولو كانت سياسات أحدهم أسوأ من الآخر في مرحلة ما، فلا نكون أقرب لهذا الحزب ونعادي ذلك الحزب بشكل مطلق. إنما لا بد لنا ان ننظر لمن يقود الحزب في ذلك الوقت وما هي توجهاته في تلك المرحلة وأين تتقاطع مصالحنا معه وأين تصطدم، وكيف لنا ان نسهم في جعل سياسات كل من الحزبين أكثر توافقًا وتفهمًا لمصالحنا، بدلاً من معاداة حزب معين بشكل عاطفي في تبسيط مضر ومبالغ فيه لطبيعة النظام السياسي الامريكي وتوجهاته في السياسة الدولية، بالذات اننا لا نصوت ولا يد لنا فيمن يفوز بالانتخابات.

-المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع



مقالات أخرى للكاتب

  • سياسة أمريكا ونموذج Apple
  • التطبيقات والأمن القومي للدول
  • الافضلية للمهارات ومفهوم جديد للبطالة





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي