أسئلة الفكر في الفلسفة المغربية

خدمة شبكة الأمة برس الإخبارية
2009-05-30
الفلسفة المغربيّة تستعيد شبابها

المغرب- رشيد لمهوي : يواصل مركز الأبحاث الفلسفية بالمغرب في إطار سلسلة أبحاث فلسفية التي يشرف عليها نشر حصيلة الاشتغال الفكري ‏لأعضائه الذين يمثلون جيلا جديدا من المفكرين أطلق عليهم بالمغرب اسم الفلاسفة الجدد.

ويمثل هذا المركز الذي ‏تأسس عام 2002 نواة فكرية تجمع فيها عدد من المفكرين الشباب الذين أعلنوا عن أنفسهم كحركة من الاسئلة ‏والاشكاليات التي مثلت حساسية جديدة في نسيج الفلسفة المغربية المعاصرة.

وحفلت أعمالهم بمفاهيم جديدة ومثيرة ‏كالانشطار الانثروبولوجي والمبدأ الايطيقي المحايث والحق في الجسد والكوجيطو الجديد والعلة التأسيسية والتحيين ‏وتجربة الفكر والمجرى الأنطولوجي...

وخلافا لانشغالات الجيل السابق كالجابر والعروي التي انصبت على سؤال ‏الثرات والتاريخانية، توجه اهتمام الفلاسفة الجدد بالمغرب الى سؤال الكونية والفرد والتقنية والجسد، التي مثلت لديهم ‏مشتركا في البحث والنقاش...

منشورات هؤلاء المفكرين تصرفت في عدة عناوين منها: "الأسس الفلسفية لنظرية نهاية ‏الأخلاق" سنة 2001 و"الزمان والفكر" 2002 و"أفول الحقيقة: الإنسان ينقض نفسه" 2004 و"أخلاق الغير" 2005 ‏و"حكمة الحداثيين" 2003 و"المجرى الانطولوجي" 2006 و"الكائن والمتاهة" 2007 والقائمة طويلة..‏

الفلسفة المغربية: سؤال الكونية والمستقبل
هذا الكتاب صدر في إطار نفس السلسلة للمفكر عبد العزيز بومسهولي. الذي يعد أحد أبرز أسماء كوكبة الفلاسفة الجدد ‏بالمغرب والمتميز بغزارة إنتاجاته. ‏

وينطلق صاحب الكتاب في عمله هذا الذي يخصصه للفلسفة المغربية ما بعد ‏الجابري والعروي، من إعادة تعريف الفلسفة باعتبارها تلك الإمكانية التي تجعل وجود الإنسان في العالم علة تأسيسية ‏من حيث قابليتها لأن تتشكل كقوة حيوية قادرة على إحداث الهوة ما بين الطبيعة والثقافة من جهة.

وما بين الثقافة ‏والتفكير من جهة ثانية، مؤكدا أن القدرة على إحداث هذه الهوة تتمثل في تخليص الإنسان من الثقافة التي أنتجتها ‏التجربة الإنسانية فغدت بفعل العادة والتراكم ميتافيزيقا مهيمنة ما تفتأ تمارس الوصاية على الإنسان لتحوله إلى وجود ‏مفصول عن قدرته في التفكير والمساءلة والانفلات.‏

ويمضي عزيز بومسهولي في عمله الفلسفي الجديد الذي يمثل الإصدار التاسع في مشواره الفلسفي، في تحليل الفرضية ‏المؤسسة لتأمله انطلاقا من استعادة التساؤل الذي سبق للفيلسوف المغربي عبد السلام بنعبد العالي أن طرحه حول ما إذا ‏كانت هناك حياة فكرية فلسفية عندنا.

وإذا ما كان هذا الفكر يحيا بالفعل، حيث يركز صاحب العمل على المنجز الفلسفي ‏من خلال متون عبد السلام بنعبد العالي أولا وما لحقه من أعمال مستجليا ملامح قراءة الفكر المغربي للفكر الفلسفي ‏الكوني وهي قراءات كان لها كما يقول المؤلف نفسه تأثير كبير في تشكيل وعي مغاير بالفلسفة وأهمية خاصة في خلق ‏شروط حياة فكرية جديدة.‏

ويؤكد المفكر عبد العزيز بومسهولي أن رهان الفلسفة المغربية لايكمن في تتبع تطورات الفكر العالمي فحسب، ولكن ‏في الإسهام في حركية هذا الفكر أيضا، ملاحظا أن الفلسفة المغربية ظلت حبيسة تصور لافلسفي للفلسفة وهو تصور ‏بات يحكم مسار عدد من المنشغلين بها الذين لم يتجاوز مجهودهم تلخيص القضايا والإشكالات وترجمة النصوص أو ‏الاهتمام بقضايا التراث، وهو انشغال يحول دون انبثاق حياة فلسفية حميمية.‏

ويمثل مفهوم تجربة الفكر الذي ابتكره الباحث عبد العزيز بومسهولي، النواة التأسيسية التي تنتظم حولها مجمل تأملات ‏هذا العمل، معتبرا هذه التجربة الرحم الذي تتولد فيه اللاطمأنينة والدهشة التي تخلص من السبات الدغمائي ومن سلطة ‏المعرفة الكليانية التي تحول دون الوثبة والانفصال.‏

يتكون الكتاب من ستة أقسام مخصصة للحظة التحول في الفلسفة المغربية ومجاوزة الميتافزيقا، ومسألة التقنية وسؤال ‏المثقف وإشكالية الغاية وسؤال المستقبل والكونية ولحظات المغايرة في الفلسفة المغربية إضافة إلى ملحق حول نهاية ‏الأخلاق وحلول المبدأ الإطيقي.‏

وتمتد تحليلات عبد العزيز بومسهولي في كتابه الجديد لعدة أعمال فلسفية يتقدمها الفيلسوف عبد السلام بنعبد العالي، ‏محمد سبيلا، ادريس كثير، حسن أوزال، أحمد شراك، محمد طواع، إسماعيل المصدق، عبد الصمد الكباص.‏

الجنس و الوعي الأخلاقي: في نقد التحليل النفسي الفرويدي ‏
هذا الكتاب الذي يعود للمفكر الشاب حسن أوزال وهو ترجمة لأحد أهم أعمال مشال هار. والكتاب الذي يقع في 100 ‏صفحة من القطع المتوسط يترجم لأول مرة إلى اللغة العربية.

ويشكل مراجعة نقدية للمنظور الفرويدي ولأسس التحليل ‏النفسي كما تبلور مع رائده، مع استدعاء جهازه المفاهيمي ومقدماته الضمنية بما يفيد في تشكيل رؤية مختلفة للانسان.‏

ويبرر الباحث حسن أوزال اختياره لهذا العمل وفتح أفق له داخل الثقافة العربية بكون سيغموند فرويد هو من استطاع ‏أن يخلخل الفكر الاسطوري الخرافي كاشفا لنا عن قوة الدوافع اللاشعورية والنفسية والثقافية والاجتماعية وإن ينبهنا ‏أيضا إلى أهمية ما يعتبر تافها في الحياة اليومية كالحلم والهفوات...‏

‏ ينطلق الكتاب من سؤال: هل نحن اليوم في حاجة إلى مدخل للتحليل النفسي؟ مفككا أسس التمييز ما بين السوي ‏والمريض، الخير والشرير، الحالم واليقظ.. لينتهي إلى أن الميكانيزم الذي يسمح بالمرور إلى المجال الأخلاقي يقوم ‏على نوع من العصاب الناتج عن التطابق والتماهي ما بين الأنا المتشكل في الحياة الأولى للطفل وأنا والديه المستبطن ‏عبر قواعد التربية...‏

ويشير المفكر عزيز بومسهولي في التقديم الذي خص به كتاب حسن أوزال إلى أن هذا العمل تكمن أهميته في كونه ‏يقدم قراءة جديدة للتحليل النفسي تسمح بالاقتراب من فهم الانسان الذي يعيش التضارب ما بين انتمائه إلى الطبيعة ‏والمجتمع منشطرا ما بين مبدأ اللذة ومبدأ الواقع.. حيث يمكننا هذا التجاذب الوجداني ما بين تحقق المتعة واستحالتها ‏إلى فهم ما يسود عالم اليوم من إرادة للتدمير واستعمال للقوة ونزوع نحو استعجال النهاية.‏

يتضمن الكتاب سبعة فصول هي: الأطروحات الرئيسية في مؤلف مدخل للتحليل النفسي، لمحة تحليلية للكتاب، شذوذ ‏الحياة اليومية، الأحلام وتفسيرها، الحياة الجنسية، معنى العصاب، العلاج التحليلي النفسي، إضافة إلى خاتمة تقدم أوجه ‏الفكر الفرويدي. ‏

الفرد، الكونية والله: الحق في الجسد
ودائما في إطار سلسلة أبحاث فلسفية التي يشرف عليها مركز الأبحاث الفلسفية بالمغرب، صدر كتاب "الفرد، الكونية ‏والله: الحق في الجسد" للمفكر الشاب عبد الصمد الكباص. يمثل الكتاب، الذي يقع في 100 صفحة، محاولة لإرساء ‏مقاربة فلسفية لسؤال الفرد والكونية والله ينطلق فيه من إعادة تعريف مهمة الفلسفة التي يؤكد أنها ليست فقط قراءة في ‏النصوص أو تنقيبا بالكتب، بل هي تفكير في الوجود الذي يحين نفسه في الذات لتي تباشر عمل التفكير. ومن خلاله ‏تعاد صياغة إمكانيات المعنى والقيمة.

فالتحيين كما يقول في مقدمة الكتاب: "يمثل أهم سؤال تثيره إشكاليتنا ككائنات قيد ‏التكون، لأنه ما يمنح الوجود سؤال مضمون التجربة فيحوله من وجود غفل إلى وجودنا نحن بالذات، أي وجود على ‏نحو خاص".‏

يتساءل عبد الصمد الكباص: كيف يمكننا أن نفكر في أفق حداثي من دون أي موقع للجسد فيه؟ فذلك لن يكون ـ حسب ‏مقدمة العمل ـ سوى إتلاف للمجال الذي تنمو فيه الحداثة وتختبر كتجربة، أي إتلاف للحداثة نفسها وفصلها عن ‏مضمونها وتحويلها إلى بناء لغوي..

فليس سؤال الجسد فقط واحدا من أسئلة الحداثة بل هو سؤال الحداثة نفسها منذ تبدأ ‏وفيه تنمو و على أرضه تختبره لأنه يتعلق بتأويل الإنسان من جديد: وجوده وقيمته، "فأي تأويل إذن يمنحنا هذه ‏الإمكانية التي تجعلنا حداثيين؟ ذلك ما اقترح الباحث الكباص التفكير فيه في هذا العمل.‏

يحدد صاحب الكتاب حقل تفكيره بتعريف الحداثة باعتبارها عصر الحاضر، أي العصر الذي يتشكل لبه الأخلاقي ‏والقيمي والوجودي كحاضر. فالحداثة تقوم على إنصاف الحاضر في امتداده نحو المستقبل وتحرره من وصاية الماضي ‏لتحدد غاية الوجود الإنساني في حاضره.

فالأمل والسعادة والحقيقة لم تعد موضوع إرجاء ولا تأجيل وإنما إمكانية قابلة ‏للتحقق في هذا الحاضر الذي يعيشه الإنسان والذي هو آخذ في التلاشي.‏

يناقش الكباص مؤديات هذا التصور الذي يتحول فيه الحاضر إلى حق حيث يصبح ما يجب الاعتناء به والعمل على ‏تجميله هو اللحظة المعاشة التي يمكن أن يكون فيها الإنسان سعيدا أو لا يكون.

حيث يقول "لقد ظهر الحاضر كحق أي ‏أنه أصبح قيمة إيطيقية ينتظم حولها نظام أخلاقي بكامله يمكننا أن نسميه بأخلاق الحاضر الذي يجعل أن أثمن شيء ‏يمكن أن يحوز عليه الإنسان في وجوده هو حاضره. هذا التثمين يجعل بدوره الانخراط في الحق و الواجب الأخلاقيين ‏مبررا باسم الحاضر".‏

يعيد الكباص كذلك في ارتباط بالفرضية العامة لكتابه، تعريف الفرد الذي يحدده كحرية متعينة في الحاضر. فأن يصبح ‏الإنسان فردا أي أن يتشكل عصر بكامله كاعتراف بالفردية باعتبارها استحقاقا للإنسان، معناه أن يضع في أساسه هذا ‏التعين للحرية في الحاضر الذي يتحرك في التاريخ ليكشف التجربة العينية للوجود الإنساني كتجربة للحرية تصوغ ‏نفسها في الآن والهنا.

معتبرا الفرد الإفراز النهائي لذروة صراع حايث التاريخ الإنساني هو صراع الحرية من أجل أن ‏تحظى بصيغة أكثر تعينا في الوجود. و من خلال هذا التعين تحين "‏actualise‏" الحرية نفسها في الزمان كخبرة ‏للحاضر.‏

ومن خلال مناقشته لمضامين الكونية يعيد تعريفها باعتبارها شمول مبدأ الحرية. ليخلص أن الحرية الفردية المؤسسة ‏لخصوصية الفرد هي التقاطع الكوني الذي يجمع الفرد بباقي الأفراد المكونين للمجتمع الإنساني، ومن ثمة فالكونية تنجز ‏نفسها من خلال الفرد وبشكل جدلي يصبح الفرد هو التحقق المجهري للكونية، ويترتب عن ذلك ـ كما يقول الكباص ـ ‏أن النقض العملي للكونية هو تدمير الفردية و نسف الشروط الإيطيقية و الاجتماعية والسياسية لتولدها.‏

ويمضي الباحث عبد الصمد الكباص في إطار نفس المبدأ إلى إعادة تعريف مفهوم التسامح الذي يحدده كحق الذات في ‏الآخرية محددا شروط إمكانه في انبثاق نظام كوني للمسؤولية.‏

ويتميز الكتاب الجديد لعبد الصمد الكباص بكثافته المفهومية حيث يقترح عدة مفاهيم لتسييج الأفق الفكري الذي في ‏إطاره يسائل القضايا المطروحة: كالندرة، ونظام الأحقية، و النظام الكوني للمسؤولية، ونظام الرغبة ونظام الحاجة، ‏واقتصاد الكائن والإنفاق والادخار.. يخلص من خلالها إلى هذه النتيجة التي تحملها آخر فقرة من العمل والتي تقول: ‏‏"إن كل ما طرحناه من بداية هذا العمل إلى نهايته ليس إلا مقدمة بسيطة للفكرة الآتية: الحداثة هي عودة الجسد إلى ‏الإنسان ليغدو فردا، وعودة الحاضر إلى الوجود ليكون حرية".‏

يتضمن الكتاب ثلاثة أقسام. الأول عنوانه في بيان أن الحداثة هي الحق في الحاضر وأن الفرد أساس الكونية يتضمن ‏الفصول الآتية: ابتكار الذات، الحق في الحاضر، من الإنسان إلى الفرد، انتماء لا هوية، أخلاق التحرر، جمالية الوجود ‏وفن الحياة، الحب حكمة الحداثيين والخلود أثر للعابر.

أما القسم الثاني فعنوانه في بيان أن التسامح حق الذات في ‏الآخرية والكونية شمول مبدأ الحرية. يتضمن الفصول الآتية: التسامح حق الفرد في أن يكون آخرا في جماعته، ‏اغتراب الإنسان عن غايته، الإنسانية غاية ايطيقية للفعل الإنساني، الورطة التاريخية للمقدس، الحرب تحاكم التوحيد، ‏نظام الأحقية، عماء المطلق، الله مفكر فيه على نحو آخر، النظام الكوني للمسؤولية، الخير والسعادة في ضوء الكونية، ‏لاحرية سوى حرية الفرد، العالم الأكثر إنسانية، كونية الفرد.

أما القسم الثالث فعنوانه في بيان أن الحاضر هو الجسد و ‏الندرة أساس الجمالية يتضمن الفصول الآتية: الحق في الجسد، الجسد هو الحاضر، اقتصاد الكائن: الادخار والإنفاق، ‏نظام الحاجة ونظام الرغبة، الندرة أساس جمالية الوجود..‏

 
 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي