بيْن يديّ أجنحةِ الكلام وفضاءِ الأسئلة

2020-12-22

عبدالباري طاهر*

كنتُ أتابعُ إبداعات الصُحفي القدير أحمد الأغبري ومقابلاته الأدبية والثقافية في الصُّحف والمجلات اليمنية والعربية.
الصُّحفي والأديب والمثقَّف المهتم والمتابِع وظَّفَ مهاراته الصُّحفية في العطاء الثقافي والإبداع الأدبي.احتضان الصحافة والصحفيين للنتاجات الأدبية رافقت نشأة الصحافة اليمنية، فالإبداعات الأدبية والثقافية وُلدت ونشأت وترعرعَت في أحضان الصحافة العدنية منذ منتصف القرن الماضي، وفي مجلات رائدة ومؤسِّسة كــ«الحكمة» التي رأَسَ تحريرها المفكر الإسلامي والمجدِّد أحمد عبدالوهاب الوريث، و«المستقبَل» في عدن التي كان المفكر التقدُّمي عبدالله باذيب الأساس فيها.
الأستاذ أحمد الأغبري مازَجَ بين العمل الصحفي والعطاء الثقافي والأدبي، وكتابه «أجنحةُ الكلامِ وفضاءُ الأسئلة» يُعطي الدلالة، ويؤشِّرُ للمعنى، ولعلّ أجنحةَ الكلام مستوحاة من الحكمة العظيمة التي أرسلها الفيلسوف العربي ابن رُشد كرَدٍّ على إحراق كتبه، فقد قال للحزانى من أتباعه: إنّ للأفكار أجنحة، وهي أجنحة تطِيرُ وترتفعُ إلى أعلى عِلِّيين، ونتذكر هنا معنى الآية القرآنية الكريمة مثل كلمة طيِّبة كشجرةٍ طيِّبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء.
الصُّحفي والأديب يُجيدُ طرْح الأسئلة. والسؤال هو الأهم في الحياة، فقد كان شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني كثيرًا ما يُردِّدُ أنَّ السؤال أذكى من الإجابة.


فضاءُ الأسئلة في الكتاب هو الأساس في عمل الأستاذ أحمد الأغبري. استمتعتُ بقراءة العطاء المكوَّن من قسمين: «أجنحةُ الكلام.. قراءات» قرأ فيها الناقد الصُّحفي المثقَّف العديد من الأعمال الأدبية الروائية والمسرحية والقَصصية والشعرية، وتتسمُ قراءته الناقدة بالغوص في أعمال الإبداعات المقروءة، بحيث يُقدِّم نصًّا آخر يركز على البُعد الاجتماعي، ومُساءلة النَّص، وتزخر القراءة الواعدة بالأسئلة المفتوحة والرؤية الباصرة لأعمال المنتج الأدبي، والرائع في القراءة النقدية احتفاؤها بالإبداعات الجديدة لمُجايلين وزملاء مُعايشين للناقد؛ مما يجعلُ الاهتمام النقدي متوجهًا للمستقبل، ومُنْصَبٌّ على الحاضر، وهو ما يقدِّمُ إسهامًا جِدِّيًّا وحقيقيًّا في إثراء الحياة الأدبية والفكرية، وإضاءة الطريق المستقبلي.
يمتلكُ أحمد الأغبري أدوات نقدية، وخبرة زاهية بقراءة النَّص، وقد أضافَ إلى الجهد الفكري والأدبي الكثير.
أما القسم الثاني: «فضاءُ الأسئلة.. حوارات»، فقد أجرى العديد من الحوارات مع قامات أدبية سامقة كالمقالح، وسيف، والوريث، والشرفي، والصريمي، وهيثم، والعواضي، وكثيرين من الأدباء والأديبات، شاعرات وشعراء، وقاصّات وساردات، وقاصِّين وساردين ونُقَّاد.
عملُ الناقد الأغبري يُغطّي فترة زمنية غاية في الأهمية؛ فقد تراجعَ فيها النقد مع تزايُد العطاءات الإبداعية شِعرًا وقصًّا وسردًا؛ فكتابه مهم؛ لأنه عميق الرؤية، وقد درس بموضوعيةٍ ووعيٍ أهم الأعمال الأدبية في أزمنة سادَ فيها غياب الاحتفاء بالإبداع والثقافة؛ فله التحية والإكبار لإنجازه ما تحتاجه الحياة الأدبية والثقافية.

*نقيب الصُحفيين اليمنيين الأسبق







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي