إيطاليا تمنع تصدير لقاح لأستراليا.. حرب اللقاحات تشتعل

متابعات-الأمة برس
2021-03-07

دخلت حرب لقاحات كورونا مرحلة خطيرة من التصعيد، بعد قرار إيطاليا منع تصدير شحنة من لقاحات أسترازينيكا كانت في طريقها إلى أستراليا، وأعلنت فرنسا أنها قد تفعل الأمر نفسه، فيما تستهدف الصين وروسيا دولاً إفريقية بعد "خيانة الغرب".

كيف برَّرت إيطاليا قرارها؟

قررت الحكومة الإيطالية منع تصدير شحنة من لقاح "أكسفورد-أسترازينيكا" البريطاني إلى أستراليا، ويشمل القرار 250 ألف جرعة من اللقاح، أُنتجت في منشأة تابعة لشركة "أسترازينيكا" في إيطاليا.

وكانت الحكومة الإيطالية قد تواصلت مع المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي، وقالت إنها تعتزم منع الشحنة، وأوضحت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان، الخميس 4 مارس/آذار، ملابسات ما حدث، قائلة إنها تلقت طلب السماح بتصدير الشحنة في 24 فبراير/شباط.

وأضاف البيان أنه أُعطي ضوء أخضر للطلبات السابقة، لأنها تضمنت عدداً محدوداً من العينات لأغراض البحث العلمي، بيد أن الطلب الأخير قد رُفض، وهو أكبر بكثير، إذ يتجاوز 250 ألف جرعة. وأوضحت أن أستراليا ليست على قائمة الدول "المعرضة للخطر"، كما يوجد نقص باستمرار في إمدادات اللقاحات في الاتحاد الأوروبي وإيطاليا، وأن عدد الجرعات أكبر، مقارنة بما وصل إلى إيطاليا والاتحاد الأوروبي.

وبذلك تكون إيطاليا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تلجأ إلى اللوائح الجديدة، التي أقرها الاتحاد أواخر يناير/كانون الثاني، وتتيح وقف تصدير اللقاح في حال عدم وفاء الشركة المنتجة بالتزاماتها تجاه التكتل. وقالت تقارير إعلامية إن المفوضية الأوروبية أيّدت الخطوة الإيطالية، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

فرنسا على خطى إيطاليا في منع تصدير اللقاحات

كانت فرنسا قد أعلنت، الجمعة 5 مارس/آذار، أنها قد تسير على خطى إيطاليا في حظر تصدير شحنات لقاحات كورونا، في ظل تنامي ما بات يُعرف حول العالم بقومية اللقاحات.

الموقف الفرنسي جاء في تعليقات لوزير الصحة أوليفييه فاران، خلال مقابلة مع شبكة CNN الأمريكية، قال فيها: "بالطبع أتفهم ما أقدمت عليه إيطاليا، ويمكن أن نتخذ نفس الموقف".

وكان متحدث باسم رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي قد قال للشبكة الأمريكية إن روما اتفقت على القرار مع المفوضية الأوروبية.

ومن جانبه، أكد فاران أن فرنسا "تناقش الأمر مع إيطاليا ومع جميع الشركاء الأوروبيين، للتوصل إلى موقف أوروبي موحد بشأن قضية اللقاحات"، مضيفاً أنه "منذ اليوم الأول عبرت باريس عن موقفها بشأن الموقف الأوروبي الموحد".

وتعود جذور المشكلة إلى مطلع العام الجاري، عندما نشب خلاف بين شركة أسترازينيكا والاتحاد الأوروبي، بعد إعلان الشركة البريطانية أنها بصدد توفير 40% فقط من الإمدادات المتفق عليها للدول الأعضاء خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وأوضحت الشركة وقتها أن مشكلات في الإنتاج تقف وراء انخفاض الإنتاج.

ووصف رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك جوزيبي كونتي تأخير إمدادات اللقاحات التي تنتجها شركتا "أسترازينيكا" و"فايزر" بأنه "غير مقبول"، واتهم الشركتين بانتهاك العقود. وتزامن ذلك مع انتقادات واسعة النطاق تعرّض لها الاتحاد الأوروبي بسبب تباطؤ وتيرة برنامج التطعيم.

كانت بريطانيا، التي لم تعد عضواً في الاتحاد الأوروبي بعد تطبيق اتفاقية بريكست، أول دولة حول العالم تبدأ حملة تطعيم مواطنيها بلقاحات كورونا، مستخدمة لقاحي فايزر الأمريكي وأسترازينيكا البريطاني، وتلتها الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تأخرت دول الاتحاد الأوروبي في بدء تطعيم مواطنيها.

ويرجع السبب الرئيسي في تلك البداية المبكرة من جانب لندن وواشنطن إلى طبيعة اعتماد اللقاحات في البلدين، إذ توجد لدى كل منهما آلية "الموافقة الطارئة"، التي تسمح بالبدء في استخدام اللقاحات قبل إكمال هيئات الأدوية عملية التوثيق بشكل طبيعي، بينما لا توجد لدى الاتحاد الأوروبي مثل تلك الآلية.

إذ تمر عملية تطوير اللقاحات بمراحل متعددة ومعقدة، تبدأ بالبحث ودراسة الخريطة الجينية للفيروس، وصولاً إلى التجارب داخل المعمل على الحيوانات، وصولاً إلى التجارب على البشر، أو ما يُعرف بالتجارب السريرية، وهي في العادة عملية تستغرق سنوات طويلة. ولا بد لأي لقاح أو علاج بشكل عام من الحصول على موافقة أعلى هيئة مسؤولة عن الأدوية في كل دولة، وتمر عملية الموافقة من جانب هيئة الأدوية بمراحل وإجراءات تستغرق في العادة وقتاً طويلاً.

قضية أسترازينيكا والاتحاد الأوروبي

كان الاتحاد الأوروبي قد أبرم اتفاقاً مع شركة أسترازينيكا، في أغسطس/آب من العام الماضي، يقضي بالحصول على 300 مليون جرعة، مع احتمال توفير 100 مليون جرعة إضافية، لكن مع مطلع العام الجاري أبلغت الشركة البريطانية-السويدية عن حدوث تأخير في الإنتاج في مصانع في هولندا وبلجيكا.

وبدلاً من تسلم 100 مليون جرعة بنهاية مارس/آذار، من المتوقع الآن أن يحصل الاتحاد الأوروبي على 40 مليون جرعة فقط. واتهم الاتحاد الأوروبي الشركة بالتراجع عن اتفاقها، وقالت ستيلا كيرياكيدو، مفوضة الصحة في الاتحاد الأوروبي، إن المصانع البريطانية التي تصنع اللقاح يجب أن تعوض النقص.

كما اعترضت كيرياكيدو على توصيف باسكال سوريوت، الرئيس التنفيذي لشركة أسترازينيكا، للعقد بأنه "أقصى جهد" وليس التزاماً بالوفاء بالموعد النهائي لتسليم اللقاحات. وبسبب الخلاف، أعلن الاتحاد الأوروبي ضوابط للتصدير بدأت في 30 يناير/كانون الثاني، تُعرف باسم "آلية الشفافية والتفويض".

وهذه الآلية تعطي لأي دولة من دول الاتحاد الأوروبي الحق في منع تصدير شحنات من لقاحات كورونا يتم إنتاجها من خلال مصنع محلي تابع للشركة، أو تمر عبر موانئ البلاد إلى دولة أخرى خارج الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وعددها الآن 27 بعد خروج بريطانيا.

إفريقيا ومعضلة اللقاحات

وفي ظل الحرب المشتعلة بين الدول الغنية في الغرب حول لقاحات كورونا، برزت مشكلة الدول محدودة الموارد، أو تلك التي لا تنتج اللقاحات بنفسها، وبصفة خاصة الدول الإفريقية وكيفية توفير اللقاحات لمواطنيها.

وبينما حصلت كل من الجزائر والمغرب وإثيوبيا وزيمبابوي ومصر وسيراليون والسنغال وغينيا الاستوائية على لقاحات صينية، قال الاتحاد الإفريقي إنه يخطط للحصول على 300 مليون جرعة من لقاح "سبوتينك V" الروسي.

وتجري كل من كينيا وغينيا حالياً محادثات مع الصين وروسيا لشراء اللقاحات، كما تلقت سابقاً نيجيريا والجزائر جرعات من كلا البلدين. وقال إقبال جسات، المدير التنفيذي لشبكة "ميديا ريفيو" بجنوب إفريقيا، إن "الدول الغربية تخزن اللقاحات، ولم تترك للدول الفقيرة سوى خيار ضئيل للبحث عن مصادر بديلة". وأضاف جسات أن الدول التي حصلت على لقاحات من الصين وروسيا "كانت أول من بدأ بتطعيم مواطنيها".

ومثالاً على ذلك، أطلقت الجزائر حملة تطعيم بعد أن تلقت الدفعة الأولى من لقاح "سبوتنيك V" الروسي، يناير/كانون الثاني الماضي. كما بدأت مصر أيضاً التطعيم في نفس الوقت تقريباً، بعد أن حصلت على لقاح "سينوفارم" الصيني.

وبسبب نقص الموارد، تنتظر معظم البلدان الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إمدادات من اللقاحات المقدمة مجاناً من خلال آلية "كوفاكس" الدولية. وتقود تلك الآلية، منظمة الصحة العالمية وتحالف اللقاحات (Gavi)، وتحالف ابتكارات التأهب الوبائي (CEPI)، بهدف توفير اللقاحات للدول الفقيرة.

وتابع المتحدث: "من بين الأمور التي سلطت جائحة كورونا الضوء عليها هي عدم المساواة العالمية والفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء". وأردف: "التأخير في التطعيم يظهر أيضاً تباينات اقتصادية ضخمة، خاصة بين شمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى. استفادت الصين وروسيا على ما يبدو من تأخر الدول الغربية في إمداد إفريقيا بالعقاقير، حيث تضررت هذه الدول بشدة وكانت مشغولة بتأمين ملايين الجرعات لشعوبها".

والعام الماضي، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال القمة الصينية-الإفريقية، أن الدول الإفريقية ستستفيد من اللقاح الصيني بمجرد البدء في إنتاجه. وبحسب تقارير إعلامية، يمكن تخزين اللقاحات الصينية والروسية في ثلاجات عادية، بخلاف اللقاحات المصنعة من قبل شركات الأدوية الغربية التي تحتاج إلى درجات حرارة شديدة البرودة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وينبين، في فبراير/ شباط الماضي، إن بلاده ستوفر لقاحات لـ19 دولة إفريقية. وقدمت بكين، أكبر شريك تجاري لإفريقيا، ملايين القروض والمساعدات التنموية للقارة السمراء، على مدى السنوات الماضية.

بدوره، ذكر وانغ يي، وزير الخارجية الصيني، أنه "منذ تفشي فيروس كورونا، عملت الصين وإفريقيا معاً لمحاربة الوباء، وهذه شهادة على أخوتنا". وأكد وانغ، في بيان عقب جولة خارجية قام بها في 5 دول إفريقية خلال يناير/كانون الثاني الماضي، أن "الصين ستوفر لقاح كورونا وستساعد أيضاً في الانتعاش الاقتصادي خلال فترة ما بعد الوباء".

فيما أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، لاحقاً، أن بلاده ما زالت تفاوض الشركات المصنعة للقاح، مشتكياً من أن "الدول الغنية استخدمت قوتها لشراء ملايين الجرعات".

واشترت جنوب إفريقيا مليون جرعة من لقاح "أسترازينيكا" من الهند، مطلع فبراير الماضي، لكنها أوقفت استخدامه بعد أن كشفت دراسة جديدة أن اللقاح كان أقل فاعلية ضد النوع المتحور من فيروس كورونا المنتشر بالبلاد. وقامت جوهانسبرغ بعدها باختيار لقاحي "جونسون آند جونسون" الأمريكي، و"بيونتيك-فايزر" الألماني- الأمريكي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي