هَيمن على الحياة المرئية الرقمية.. كيف «ابتلع» يوتيوب العالم؟

How YouTube swallowed the world
2021-03-08

نشر موقع «ڨوكس» مقالًا لبيتر كافكا، كبير المراسلين في موقع «ريكود»، وشيرين غفاري، مراسلة الموقع الأمريكي، تحدثا فيه عن المكانة الكبيرة التي وصل إليها موقع «يوتيوب»، منصة الفيديو التابعة لـ«جوجل»، لا سيما بعد أن بات مستخدمو «أكبر موقع للفيديو» يحققون منه مكاسب مالية، مستفيدين من وجود مساحةٍ على الموقع تتسع لأي شخص لعرض كل شيء، فهل هذه ميزة أم عيب؟

يبدأ الكاتبان تقريرهما بالإشارة إلى أن «يوتيوب» يضم أكثر من ملياري مستخدم، ويُدِرُّ عائدًا يقدر بملياري دولار سنويًّا. ولكن تلك الأرقام لا تكفي لتفسير حجم أكبر موقع للفيديو في العالم وتأثيره.

مميزات «يوتيوب»

يحاول الكاتبان تفسير ذلك، فيقولان: إن «يوتيوب» موقع كبير جدًّا لدرجة أنك لا يمكنك ملاحظة ذلك تقريبًا؛ ذلك أنه متغلغل في كل مكان، ودائم التحديث في كل الأوقات. ويبدو أنه أصبح ركنًا أساسيًّا في الحياة الرقمية، مثل الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني.

وربما تذهب إلى «يوتيوب» بانتظام، كما يفعل أولاد أحد الكاتبين، بغرض التسلية أو التعليم. وربما ينتهي بك الحال مثل كثير من الأشخاص الآخرين إلى مشاهدة «يوتيوب» من دون أن تعرف أنك تشاهده؛ ذلك أن مشاهدتك لمقطع فيديو تعني في الغالب أنك تشاهد موقع «يوتيوب».

كما يصعُب عليك أن تفهم كيف وصل «يوتيوب» إلى هذه المكانة بهذه السرعة؛ إذ لم يكن الموقع موجودًا حتى عام 2005. وعندما اشترته شركة «جوجل» في عام 2006، كانت هناك احتمالية قائمة أن عملاق البحث قد أهدر لتوِّه 1.65 مليار دولار. وكان «يوتيوب» بالتأكيد مكانًا مناسبًا لمشاهدة الكلاب وهي على متن على ألواح التزلج، أو المقاطع المقرصنة لأغنية «Lazy Sunday»، ولكن ما الذي يمكنك فعله على الموقع غير ذلك؟

يجيب الكاتبان: الآن نعلم أن «يوتيوب» أصبح مكانًا يمكنك فيه مشاهدة أي شيء، مثل: المواد العظيمة، والمواد الحمقاء، والمواد المفيدة، والمواد الخطيرة. كما يمكنك تحميل أي شيء تقريبًا عليه، إذا كنت تميل إلى ذلك. ويُعد «جوجل» منصة مفتوحة تهدف إلى توزيع أي شيء وكل شيء بسرعة، من دون أن تعترضك أي عقبات.

وسواء كان ذلك شيئًا محمودًا أو مذمومًا، أو محمودًا ومذمومًا في الوقت ذاته، فإن هذا يعتمد على منظورك الخاص.

كيف وصل «يوتيوب» إلى هذه المكانة العالمية؟

يستدرك الكاتبان قائلين: كما نُوضح في الحلقة التي تُبث هذا الأسبوع من سلسلة التدوينات الصوتية «أرض العمالقة: إمبراطورية جوجل»، لم يَسِر «يوتيوب» – وجوجل – في مسار مستقيم حتى يصلا إلى هذه المكانة.

على سبيل المثال، بدأ «يوتيوب» منصة مبتكرة لا تدر أرباحًا، أسَّسها رجلان من «باي بال»، وكان لدى «جوجل» خططه الخاصة للهيمنة على مقاطع الفيديو التي تُبث عبر الإنترنت. ولكن «جوجل» سرعان ما حول مساره، وأوقف موقعه الداخلي الخاص بالفيديو (ومعك حق إذا لم تذكر شيئًا يُطلَق عليه جوجل فيديو) واشترى «يوتيوب» بدلًا منه.

وبالمثل، لم يكن لدى الأشخاص الأوائل الذين نجحوا على «يوتيوب» خطط «لإحراز نجاح على يوتيوب خصيصًا». بل كانوا في غالب الأحيان مجرد أطفال، مثل الممثلين أنتوني باديلا، وإيان هيكوكس، قائدي فرقة سموش (وهي مجموعة حلقات كوميدية ذات قصص مختلفة)، اللذين كانا يفعلان ذلك من أجل المتعة، ولأن استخدام «يوتيوب» كان سهلًا.

«يوتيوب».. وسيلة لكسب الأموال

ويتابع الكاتبان قائلين: ولكن سرعان ما اكتشف «يوتيوب» أن بإمكانه إعطاء فرقة إيان وأنتوني فرصة عالمية لكسب الأموال عبر «يوتيوب»، من خلال إعطائهما نسبة من بعض إيرادات الموقع. والآن هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يرفعون مقاطع فيديو على «يوتيوب» ويستخدمونه لتحقيق ربح أو اكتساب سلطة أو تحقيق كليهما، وهناك أيضًا حالة شد وجذب مستمرة داخل الموقع، الذي يريد بقاء كل مقاطع الفيديوهات تلك على منصته، ما لم يكتشف أن بعض هذه المقاطع تجاوزت الحد.

وتُعَد معرفة ذلك الحد، وكيفية تحديد «يوتيوب» له، وأسباب اتخاذ الموقع قرارًا بتجاهل مواد أخرى يبدو أنها تجاوزت الحد بالنسبة لكثير من الناس – يبدو كل هذا – مصدرًا للنقاش المستمر داخل «يوتيوب» وخارجه.

وقد يكون من الصعب جدًّا محاولة معرفة كيف يضع «يوتيوب» السياسات التي تحكم منصته، ولماذا يضعها، حتى يونيو (حزيران) 2020. على سبيل المثال، كان ديفيد دوك، قائد مجموعة «كو كوكس كلان» (وهي مجموعة إرهابية تنشط في الولايات المتحدة وتؤمن بتفوق العرق الأبيض والعنصرية ومعاداة السامية والإسلاموفوبيا وكراهية الأجانب) سابقًا، لديه قناة على «يوتيوب».

مشكلة لا نهاية لها

ويبدو أيضًا أن تنظيف الموقع سيكون مشكلة لا نهاية لها بالنسبة لـ«يوتيوب» والعالم الذي يؤثر فيه؛ نظرًا إلى أن «يوتيوب» عبارة عن منصة مفتوحة، ولذلك يبدو أنه من المستحيل تصور أن يكون هناك عالم تستطيع فيه توليفة من القواعد المكتوبة بعناية والاعتدال المدروس والتعلم الآلي القوي أن تبقيه خاليًا من المستخدمين البغيضين، وهم الأشخاص الذين قد يريدون استخدام أكبر موقع للفيديو في العالم لنشر المعلومات المُضلِّلة حول اللقاحات، أو نتائج الانتخابات، أو نظرية تفوق العرق الأبيض.

ويختتم الكاتبان تقريرهما بالقول: يستمر القائمون على موقع «يوتيوب» في تأكيد أن الفوائد المترتبة على تشغيل الموقع بوصفه منصة مفتوحة تستحق، وأن «يوتيوب» مليء، تمامًا كالإنترنت، بكل أنواع المحتوى، وأننا أفضل حالًا لأننا نعيش في عالم يُتاح فيه كل شيء تقريبًا بنقرة واحدة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي