ترامب ما قبل الانتخابات.. ماذا وراء اعتراف إسرائيل بكوسوفو؟
2020-09-06
كتابات عبرية
كتابات عبرية

بقي شهران على انتخابات الرئاسة الأمريكية، والمرشح ترامب في حمى تقديم الإنجازات، بل حصاد الإنجازات، وحسب كلام صهره، كبير المستشارين جاريد كوشنر. ويترجم هذا الذعر في مجال السياسة الخارجية الأمريكية إلى استراتيجية يمكن وصفها للحظة وباختصار بـ “ترامب يصنع سلام من برجه العاجي”.

هدف الرئيس الأمريكي هو التوسط بقدر الإمكان للوصول إلى اتفاقات دولية تعرضه كوسيط الصفقات الأفضل، الأمر الذي يحبه. ويفضل أن تكون النزاعات الدولية التي يقوم بحلها تاريخية ومغطاة إعلامياً، من النوع الذي يتفاخر بالسخرية من جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها سلفه باراك أوباما. حصلت إسرائيل على الدور الرئيسي لهذا العرض الذي يقوم به ترامب، سواء كانت معنية بذلك أم لا. الأساس هو أن القاعدة الإفنغلستية معنية بذلك.

هكذا تم ضم إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي إلى اتفاقات تطبيع العلاقات الاقتصادية بين صربيا وكوسوفو، بعد أن رفضت إسرائيل ولسنوات كثيرة مرة تلو الأخرى الاعتراف باستقلال كوسوفو ذات الأغلبية المسلمة، وكانت الذريعة الرسمية هي معارضة صربيا لذلك. ولكن السبب الأكثر عمقاً كان عملياً هو منع سابقة تمكن من الاعتراف بإعلان أحادي الجانب عن استقلال فلسطين. وعلى الرغم من محاولة جس نبض لفتح مكتب تجاري لكوسوفو في تل أبيب خلال السنوات الأخيرة، فقد واصلت إسرائيل رفض الاعتراف الكامل بها كدولة.

لم تكن المشكلة في كوسوفو التي طالما رغبت في اعتراف إسرائيل بهم، بل كانت لدينا. أما الآن، وبضغط من ترامب، غير رئيس الحكومة نتنياهو موقف إسرائيل في هذا الموضوع وقرر الاعتراف بكوسوفو بشكل رسمي. في المقابل، قيل إن كوسوفو ستفتح سفارة في القدس. وهذه الخطوة تساعد رواية ترامب ونتنياهو بشأن سيل السلام والتطبيع الجارف بين إسرائيل والعالم الإسلامي برعاية أمريكا وبدون الفلسطينيين.

وحسب هذه الرواية، أعلن نتنياهو بأن “كوسوفو ستكون الدولة الأولى ذات الأغلبية المسلمة التي ستفتح سفارة في القدس. تتوسع دائرة السلام والاعتراف بإسرائيل، ويتوقع أن تنضم إليها دول أخرى”، هذا في حين أن ترامب بالغ ووصف هذه الخطوة بـ “يوم آخر رائع للسلام في الشرق الأوسط”، حيث يخلط في تغريدة واحدة نزاع البلقان والصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في عصيدة عالمية كبيرة واحدة.

تعتبر صربيا هذه الاتفاقات فرصة اقتصادية على خلفية رغبتها في قبولها عضوة في الاتحاد الأوروبي. وقد وقعت على هذه الاتفاقات مع الولايات المتحدة وليس مع جارتها، ولم تعارض اعتراف إسرائيل بكوسوفو. وأكد ذلك من هم في محيط نتنياهو؛ لتعزيز ادعائهم بأن المشكلة كانت في ذلك الأمر.

تعهدت صربيا أيضاً بنقل سفارتها إلى القدس بعد سنة تقريباً. لماذا بعد سنة؟ تفضل صربيا أولاً فحص هل سيبقى ترامب في البيت الأبيض قبل البدء بخطوات دراماتيكية. وسيكون لديهم أيضاً، كأعضاء مستقبليين في الاتحاد الأوروبي، تبرير لعدم فعل ذلك، فالاتحاد يعارض نقل السفارات إلى القدس.

وعد ترامب ونتنياهو مرات كثيرة بأنها ليست سوى البداية، وأن هناك دولاً أخرى ستطبع علاقاتها قريباً مع إسرائيل. وإلى حين الاحتفال الرسمي مع الإمارات في البيت الأبيض المخطط إجراؤه في الأسبوع الذي يسبق رأس السنة، فإن واشنطن تأمل بتجنيد عدد من الدول الأخرى لهذه الخطوة. جرى ذكر البحرين والسودان وسلطنة عمان مرات عدة، لكن لا أحد تخيل أن تجر كوسوفو على طول الطريق من أوروبا إلى عملية السلام في الشرق الأوسط. وفي ضوء ذلك، سيكون لدينا قريباً المزيد من المفاجآت، كما يقولون، فلا نعرف أي نزاعات تاريخية أخرى سيتم جرها إلى منطقتنا.

في نهاية المطاف، اعتراف إسرائيل بكوسوفو خطوة إيجابية كان يجب أن تحدث قبل سنوات كثيرة دون صلة بالطريقة التي ولدت فيها الآن. ولكن لا يوجد أي اتفاق، مباشر أو غير مباشر، مع أي دولة إسلامية يمكنه أن يغيب الفلسطينيين من هنا حتى البلقان. هذا هو النزاع الحقيقي الذي يجب حله.

 

بقلم: نوعا لنداو

 هآرتس 6/9/2020



مقالات أخرى للكاتب

  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  
  • إسرائيل بعد ضربتها لأصفهان.. هز مقصود للسفينة الإقليمية أم لعب بالنار؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي