عائلات مهاجرين ليبيين مفقودين في المتوسط.. نطالب بمعرفة مصير أبنائنا

مهاجر نيوز
2020-12-11

عشرات الآلاف انطلقوا من السواحل الليبية باتجاه القارة الأوروبية خلال سنوات قليلة. الحرب والظروف الاقتصادية والاجتماعية، يضاف إليها جائحة كورونا، كلها عوامل ساهمت بزرع فكرة الهجرة والهرب من ذلك الواقع المأزوم بعقول من آثر الهجرة، ليبيين وأجانب، سعيا لمستقبل أفضل 

أفارقة وعرب وبنغاليين وغيرهم، جميعهم فضلوا المغامرة بقوارب متهالكة في المتوسط على البقاء في ليبيا. ومؤخرا، بدأت ظاهرة الهجرة من ليبيا تشهد تزايدا في أعداد الليبيين أيضا. تلك القوارب التي باتت تشكل خشبة خلاص لكل الهاربين من بؤرة الحرب، لا تميز بين هوياتهم أو انتماءاتهم أو ألوان بشرتهم. أحد المهاجرين قال لمهاجر نيوز في وقت سابق "لحظة تطأ أقدامنا القارب تسقط الجنسيات والانتماءات، ونصبح جميعنا أسرى لقارب إما يوصلنا إلى مبتغانا أو إلى هلاكنا".

طبعا لا يتمكن الجميع من الوصول إلى مبتغاه. فهناك من تتم إعادتهم إلى ليبيا من قبل خفر السواحل، وهناك من فقد أثرهم في المتوسط ولم يعرف مصيرهم حتى الآن. من تلك الحوادث، قصة قارب انطلق ليلة 10 تشرين الثانينوفمبر من سواحل طرابلس، يحمل 11 مهاجرا ليبيا، بينهم طفلة في السادسة من عمرها. القارب من حينه لم يسمع عنه أي خبر. أهالي المهاجرين رفعوا أصواتهم، حاولوا التواصل مع جهات ومنظمات عدة، لكنهم حتى الآن لم يحصلوا على جواب.

مهاجر نيوز تمكن من التواصل مع أهالي بعض هؤلاء المهاجرين للاستماع لقصصهم وأسباب هجرتهم. ردود فعلهم الأولية كانت متلهفة لسماع أي خبر عن أحبائهم المفقودين. معظمهم متمسكون بأمل أن يكون المهاجرون على قيد الحياة وأنهم الآن في إحدى الدول الأوروبية.

في ما يلي قصص بعض هؤلاء المهاجرين يرويها أفراد من عائلاتهم، يأملون أن تنتشر قصصهم وأسماءهم علهم يصلون إلى خيط يرشدهم لمصير أبنائهم.

"كل ما أريده هو معرفة مصير ابني"

محمد نوري المزوغي، 18 عاما، طالب ثانوي. خرج من منزله ليل الإثنين التاسع من تشرين الثانينوفمبر مع صديقه. لم يعلم أحد من أهله ما كانت وجهته. ومن حينها انقطع الاتصال به.

بعد نحو أسبوع، وبعد بحث مضن خاضته العائلة للتعرف على مصير ابنها، جاءهم خبر بأن محمد كان على متن قارب مهاجرين، وأنه كان في طريقه إلى أوروبا. وقع الخبر كان صدمة على العائلة، حسب عمّته التي تؤكد أن ما من سبب مباشر يدفعه للهجرة.

"ما زال في المدرسة. وكان يخضع للامتحانات الفصلية، لا نعلم لماذا أقدم على ذلك"، تقول والدته.

بدأت الأخبار تتوارد للعائلة، "الأخبار كانت متضاربة"، تورد الوالدة، "لم يكن لدينا مصدر موثوق. كل الأخبار كانت تأتينا نقلا عن أشخاص سمعوا بالقصة. لكن ما نحن شبه متأكدين منه أنه هناك ناج واحد، بقي يسبح في البحر إلى أن وجده قارب صيادين. أنقذوه وأعادوه إلى طرابلس. لكن حتى ذلك الناجي لا نعلم عنه شيء".

وتضيف "شخص آخر قال إن سفينة أوبن آرمز أنقذتهم. كل ما أريده هو معرفة مصير ابني. هو وحيدي وبعد وفاة والده لم يعد لي غيره في هذه الدنيا".

"ربما قرر الهجرة هربا من الحرب وبحثا عن السلام"

محمود الككلي، 21 عاما، طالب في المعهد العالي. محمود صديق محمد، وخرج معه في الرحلة نفسها. كانا قد اتفقا على عدم إخبار أي كان بخطتهما، ولا حتى أهلهما.

والد محمود قال لمهاجر نيوز إن المرة الأخيرة التي رأى ابنه فيها "كانت ليلة التاسع من نوفمبر. لم يقل لي ما خطته أو نواياه".

يشرح والد محمود أن الظروف العامة في البلاد صعبة جدا، وأن معظم الشباب يشعرون وكأنه لا مكان لهم هناك.

موضوع يهمك :نازحون سوريون يروون ظروف الحياة في مخيمات تشرف عليها جماعات متطرفة

"ابني كان سائق سيارة إسعاف، لم يقبض معاشه من 26 شهرا"، يقول الوالد، "راجع مسؤوليه كثيرا ولكن ما من فائدة. طبعا هذا الوضع بالنسبة إلى شاب بعمر محمود غير طبيعي".

وأضاف أن ابنه بدأ بانتقاد جهاز الإسعاف والطوارئ على وسائل التواصل الاجتماعي، "فما كان منهم إلا أن حققوا معه بتهمة تشويه سمعة الجهاز متناسين ما قدمه لهم من خدمات". وأورد أن "الوضع العام في البلاد أيضا لا يساعد. ربما قرر الهجرة هربا من الحرب وبحثا عن السلام، كالكثير غيره من الليبيين الذين أقدموا على تلك الخطوة".

"بلغنا الجهات المعنية بشأن القارب، حتى الآن لم يصلنا خبر"

رضا عزالدين الكحيلي، قريب العائلة الوحيدة التي كانت على متن القارب نفسه. "أخت زوجتي، فادية الجروش، كانت على متن ذلك القارب مع زوجها وابنتهما فرح. لا نعرف حتى الآن السبب المباشر وراء هجرتهم، قد تكون الأوضاع الاقتصادية والحرب والظروف الاجتماعية، لا أعلم. ما هو مؤكد لي الآن أنهم مفقودين".

ويذكر رضا أن العائلة كانت تعلم "بالخطر الذي وضعوا أنفسهم فيه، لكننا لم نعلم بنيتهم، كنا نشك أنهم يعتزمون الهجرة بسبب أحاديث ونقاشات عامة، لكننا لم نعلم بنيتهم".

ويؤكد قريب العائلة أنهم قاموا بتبليغ جهات عدة أوروبية وليبية بشأن القارب المفقود، وحتى الآن لم يصلهم أي جواب. "الأفكار السوداوية تتلاطم في رؤوسنا، نريد أن نعرف أي شيء يدلنا عل مصيرهم. تردنا أخبار متقطعة من هنا وهناك. أحد الأشخاص قال إنه كان على متن القارب وقفز منه قبيل غرقه. وحسب روايته فإنه كان على متن القارب رجل وزوجته وابنتهما وسائق القارب. نريد معرفة مصيرهم بسرعة".

قصص الهجرة من ليبيا لا تعد ولا تحصى، لكن قد تكون أقصاها تلك المتعلقة بالقوارب التي فقد أثرها. أهالي أولئك المهاجرين يتوقعون إجابات على أسئلتهم حول مصير أحبتهم. ولكن من هي الجهة المخولة بتقديم تلك الإجابات؟ وإلى متى سيستمر ذلك النزيف؟







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي