واشنطن ـ دحضت البيانات التي جُمِعَت في القرن الحادي والعشرين عن الأطفال الوحيدين، فكرة أن الطفل الوحيد طفل مدلل يريدُ دائمًا أن تتحقَّق مآربه، ولا يستطيع مشاركة الآخرين، ويتّسم عمومًا بالأنانية.
وأظهرت الدراسات الحديثة أن الوحيدين لا يُظهرون أي قصور جِدِّي، كما عارضت توني فالبو، عالمة النفس بجامعة تكساس في أوستن، وهي ابنة وحيدة، فكرة أن المرء بحاجة إلى أخوة وأخوات كي يكبر ويصبح إنسانًا سويًا، ففي استقصائها الذي أجرته، فحصت ما يربو على 200 دراسة تتناول الموضوع، وخَلُصَت إلى أن سمات الأطفال الذين لديهم أشقاء والذين ليس لديهم أشقاء لا تختلف، واكتشفت أن الفارق الوحيد هو أن الأطفال الوحيدين لديهم روابط أقوى وأكثر متانة بآبائهم، مقارنةً بالأطفال الذين لديهم أشقاء.
كما بينت الاختبارات أنّ الأطفال الوحيدين مفكّرون شاملون أفضل من غيرهم، مما يعني أن بوسعهم حل المشكلات بطريقة أكثر إبداعًا وابتكارًا، خاصةً في فئة التفكير المرن.
وذلك لما طُلب من الطلبة إتقان اختبار للإبداع يُعرف باسم اختبارات تورانس للتفكير الإبداعي وتعيَّن عليهم استنباط أكبر عدد ممكن من الاستعمالات الأصيلة لغرض من الأغراض اليومية كعلبة معدنية، فأبلوا البلاء الحسن.
وفسِّر الخبراء ذلك بأن الأطفال الوحيدين عادةً ما يضطرون إلى الاعتماد على أنفسهم، ومن ثَمَّ يجبرون على الابتكار وسِعَة الحيلة في سن مبكرة.
الأطفال الوحيدون لا يُظهرون أي قصور جِدِّي، كما أن بوسعهم حل المشكلات بطريقة أكثر إبداعًا وابتكارًا، خاصةً في فئة التفكير المرن. |
لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، فقد كشفت فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي عن فروق في بنية المخ، ففي التَّلْفيفُ فَوقَ الهامِشِيّ، وهي منطقة دماغية ترتبط بالإبداع والخيال، اكتشف الباحثون المزيد من المادة الرمادية (المرتبطة بالذكاء) بين الأطفال الوحيدين، غير أن الباحثين اكتشفوا خلايا رمادية أقل عددًا في المخ الأمامي، وتحديدًا في القشرة أمام الجبهية الوسطى، لدى الأطفال الوحيدين مقارنةً بالأطفال ذوي الأشقاء، وصَاحَبَ هذا النقص قدرٌ أقل من التسامح. وعَزَت الدراستان أيضًا وظائف مهمة إلى هذه المنطقة الدماغية متى تعلق الأمر بمعالجة المعلومات العاطفية، بما في ذلك القدرة على وصف المشاعر للآخرين وتنظيم المرء عواطفه الخاصة.
خبراء التربية يؤكدون أن الأطفال الوحيدين ليسوا بمعزل عن الأوساط الاجتماعية المحيطة بهم؛ فالتواصل في مرحلة الروضة مثلاً يكفل ساحةً للتدريب على المهارات الشخصية
ويرى خبراء علم النفس أن كون الطفل طفلاً وحيداً يحمل الكثير من المزايا، كما يحمل أيضاً العديد من العيوب، ويمكن أن يكون وضع الطفل الوحيد إما جيدًا أو سيئًا، اعتمادًا على كيفية إدراكه له، وكيفية تربيته من قبل والديه.
ومن أهم المزايا التي يحصل عليها الطفل الوحيد هي الحب والاهتمام غير المقسم من الوالدين، حيث يوفران له المزيد من الحصول على الأشياء واللعب، وينفقان المال عليه وحده، وبالتالي سوف يحصل على المزيد من الألعاب أكثر من المعتاد، والمزيد من المال لإنفاقه، وبالطبع المزيد من الحب والعطف.
كما قد، ينجو الطفل الوحيد من التعقيدات الناتجة عن وجود شقيق متغطرس وغير مفيد وتنافسي، حيث ليس من الممتع وجود أخوة كهؤلاء، خصوصا إذا استحوذوا على انتباه الوالدين، والذين لا يمكن أن يخطئوا من وجهة نظرهم والذين يستحوذون من ثم على حب الوالدين.
كما يؤكد خبراء التربية أن الأطفال الوحيدين ليسوا بمعزل عن الأوساط الاجتماعية المحيطة بهم؛ فالتواصل في مرحلة الروضة مثلاً يكفل ساحةً للتدريب على المهارات الشخصية، وبالمثل يتعيّن على الآباء بذل مجهود أكبر في تعليم أطفالهم الوحيدين المهارات الاجتماعية، وخلق الفرص التي يتعين على أطفالهم فيها مشاركة ألعابهم وكتبهم والاهتمام الأبوي، وخلافًا لذلك، فإن خلق بيئة يحفّها الود والهدوء يبدو أهم من عدد الأطفال في الأسرة الواحدة.