"عياش".. السرد ينتصر للقيم

2020-12-28

الرواية حاولت تخفيض الحمولة السياسية، والتركيز على الجوانب الاجتماعية والآثار الثقافية

الشارقة - علاء الدين محمود

في رواية «عياش»، للكاتب المصري أحمد مجدي همام، الصادرة عن دار الساقي، يسعى الكاتب إلى إبراز الحياة الاجتماعية والثقافية في ظل التحديات السياسية والاقتصادية، وكيف تجري الأمور على أرض الواقع، فالرواية تركز على تفشي الظواهر السالبة؛ المتمثلة في الفساد وضياع القيم والمبادئ، وثقل مثل هذه الحياة على الإنسان البسيط الذي يسعى من أجل كسب عيشه، فيتعرض للمصاعب والمغريات في ذات الوقت.

والعمل يتناول قصة صحفي شاب فقير وطموح يحاول أن يشق حياته المهنية في بلاط صاحبة الجلالة، وبدلاً من أن ينحاز لقضايا الناس من المطحونين والمعدمين، صار بوقاً وقلماً لمصلحة مجموعة من الفاسدين، ليتورط في تبني وترويج خطاب ثقافي فاسد ينتمي ويعبر عن تلك المجموعة، ويكشف العمل عن بعض الأساليب التي تمارس في بعض الصحف غير المهنية، مثل: كيفية صناعة الهيمنة والأشخاص الذين يصبحون نجوماً في المجتمع.

الرواية حاولت تخفيض الحمولة السياسية، والتركيز على الجوانب الاجتماعية والآثار الثقافية؛ عبر سرد مميز يرفع من قيمة التفاصيل الصغيرة والعادية عبر لغة رفيعة وبسيطة في ذات الوقت؛ بحيث يسهل فهم والتقاط الأفكار التي يحتشد بها العمل، فالسرد يحرض على التأمل والتفكير في الواقع الاجتماعي، وضرورة الانحياز إلى المبادئ والقيم، كما برع الكاتب في تمرير الكثير من العوالم الصعبة والثقيلة عبر تقنيات مميزة في السرد، خاصة على مستوى الوصف البديع، والتنوع في الشخوص والأماكن والحوارات.

العمل وجد صدىً كبيراً وسط القرّاء؛ حيث أشادوا بالإمكانات السردية المهولة عند الكاتب.

أحد القرّاء عقد مقارنة بين العمل، ورواية الكاتب المصري الكبير موسى صبري «دموع صاحبة الجلالة»، التي وصفها بأنها صارت مضرباً للأمثال للصحفي الذي لا يتوانى عن القيام بأي شيء من أجل منفعته الخاصة، ويقول: «رواية عياش تتناول شخصيات ساذجة، يحركها الآخرون بذكاء».

«عوالم من السرد»، هكذا وصف أحد القرّاء العمل؛ من حيث التنوع وتعدد التقنيات، ويقول: «الرواية عبرت عن إمكانات كبيرة ومهولة لدى الكاتب، فقد نجح في عدة أمور متعلقة بالسرد من ناحية البناء الدرامي وحتى النهاية، وكذلك من حيث الوصف وقوته»، وقريباً من ذلك، تناول قارئ آخر الجوانب الفنية في العمل، فيقول: «اللغة شكلت علامة فارقة في تقريب أفكار القصة والموضوع للأذهان، إضافة إلى تعدد الشخوص وتنوع وسائل السرد، والحوارات المحملة بالمعاني، والشارحة للمواقف، والانتقال العفوي من موقف إلى آخر، وجاء العمل محتشداً بالرؤى الفكرية والثقافية، مع متعة تجعل القارئ في لهاث من أجل معرفة المزيد من التفاصيل الكثيرة غير المملة التي حملتها الرواية».

«مأساة ساخرة»، هكذا وصف أحد القرّاء عوالم الرواية وروحها ومضامينها الفكرية والاجتماعية، ويقول: «الكاتب مدهش حقاً، العمل جاء واقعياً، لغتها بسيطة وجميلة وألفاظها من صميم الواقع المعيش وليس فقط بحواراتها العامية، الموفقة والذكية ولكن أيضاً بالسرد الممتع والبسيط كنسيج مصنوع ببراعة وسلاسة وبساطة في آن واحد، تمكن الكاتب من الاسترسال في الحكي والمحافظة على انتباه القارئ والحبكة المتوترة، التي تسير قدما ومن دون وقفات أو تمهّل يقطع توتر الحكاية، وقد نجح الكاتب في تقديم تفاصيل حكاية مأساوية بسرد ساخر».

فيما توقف أحد القرّاء عند روح الجدية عند المؤلف، بقوله: «في جميع أعماله أثبت الكاتب أنه صاحب مشروع، فهو مختلف، واستطاع أن يقدم بصمة، خاصة في هذا العمل المميز والجريء».

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي