
يشعر الكثيرون بالحيرة من تردد السعودية في الانضمام إلى قطار التطبيع مع إسرائيل، مع أنه من الواضح أن الرياض أعطت الضوء الأخضر للإمارات والبحرين والسودان لدفع علاقاتهم مع (إسرائيل) إلى أقصى درجة ممكنة، كما فتحت السعودية مجالها الجوي أمام الطيران الإسرائيلي، وهي بحد ذاتها خطوة نحو التطبيع.
لكن رغم كل هذا، فإن الاجتماع الذي انعقد ليلة 22 نوفمبر/تشرين الثاني بين رئيس الوزراء الإسرائيلي وولي العهد السعودي لم يسفر عن النتائج المتوقعة، والدليل هو النفي السعودي الرسمي لحدوث اللقاء، كما أن الدعاية العالمية التي أحاطت بالاجتماع أحرجت السعوديين ولم تكن لصالح إسرائيل.
يصبح السؤال عن سبب تردد الرياض أكثر إلحاحًا على خلفية تغير الإدارة الأمريكية في غضون أسابيع؛ فمع حدوث تحول وشيك في سياسة الولايات المتحدة وإحجام السعودية عن المضي قدمًا نحو التطبيع، قد يحدث تهديد لجهود الدول الأخرى -الإمارات والبحرين والسودان وإسرائيل- لخلق واقع سياسي جديد يمثل نوعًا من التحالف الإقليمي المناهض لإيران.
الخوف من إيران وأمريكا
هناك تفسيرات عديدة لتردد الرياض أهمها خوف المملكة من إيران ورد فعلها المحتمل على التقارب السعودي مع إسرائيل، في ظل الحضور القوي لذكرى 14 سبتمبر/أيلول 2019 عندما هاجمت إيران (من خلال وكلائها في اليمن والعراق) منشآت نفطية حيوية في السعودية وأوقفتها لفترة طويلة. كما يتذكر السعوديون أيضًا أنه لم يرد أحد على هذا الهجوم، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، واستنتجوا من ذلك أنهم وحدهم في المعركة ضد إيران وأن موازين القوة ليست في مصلحتهم.
موضوع يهمك : وماس فريدمان لبايدن: الأزمة مع إيران لم تعد نووية.. وهذه أبعادها
أما ثاني سبب للتردد السعودي فهو خوفهم من إدارة "بايدن"، وينبثق عن هذا القلق عدة أسباب فرعية.
أولاً، من المتوقع أن تحاول الإدارة الأمريكية الجديدة التقارب مع طهران من خلال رفع العقوبات والعودة إلى الاتفاقية النووية، وهي خطوات من شأنها إنعاش اقتصاد إيران وتعزيز جهودها لتأجيج صراع الحوثيين ضد السعودية.
ثانيًا، ستنظر إدارة "بايدن" - على عكس سابقتها - مرة أخرى إلى المملكة من منظور حقوق الإنسان وستثير أسئلة محرجة حول قضية "جمال خاشقجي"، وعمليات الإعدام، وحقوق العمال الأجانب في المملكة.
وسيكون دعم واشنطن للرياض مترددا ومحدودا، وهناك شكوك كبيرة بشأن سماح إدارة "بايدن" لإسرائيل بتدفئة علاقاتها مع دولة لديهم تحفظات عليها، كما أنه من المتوقع أيضًا أن تضع إدارة "بايدن" القضية الفلسطينية في المقدمة وأن تقاوم أي تقدم عربي مع إسرائيل لا يأخذ في الاعتبار رغبات الفلسطينيين.
وقد يصر الأمريكيون على العودة إلى خطة السلام العربية لعام 2002 كشرط لأي تقدم نحو السلام بين إسرائيل والسعودية.