مؤشرات على التغيير.. قراءة في نتائج انتخابات مجلس الأمة الكويتي

كريستين سميث ديوان
2020-12-11

توجه الكويتيون في الخامس من ديسمبر/كانون الأول إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة لإرسال رسالة تغيير إلى حكومتهم. وعبّر الناخبون عن إحباطهم من فضائح الفساد وتفاقم المشاكل المالية، من خلال معاقبة نواب البرلمان المنتهي ولايته وإعادة بعض الأعضاء السابقين المعروفين بوقوفهم في وجه القيادة إلى جانب بعض الوجوه الجديدة 

وجرت الانتخابات البرلمانية في ظل ظروف استثنائية لوباء فيروس "كورونا". ولم تكن هناك خيام للحملات الانتخابية حيث يلتقي المرشحون عادة بالناخبين، لكن دائرة الديوانية للتجمعات غير الرسمية المرتبطة بالمنازل كانت بمثابة تعويض عن الخيام العامة. ومن المحتمل أن تكون هذه الظروف أضرّت بالمرشحات (لم ينجح منهن أحد) اللاتي يفتقرن إلى الوصول إلى هذه التجمعات الذكورية.

وأدت القيود المفروضة على التجمعات إلى تزايد أهمية الحملات الافتراضية، حيث تم تحويل البرامج الحوارية على الوسائط التقليدية إلى أنماط جديدة على منصات التواصل الاجتماعي مثل "انستجرام" و"تويتر" و"واتسآب".

ووظف معظم المرشحين البارزين مستشارين إعلاميين من الأجيال الجديدة للمساعدة في صياغة صورتهم ورسالتهم وتواصلهم مع الناخبين عبر هذه المنصات. ودفع العديد من المرشحين أموالا طائلة لإعلانات وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، لا تزال العلاقات الشخصية والمجتمعية تشكل حجر الأساس لأنجح الحملات البرلمانية.

موضوع يهمك : الانكماش السكاني شبح يطارد بوتين.. لماذا لا ينجب الروس؟

وتم إنشاء موقع تصويت خصيصًا للناخبين الذين يعانون من "كورونا". وفي حين تم اتخاذ تدابير قياسية للحفاظ على النظافة والتباعد الاجتماعي، فقد انهار هذا في بعض المناطق التي شهدت ازدحاما كبيرا. وكان الإقبال مرتفعًا بشكل مدهش حيث بلغت نسبة التصويت 65%، وهو ارتفاع طفيف عن الانتخابات الأخيرة بالرغم من الوباء وهو دليل على اهتمام الناخبين وتحفزهم وتعبئتهم. 

شاغلو المقاعد والنساء يخسرون

كشفت نتائج الانتخابات عن غضب جمهور الناخبين من أداء البرلمان المنصرم والحكومة. كما تشير النتائج إلى رغبة واضحة في أن يكون مجلس الأمة مستعدًا لمعالجة قضايا الفساد وحماية المال العام، حيث فقد ما يقرب من ثلثي أعضاء البرلمان مقاعدهم وهو عدد كبير (وإن لم يكن غير مسبوق) في النظام السياسي الكويتي.

وتجلت هذه الرغبة في الإطاحة بأعضاء البرلمان القدامى الذين كان يبدو أنه لا يمكن المساس بهم. وقد امتد إلى مزاج الرفض عبر المعسكرات السياسية، مما أدى إلى خسارة الزعيم الشيعي القوي "صالح عاشور"، والزعيم السلفي "محمد هايف"، و"خلف العنزي" عضو البرلمان المؤيد للحكومة والذي خدم منذ الثمانينيات.

وشملت خسائر شاغلي المقاعد النائبة الكويتية الوحيدة "صفاء الهاشم" فيما لم يتم انتخاب أي من المرشحات الأخريات - كانت "علياء الخالد" الأقرب، حيث احتلت المركز الثالث عشر من 10 نواب منتخبين في الدائرة الثانية - مما يعني أن الكويت ستكون خالية من التمثيل النسائي في البرلمان.

وتضع هذه الحقيقة التي تصدرت عناوين الأخبار الكويت خلف الاتجاه السائد في منطقة الخليج، حيث يتم تعيين النساء في المناصب السياسية العليا في الهيئات التمثيلية الأخرى، مثل المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات ومجلس النواب في البحرين.

وتمثل النتائج خيبة أمل كبيرة للمجتمع المدني الكويتي والذين يعملون على تمكين المرأة سياسياً، ومن المؤكد أن هذه القضية ستحيي النقاش حول الحاجة إلى نظام "الكوتة" للتغلب على العيوب الهيكلية والأعراف الاجتماعية التي أحبطت المرشحات.

وجاءت أبرز المكاسب لصالح مؤيدي برنامج المعارضة والذي يشمل العفو عن أعضاء البرلمان السابقين الذين يعيشون في المنفى في الخارج، وإلغاء قانون انتخابات 2012 الذي يُنظر إليه على أنه يضر بالمعارضة. من أبرز هؤلاء الناشط السلفي "بدر الدحوم"، الذي نجح في إلغاء قرار المحكمة بإلغاء ترشيحه بسبب إدانة سابقة مرتبطة باحتجاجات عام 2011. وقد يفتح هذا الحكم القضائي الباب أمام مرشحي المعارضة الآخرين المحظورين للعودة إلى السياسة.

ولم يهدر "الدحوم" الوقت في دعوة أعضاء البرلمان المنتخبين حديثًا إلى ديوانيته لتنسيق إقالة رئيس البرلمان الحالي "مرزوق الغانم" لصالح قيادة جديدة سيختارونها من خلال التصويت. ويعتبر حضور 38 من الأعضاء الـ 50 مؤشرا جيدا على القوة المتزايدة للمعارضة، بالرغم أن هذا الالتزام سيتم اختباره بالتأكيد في المستقبل في ظل وجود أهداف متنافسة وحكومة لديها موارد وفيرة لكسب تعاونهم.










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي