أزمة العمالة في الكويت.. تحديات خطيرة وإصلاحات حرجة

2020-11-10

مع وفاة أمير الكويت الشيخ "صباح الأحمد الصباح" دخلت البلاد فترة من عدم اليقين والتحديات غير المسبوقة. وفي مواجهة موجة ثانية أكثر شراسة من جائحة "كوفيد-19"، وتراجع اقتصادي حاد، وانكماش متصاعد، وضغوط لتطبيع العلاقات مع (إسرائيل)، يتحمل أمير الكويت الجديد، الشيخ "نواف الأحمد الصباح"، وولي العهد الشيخ  "مشعل الأحمد الصباح"، مسؤولية كبيرة لإخراج البلاد من الأزمة وسط تدهور الوضع الاقتصادي 

وبسبب الوباء، وصلت أسعار النفط إلى 40 دولارا للبرميل، بينما تحتاج الدولة إلى سعر 81 دولارا للبرميل للتغلب على العجز الحالي. وقد دفعت الكويت بالفعل ثمن التأخر في تقليل الاعتماد على النفط، ولكن القطاع الخاص الناشئ بدأ في لعب دور ثانوي في الناتج المحلي الإجمالي للكويت.

وكانت إحدى إخفاقات التنويع الرئيسية متعلقة بإصلاح سوق العمل المحلي حيث أن الرواتب والدعم المالي للمواطنين الكويتيين في القطاع العام، لا يؤدي إلى إصلاح الاقتصاد أو زيادة الملاءة المالية، بل يثقل كاهل الميزانية العامة.

وتَصدّر التحول في السياسة الديموغرافية أجندات صانعي سياسات البلاد منذ بداية الوباء، ومن المحتمل أن يكون قد تسارع بسبب موجات مغادرة العمالة الأجنبية منذ مارس/آذار. وفي مايو/أيار، نشرت كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية تقريرا أوليا أبرزت فيه المخاوف بشأن تداعيات خروج العمالة الأجنبية الماهرة على مستقبل الاقتصاد الكويتي. 

التلاعب بالديموغرافيا

ومنذ هذا التقرير، أصبحت الدولة الخليجية في وضع غير موات أكثر بسبب الطريقة التي تعامل بها البرلمان الكويتي مع هذه الأزمة. ويواصل المسؤولون الحكوميون طرح مقترحات جوفاء لقلب المقاييس الديموغرافية بحيث يكون 30% من السكان من العمالة الأجنبية و70% من المواطنين الكويتيين. ويتمثل الاقتراح الرئيسي في تقديم نظام حصص لجنسيات محددة، بالإضافة إلى تصنيف أي شخص يزيد عمره عن 60 عاما دون تعليم ثانوي على أنه غير مؤهل للحصول على الإقامة.

ولا يعد مثل هذا التحول الديموغرافي الكبير منطقيا من الناحية اللوجيستية عندما يلقي المرء نظرة فاحصة على هيكل سوق العمل. وللتوضيح، يمثل خريجو الجامعات وحملة الشهادات العليا ما يقرب من 174 ألفا من إجمالي 3 ملايين وافد، وفقا للإحصاءات الحكومية الرسمية. ويمثل هذا ما يقرب من 5% فقط من إجمالي السكان المغتربين، في حين يبلغ إجمالي الحاصلين على التعليم الثانوي والدبلومات 387 ألفا و765 أو 12%.

علاوة على ذلك، فإن أي شكل من أشكال استبدال الوافدين بالمواطنين لا طائل من ورائه؛ لأن غالبية الوافدين (نحو 2.5 مليونا) يعملون في وظائف وضيعة منخفضة الأجر، والتي لن يتم شغلها من قبل الكويتيين أو غيرهم من العمال ذوي المهارات العالية.

وحتى عندما تم طرح اقتراح قانون للرقابة الديموغرافية داخل قاعة البرلمان، تمت إعادته إلى اللجنة المختصة واعتبره مجلس الوزراء غير دستوري. ومن المرجح أن تشعر الحكومة بالندم وتتخلى سريعا عن إعادة الهيكلة الديموغرافية عندما ترتفع أسعار النفط أو يصبح الدين العام أكثر قابلية للإدارة

موضوع يهمك : «الترامبية» فكرة لا تموت.. وستظل حتى لو فاز بايدن

ولسوء الحظ، في حين أن هذه المناقشات ليست قانونا ملزما، فإن العديد من الكيانات العامة والشركات الخاصة قامت بالفعل بتخفيض الموظفين المغتربين دون تقييم تأثير التسريح المفاجئ بشكل صحيح. ويواجه العمال الأجانب المقيمون في جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية وضعا غير مسبوق، فإما اتخاذ قرار بالالتماس والانتظار في الكويت أو العودة إلى الوطن حيث توجد فرص عمل ضئيلة لكن مع بعض الأمان ظاهريا.

ولم تساعد وسائل الإعلام المحلية في الموقف، حيث روجت وسائل الإعلام الرئيسية للعناوين السلبية والكاذبة عن المغتربين، ما أدى إلى توليد الخوف والمعلومات المضللة. وفي الواقع، قد يكون للحالة الحالية من الارتباك والغضب والكراهية العميقة تجاه المغتربين تداعيات أعمق على تنمية الكويت بعد النفط إذا لم يتم إدخال تغييرات سياسية سريعة.

هجرة العقول

 ولا توجد إحصاءات دقيقة عن العمالة الوافدة التي غادرت الكويت، لكن وسائل الإعلام تدعي أن العدد يتراوح بين 100 ألف و300 ألف. وتزعم مصادر في خدمات الطيران الوطنية أن 365 ألف عامل أجنبي غادروا منذ سبتمبر/أيلول، وتقدر الأبحاث أن العدد سيكون نصف مليون بحلول نهاية عام 2020. ولا يشمل هذا العدد ما يقدر بـ 40 ألف عامل أجنبي تقطعت بهم السبل في الخارج وفقدوا إقامتهم ومن المحتمل ألا يُسمح لهم بالعودة مرة أخرى.

واستكشفت المقابلات مع العديد من السفارات وقادة الأعمال عدد العمال ذوي المهارات العالية الذين غادروا الكويت، حيث غادر نحو 982 بريطانيا الكويت في الفترة من مارس/آذار إلى أغسطس/آب، أي ما يقرب من 15% من الجالية البريطانية. ومن بين 300 إلى 400 مواطن ألماني في الكويت، غادر نحو 40%. وذكرت مصادر في مفوضية الاتحاد الأوروبي والجاليات الأسبانية والإيطالية تقديرات مماثلة.

وتقلص المجتمع الأسترالي بنسبة 40% من بين 1000 إلى 1200 مواطن حالي. كما تقلصت المجموعات السكانية الأخرى التي تميل إلى أن تكون عالية المهارة بشكل كبير. على سبيل المثال، تقلص عدد السكان الأتراك والكوريين، وكلاهما منخرط بشكل مباشر في المشاريع الحكومية الضخمة، بنسبة 70% و85% على التوالي، حيث لم يتبق سوى 3 آلاف تركي من أصل 10 آلاف.

 

 











شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي