كيف يمكن لبايدن استعادة الدور الأميركي في الخارج

2020-11-22

جو بايدن لديه غريزة مختلفة

واشنطن- في عالم يجمع بين توازن القوى والمعايير الليبرالية، فإنه من الطبيعي أن تمتلك الولايات المتحدة قوة ناعمة وأخرى صلبة ولكن إذا أنتجت إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن المزيج الصحيح من كليهما، فستكون قادرة على استعادة دور واشنطن دوليا.

ومن اللافت أن بايدن لديه غريزة مختلفة فهو يرى مخاطر فقدان القيادة الأميركية، التي تسبب فيها الرئيس المنتهية ولايته تحت شعار “أميركا أولا”، لكن هناك قيودا حقيقية على لعب الولايات المتحدة الدور الذي قامت به قبل وأثناء وبعد الحرب الباردة، حيث تختلف المناظر الطبيعية الدولية والمحلية اختلافا جوهريا.

تاريخيا، واجه الرؤساء الأميركيون مطبات حول تحديد دور بلدهم لقيادة العالم، وبعد الانغماس الأخلاقي في مهمة الرئيس الراحل وودرو ويلسون لإنهاء جميع الحروب رفض مجلس الشيوخ العضوية الأميركية في عصبة الأمم وفضلت إدارة وارن هاردينغ العودة إلى الحياة الطبيعية.

 

قادت إدارة ترومان تشكيل نظام قائم على القواعد لمواجهة السوفييت في الحرب الباردة عبر مجموعة من الوسائل وهي خطة مارشال

ويرى دينيس روس، الذي عمل كمساعد خاص للرئيس الأسبق باراك أوباما، في مقال نشرته مجلة “ذي ناشيونال إنترست” الأميركية أنه على الصعيد الدولي، كان هذا يعني الانعطاف إلى الداخل مرة أخرى.

ويقول روس إن شعار “أميركا أولا” لم يكن هو الذي بدا وكأنه يعيد عقارب الساعة إلى الوراء نحو الفترة التي سبقت تولي القيادة والمسؤوليات الأميركية على الصعيد الدولي، بل كان السبب هو أنه شكك في فوائد التحالفات، حيث تحملت واشنطن عبئا كبيرا وهو مالا يجب أن يحصل خلال فترة بايدن.

ولم تكن القيادة على المسرح العالمي جزءا من التقليد الأميركي للسياسة الخارجية، وفق روس، الذي يعمل حاليا مستشارا وزميلا لويليام ديفيدسون المتميز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى رغم أن وزير خارجية هاردينغ، تشارلز إيفان هيوز، سعى إلى الحد من خطر الحرب دوليا عبر استضافة مؤتمر واشنطن البحري حول نزع السلاح.

دينيس روس: تحملنا عبئا كبيرا وهو مالا يجب أن يحصل خلال فترة بايدن

 

ومن الواضح أن هاردينغ فهم أن لديه وسائل إكراه محدودة، ولكنه سعى إلى استخدام الإقناع الأخلاقي في إطار جماعي لخلق ضغوط للحد من سباق التسلح البحري، وبينما تم تحقيق قيود حقيقية بين القوى الكبرى، لم تكن هناك آليات للتنفيذ وبحلول ثلاثينات القرن الماضي لم يكن هناك أحد يحترم هذه الحدود أو غيرها.

وبعد ذلك، سعى فرانكلين روزفلت إلى تصحيح فشل الأمن الجماعي بعد الحرب العالمية الأولى من خلال إنشاء منظمة الأمم المتحدة، والقوى الأربع؛ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد السوفييتي والصين، لتوفير دور الشرطة.

ويقول روس، المستشار الخاص لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، إن رؤية واشنطن آنذاك تهدف إلى لعب دور جديد في العالم، لكن هذا الدور ستعمل فيه مع الآخرين وسيكون من خلال المؤسسات الدولية لتوفير الأمن ومنع الحمائية وتعزيز التنمية الاقتصادية.

وكانت نقطة التحول للسياسة الخارجية الأميركية عندما جاء الرئيس هاري ترومان في 1945، إذ كانت بلاده القوة الاقتصادية المهيمنة في مواجهة أوروبا المنهارة والتهديد السوفييتي.

وقادت إدارة ترومان تشكيل نظام قائم على القواعد لمواجهة السوفييت في الحرب الباردة عبر مجموعة من الوسائل وهي خطة مارشال ومبدأ ترومان وتأسيس حلف الناتو وإبرام اتفاق أمني مع اليابان ومؤسسات بريتون وودز المالية، ولكن تلك الفترة تختلف عما هو عليه العالم اليوم.

ولقد أدت القوة الأميركية وشبكتها من التحالفات والشركاء الإقليميين والمؤسسات المالية الدولية والتناقضات المتأصلة داخل الاتحاد السوفييتي وكتلته في النهاية إلى انهياره، وبالتالي لم يكن لواشنطن منافس فقد كانت روسيا في حالة من التحول والاضطراب وفقدان الهوية، وكانت الصين منشغلة بتوليد التنمية الاقتصادية المحلية.

 

تاريخيا، واجه الرؤساء الأميركيون مطبات حول تحديد دور بلدهم لقيادة العالم

ولم يبدُ أن قيادة واشنطن دوليا قد تم التحقق من صحتها فقط، بل قدمت أيضا فرصة لنشر القيم الأميركية، فقد أصبح توسيع الناتو هدفا لإدارة بيل كلينتون، كما سعت “أجندة الحرية” التي أطلقها الرئيس جورج بوش ردا على آفة الإرهاب إلى حرمان الإرهابيين من التربة التي يحتاجون إليها.

لكن التساؤل والتكاليف الباهظة التي لا هوادة فيها للحروب في أفغانستان والعراق والانهيار الاقتصادي في 2008-2009 تضافرت لتطرح أسئلة أساسية حول دور الولايات المتحد في العالم والأعباء المفرطة التي تتحملها.

وبينما كان باراك أوباما يعتقد دوليا أن القيادة الأميركية لا تزال مطلوبة لتشكيل الأجندة العالمية، كان يدرك القيود الحقيقية للغاية على قوة الولايات المتحدة والتكاليف المرتفعة للتدخلات، ومع ذلك، فقد تحدّى ترامب فكرة القيادة الأميركية على المسرح العالمي.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي