يُواصل مباغتة العالم بأعراض جديدة.. ما هو «لسان كوفيد»؟

Covid tongue? Why new Covid-19 symptoms keep popping up.
2021-03-13

كتب عُمير عرفان، المتخصص في تغطية التغير المناخي والطاقة، تقريرًا نشره موقع «ڤوكس» الإخباري الأمريكي سلَّط فيه الضوء على الأعراض الجديدة لمرض كوفيد-19، التي تواصل الظهور مع مرور الوقت، مشيرًا إلى بعض الآثار الجانبية التي تلازم المريض حتى بعد تعافيه.

هل أصبح تشخيص الإصابة بكوفيد-19 أمرًا تقليديًّا؟

في مطلع التقرير يُشير الكاتب إلى مرور أكثر من عام واحد منذ وصول كوفيد-19 إلى الولايات المتحدة. وقد أصبحت مجموعة الأعراض، التي كانت محيرة سابقًا، مثل السعال، والحمى، وضيق التنفس، وفقدان حاستي التذوق والشم، في الوقت الراهن أعراضًا تقليدية تمامًا بالنسبة للأطباء في جميع أنحاء البلاد. وأصبح نطاق الاحتمالات «محدودًا جدًّا جدًّا» في الوقت الحاضر، عندما يظهر أحد الأشخاص في عيادة الطبيب مصابًا بأعراض تنفسية جديدة.

يقول أنيش ميهتا، المدير الطبي للجودة الإكلينيكية والصحة الافتراضية في مركز «إيدن» للرعاية الأولية الصحية وأستاذ مساعد للطب السريري في كلية طب إيكاهان في ماونت سيناي: إن «هناك احتمالًا أن تكون مصابًا بمرض كوفيد-19، إذا كنتَ تعاني من الحمى والسعال، أو إذا كنت تعاني من الحمى وتشعر بآلام في العضلات».

ويوضح كاتب التقرير قائلًا: إن الباحثين في مجال الطب تعلموا أيضًا مزيدًا من الأمور عن كيفية الإصابة بكوفيد-19 عبر الدورة الدموية والجهاز العصبي والجهاز المناعي، مصحوبًا بظهور أعراض مثل الطفح الجلدي والجلطات الدموية والسكتات الدماغية؛ بل حتى ظهور تقرحات القدم المُسمَّاة بـ«الطفح الجلدي على الأقدام المرتبط بكوفيد-19».

إلى جانب ذلك، أصبح الباحثون على دراية بأكثر من 10٪ من المتعافين من مرض كوفيد-19، الذين يفيدون أنهم يعانون من أعراض طويلة الأمد، وتشمل صعوبة تجميع الأفكار، ومشاكل التركيز، وخفقان القلب، وفقدان الشعر، وتقلبات المزاج.

لسان كوفيد

بيد أن الباحثين يكتشفون حاليًا أعراضًا جديدة. إذ بدأ تيم سبيكتور، أستاذ علم الأوبئة الوراثية في كينجز كوليدج لندن، مؤخرًا في استقبال تقارير عن وجود أعراض جديدة، مثل تقرحات في الفم وعرضًا آخر أطلق عليه «لسان كوفيد»، وهو عبارة طبقة غريبة تتكون على اللسان، ويمكن أن تكون بيضاء أو صفراء، وكان سبيكتور يتعقب تطورات كوفيد-19 طيلة مدة الجائحة من خلال تطبيق دراسة أعراض كوفيد-19 على الهواتف الذكية.

يقول سبيكتور: «توصلنا إلى هذا العرض لأن بعض المرضى أرسلوا لي صورًا لألسنتهم. وقد نشرتُ هذه الصور، ثم بدأ الناس ينشرون كذلك.. مدركين أن هذا هو العَرَض الذي كانوا يعانون منه بالأساس عندما كانوا مصابين بمرض كوفيد-19. إنه أحد الأعراض الغريبة التي لم يعتقد أي طبيب أنها مرتبطة بكوفيد».

ويستدرك الكاتب قائلًا: ولكن على الرغم من الانخفاض الذي نشهده في حالات الإصابة بكوفيد-19، وحالات الدخول إلى المستشفى ومع طرح عدة لقاحات للوقاية من كوفيد-19، ما زال فيروس «سارس-كوف-2» الذي يُسبب كوفيد-19 ينتشر، إلى جانب أن الطفرات الجديدة المنبثقة عن الفيروس تُهدد بالقضاء على بعض التقدم الذي أحرزته البشرية في مواجهة الجائحة.

وكلما زاد انتشار الفيروس، زادت احتمالية ظهور طفرات جديدة. ويمكن أن تكون التغييرات في الأعراض علامة تحذير من وجود طفرات منبثقة من الفيروس. لذلك ينبغي أن يظل الأطباء منتبهين ومستعدين لحدوث أي شيء.

وفي السياق ذاته قال أندرو تشان، أستاذ علم المناعة والأمراض المعدية في كلية «تي إتش تشان» للصحة العامة في جامعة هارفارد، والذي تعاون مع سبيكتور على دراسة كوفيد-19 من خلال تطبيق الأعراض: إنني «أعتقد أن الدرس المستفاد هو أن الأعراض الغريبة قد تظهر فجأة دون تفسير واضح. ويجب أن ينتبه كل العاملين في قطاع الرعاية الصحية لهذا الأمر».

قائمة أعراض كوفيد-19 تتزايد مع مرور الوقت

ولفت التقرير إلى أن تفشي مرض كوفيد-19 على نطاق واسع، مع إصابة 115 مليون شخص على مستوى العالم حتى الآن، تعني أن المرض أُتيح له إمكانية التأثير على حياة الناس في إطار مجموعة متنوعة من الظروف، والتي تشمل الظروف الصحية، والسن، والتغذية، ومستويات المعيشة، وإمكانية الحصول على الرعاية الصحية. ويبدو أن الكيفية التي يتفاعل بها كوفيد-19 مع هذا التنوع والمتغيرات هو أحد أسباب ظهور عديد من الأعراض المختلفة.

ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن الأعراض الأكثر شيوعًا لمرض كوفيد-19 هي:

حمى أو قشعريرة برد.

السعال.

ضيق التنفس أو صعوبة التنفس.

الإرهاق.

فقدان حاسة التذوق أو الشم.

صداع الرأس.

آلام في العضلات أو البدن.

التهاب الحلق.

احتقان أو سيلان الأنف.

الغثيان أو القيء.

الإسهال.

ونوَّه التقرير إلى أنه من المُجدِي التفكير في تطور كوفيد-19 على مراحل. إذ يكون الفيروس نفسه، خلال المرحلة الأولية من المرض، هو الذي يُسبب أكبر قدر من الضرر؛ مما يُؤدي إلى ظهور عديد من أعراض الجهاز التنفسي مثل فقدان حاسة التذوق أو الشم، والتي لم تزل أحد أكثر الأعراض المبكرة.

ومع تطور المرض تُصبح استجابة الجهاز المناعي هي العامل المؤثر السائد؛ مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الحمى والقشعريرة والالتهابات. وبمجرد اختفاء الفيروس، يُمكن أن يستمر الضرر الناجم عن الفيروس واستجابة الجهاز المناعي.

آثار كوفيد طويلة الأمد

وعلى سبيل المثال، يُمكن أن يؤدي كوفيد-19 إلى تجلط غير طبيعي في الدم. وقد تؤدي هذه الجلطات إلى خنق الأوعية الدموية وتضييقها، مما يُسبب عدم قدرة أعضاء أخرى مثل الكبد أو الكلى على القيام بوظائفها. وقد يستغرق الأمر أسابيع لظهور بعض هذه الآثار.

ويُضيف التقرير: هناك عامل آخر يجب مراعاته، وهو أن أعراض كوفيد-19 يمكن أن تتجمع معًا داخل مجموعات، والتي قد تصبح دليلًا على الإصابة بمرض كوفيد-19. وفي ورقة بحثية اعتمدت على بيانات مستمدة من تطبيق تتبع أعراض كوفيد-19، حدَّد الباحثون سِت مجموعات متميزة من الأعراض لمرض كوفيد-19.

على سبيل المثال كان المرضى الذين عانوا من أعراض الجهاز التنفسي مثل: التهاب الحلق، والسعال، إلى جانب أعراض الجهاز الهضمي، مثل: الإسهال، وآلام البطن، أكثر عرضة للدخول إلى المستشفى من مرضى كوفيد-19، الذين لم يُعانوا من مشاكل في الجهاز الهضمي.

بالإضافة إلى ذلك يُرسل ظهور مجموعات من أعراض كوفيد-19 رسالة تحذيرية عن الإصابة بمرض كوفيد طويل الأمد. وأوضح تشان، قائلًا: «لاحظنا أن المرضى الذين يُعانون من الإرهاق، والصداع، وضيق التنفس، وفقدان الشم، قد يكونون أكثر عُرضة للإصابة بمرض كوفيد طويل الأمد».

واستطرد كاتب التقرير قائلًا: يواصل العلماء محاولة تحديد ما إذا كان كوفيد طويل الأمد ناجم عن الفيروس نفسه، أم عن العدوى الانتهازية، أم عن غيرهما من الظروف الأساسية الكامنة التي تتفاقم نتيجة المرض. ويُؤكد تشان: «أن الأسباب البيولوجية الأساسية وراء ظهور هذه الأشياء التي يتسبب فيها أي فيروس، غير واضحة». ومع ذلك يشعر مسؤولو الصحة حاليًا بالقلق من أن أعراض كوفيد-19 طويلة الأمد يُمكن أن تُسبب أزمة صحية هائلة.

وفي الأول من مارس (آذار)، تحدث فرانسيس كولينز، مدير المعاهد الوطنية للصحة، مع شبكة «إن بي سي نيوز» قائلًا: «أخشى ألا يكون الأشخاص، الذين عانوا من هذه الآثار والتي لم تظهر سوى قبل ثلاثة أو أربعة أشهر، في طريقهم إلى التحسُّن في غضون بضعة أشهر أخرى. وعندما تفكر في أن 28 مليون شخص في الولايات المتحدة قد أصيبوا بكوفيد-19، حتى لو كان 1% منهم فقط يعاني من العواقب المزمنة الطويلة الأمد، فهذا عدد لا يُستهان به».

ولكن في الوقت نفسه، لا يزال هناك أشخاص يصابون بالمرض ولا يعانون من أي أعراض على الإطلاق، ولكن يظل بمقدورهم نشر الفيروس. وصحيحٌ أن التقديرات في هذا الشأن تختلف، لكن الباحثين يعتقدون أن ما بين 20% إلى 50% من الإصابات بفيروس «سارس-كوف-2» لا تظهر عليها أي أعراض وتنشر العدوى.

لذلك في الوقت الذي يفهم فيه الباحثون حاليًا المرض فهمًا أفضل لم يزل أمامنا كثير من الأمور التي يجب تعلمها. وبينما يستمر المرض في الانتشار والتحوُّر، يشعر الباحثون بالقلق من أنه قد يبدأ في الظهور بطرق غير متوقعة.

أعراض مماثلة لأعراض الطفرات القديمة

صحيحٌ أنه من النادر حدوث ذلك، لكنَّ الباحثين وثَّقوا عدة حالات لأشخاص أصيبوا بفيروس «سارس-كوف-2» مرةً أخرى. وبالنسبة للعدد الأكبر من المصابين، فإنه ينتج عن الجولة الثانية من الإصابة أعراض أقل وطأة من الجولة الأولى. لكنَّ عديدًا منهم أصبحت حالتهم أكثر حدة وخطورة في الجولة الثانية، وتُوفِّي بعضهم.

ويُرجح التقرير أن تزيد الطفرات الجديدة المنبثقة عن الفيروس، التي تنتشر بسرعة، من فرص حدوث ذلك. وبالفعل أظهرت بعض الطفرات أنها أكثر قابلية لنشر الإصابة بالمرض وربما أكثر فتكًا. وفي الدراسات المختبرية كانت الأجسام المضادة، التي أُنتجت لمواجهة السلالات السابقة من فيروس «سارس-كوف-2»، أقل فعالية مقابل بعض الطفرات، مثل طفرة (B.1.351)، التي عُثِر عليها لأول مرة في جنوب أفريقيا.

وهذا يعني أن الشخص الذي تجاهل الإصابة السابقة بكوفيد-19 قد يُواجه لاحقًا مسارًا أكثر خطورة للمرض. كذلك، يمكن لبعض الطفرات أن تجعل تأثير اللقاحات المضادة لكوفيد-19 أقل فعالية في الوقاية من المرض.

وبالنسبة لكيفية ظهور الطفرات، فإنها تظهر حاليًا بطرق مماثلة للسلالات السابقة من الفيروس. ويُوضح تشان، قائلًا: «من هنا ومن خلال الدراسة التي أجريناها على أعراض كوفيد-19، يمكننا القول إننا لم نشهد اختلافات كبيرة جدًّا فيما يتعلق بالأعراض التي يُعاني منها الأشخاص».

كيف يمكن تحديد الطفرات الجديدة المنبثقة عن الفيروس؟

واستشهد التقرير بدراسة استقصائية أجريت في المملكة المتحدة وجدت أن الطفرة (B.1.1.7) المنبثقة عن سلالة كوفيد 19 أدَّت إلى حدوث بعض التغييرات البسيطة في الأعراض. وذكر مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة أن «المرضى الذين خضعوا لاختبار الإصابة بالطفرة الجديدة في المملكة المتحدة، وجاءت نتيجة الاختبار إيجابية، كانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن أي أعراض جديدة أو تقليدية، لكنهم كانوا أقل عرضة للإبلاغ عن فقدان حاستي التذوق والشم».

وفي الختام أبرز التقرير أن الولايات المتحدة لا تجري رصدًا جينيًّا بالقدر الكافي لتحديد الطفرات الجديدة المنبثقة من الفيروس فور ظهورها. وقد يدل التغيير المفاجئ في الأعراض على أنه علامة تحذير من وصول طفرة جديدة أخرى. بل يمكن أن يظهر مزيد من الأعراض، التي لم يُبدِ لها الأطباء أي اهتمام سابقًا.

وخلُص سبيكتور، إلى أن «الوضع يُخبرنا فقط أننا بحاجة إلى أن نتحلى بالتواضع وإدراك أننا لا نعرف سوى القليل جدًّا عن هذا الفيروس، وأن نظل دائمًا مُتفتحِي الذهن والإدراك».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي