إشكالات التنمية الاقتصادية في افريقيا في ندوة دولية

2020-11-01

د /صالح محروس محمد


من الاشكالات التي تواجه التنمية في أفريقيا الدول الاستعمارية القديمة التي لازالت موجودة وتؤثر على حركة التنمية ولأهمية التنمية الاقتصادية في أفريقيا وضرورة الشراكة العربية فيها انطلقت في يوم السبت المصادف 29 أغسطس/ آب الماضي 2020 في الساعة الثامنة بتوقيت مكة والخامسة بتوقيت غرينتش، أعمال الندوة العلمية التفاعلية الأولى للرابطة العربية الأفريقية تحت عنوان (التنمية الاقتصادية في افريقيا : الواقع والتحديات)، والتي عقدت بالتنسيق مع الجامعة الإسلامية فرع السنغال في ولاية منيسوتا في الولايات المتحدة الأمريكية ممثلة برئيس الجامعة الأستاذ الدكتور محمد المختارجي وهو رئيس الرابطة العربية الافريقية، مع الرابطة العالمية لعلماء افريقيا في مملكة السويد ممثلة برئيسها الشيخ محمد جدة وهو نائب رئيس الرابطة، والأمين العام للرابطة العربية الافريقية د. صالح محروس محمد من مصر.
وبجهود وحدة الندوات والمؤتمرات برئاسة د هند فخري (العراق ) التي افتتحت الندوة وشرعت في ايضاح أهمية موضوع الندوة والسبب في أختيارها عنوان لاول ندوة للرابطة لما فيها من أواصر تربط الجانبين العربي والافريقي كون الاقتصاد ومايقوم عليه من دعائم كلها متوفرة وبغزارة في المناطق العربية والافريقية ولتتحول بذات الوقت من اسباب لبناء دول عظيمة الى نقاط جذب للطامعين على مر العصور لينهبوا فيها فتكون سبباً في تأخر المنطقتين العربية الافريقية وضياع مستقبل أجيالهم وبتر كل سبل النهوض والتنمية، لأنها اذا ماقامت حولت هذه المنطقة لقوة جبارة تصعب الاحاطة به والسيطرة عليها، لذا بقيت محاولات أحباط النمو والتقدم الاقتصادي منهج سارت عليه الدول الطامعة ولازالت، ولن يتم ايقافها الا بتظافر الجهود العربية الافريقية وايمانها بقدراتها الذاتية لامتلاك القرار بالتنمية والتكامل الاقتصادي.
موضوع يهمك : البنك الدولي يحذر.. كورونا قد يشكل ضغوطا على سلاسل إمداد الغذاء
أعقبها بالكلمة الشيخ محمد جدة بوصف مسهب للوضع الاقتصادي العالمي وارتباط القارة الافريقية بالاحداث العالمية والنظم القائمة والتحالفات التي تحكمت من قريب وبعيد بمصير الاقتصاد الافريقي وأعاقة التنمية فيه وتكبيله بقيود التبعية ،وان الحلول الناجعة هي تحقيق التكامل الاقتصادي الافريقي وبناء جسور التعاون العربي الافريقية بحكم الترابط بنقاط شبه متطابقة بين المنطقتين تخص التأخر الاقتصادي والتبعية للغرب وفقدان خطط التنمية .
وأشار د. محروس إلى أعتبار ندوة التنمية الاقتصادية في أفريقيا الواقع والتحديات ذات أهمية عظيمة لعدة أسباب أولها أهمية موضوعها، حيث أن الاقتصاد أساس بناء الأمم وأن المشكلات العربية والأفريقية في جوهرها مشكلات اقتصادية فما تعانيه الدول العربية والأفريقية من مشكلات الفقر وتدني الخدمات التعليمية والصحية سببها في الحقيقة التأخر الاقتصادي . أيضا هذه الندوة مهمة بمشاركة أساتذة متخصصين في الاقتصاد والتاريخ الاقتصادي وهي أخذة الصفة الدولية لأن المشاركين فيها أساتذه من تشاد ومصر والمغرب والجزائر والعراق . الأمر الاخر هي بداية انطلاق ندوات الرابطة العربية الأفريقية ( مؤسسة دولية تحت الانشاء) والمتوقع أن تكون أقوى مؤسسة دولية في مجال التعاون العربي الأفريقي .


الجلسة العلمية:
ترأس الجلسة العلمية الأستاذ الدكتور صالح أبو بكر علي من دولة تشاد أستاذ العلاقات الدولية ورئيس مركز البحوث والدراسات الإقليمية والدولية بتشاد. وسير الجلسة مقررها د. هند فخري سعيد أستاذة السياسة الدولية الحديثة والمعاصر في جامعة الموصل/ العراق.
تمحورت الجلسة بموضوعها من خلال ثلاث مداخلات قيمة للأساتذة:
الأولى: أ.د. أحمد عبدالدايم أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في كلية الدراسات الافريقية العليا مصر ورئيس قسم التأريخ، بمداخلة عنوانها (إشكالية التنمية الاقتصادية الافريقية بعد الاستقلال 1960-1980)، وأهم ما جاء فيها: ((ان سؤال التنمية في افريقيا بعد الاستقلال سؤال يصعب الإجابة عليه، كونه لا يرتبط بالتاريخ الاستعماري فحسب، بل بالاخطاء التي ارتكبها قادة افريقيا بعد استقلال دولهم، حيث راهنت تلك القيادات على مجموعة من الوصفات الجاهزة للتنمية وعملت على السير في تنمية شكلية تعلقت بالخدمات دون الاهتمام بالبنية الإنتاجية فأدى بها هذا الأمر إلى السير في طريق الديون))
الثانية: الأستاذ الدكتور علي قابوسة من الجزائر مدير مخبر الاقتصاد السياسي بين التنمية الاقتصادية وتحديات السياسة للدول العربية الافريقية – جامعة الوادي، وعنوان مداخلته (الهجرة الافريقية وأثرها على التنمية الداخلية في ظل ضعف الاستثمار العربي)، وفي مجمل حديثه ركز على ((انه على الرغم من أن الأزمة السياسية الجارية المحيطة بالهجرة الافريقية إلى أوربا، فإن الواقع يشير إلى تناقص بهذه الهجرة التي بلغت ذروتها في أكتوبر 2015م، وتحولها إلى هجرة في الداخل الافريقي، تكون فرصة للحكومات الافريقية لتسخيرها كقوة إيجابية متمثلة في قدرة البشر على التنقل داخل القارة)) وهنا يؤكد قابوسة على: ((ضرورة التحرك العربي لإستثمار هذه الطاقة البشرية في القارة السمراء)).
موضوع يهمك : قائمة الدول الأغنى في العالم
والمداخلة الثالثة: كانت من الدكتور سعد الدين إكمان أستاذ علم الاجتماع الاقتصادي في جامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس/ المغرب ورئيس مركز بحث المعهد متعدد التخصصات للعلوم الاجتماعية، عنوانها (سياسات التشغيل ودور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في افريقيا)، وقد استند فيها على بعض البحوث الميدانية التي اجراها على العاطلين والعاملين في القطاعين الخاص والعام والمهيكل منذ عام 2009م، وأهم ما ذكره حول ذلك: ((أنه لا يمكن الحديث عن التشغيل دون تنمية اقتصادية محلية تحقق العدالة الاجتماعية والمجالية في البلدان العربية والافريقية)) وأكد ايضاً على ((التفكير في اتحادات وتحالفات إقليمية مبنية على المصالح الاقتصادية بعيدة عن العاطفة والخلاف))
وتداخل الدكتور صالح أبو بكر (تشاد) رئيس الجلسة بمداخلة بث فيها روح الامل : ((التنمية الاقتصادية في القارة الافريقية عقب جملة من المتغيرات شهدتها العديد من دول القارة وما حققته من إنجازات تنموية ونسب نمو مهمة فضلاً عن الخطط والمبادرات الجماعية التي صيغت للنهوض بالقارة اقتصادياً كمبادرة النيباد))، وأكد أن هذا لن يتم الا عن طريق ((القيام بالمزيد من الأبحاث والدراسات المستفيضة في هذا الشأن والوقوف على الاستنتاجات والفرص القائمة والتحديات الهائلة دون انسيابية عجلة التنمية الاقتصادية في القارة)).


وبعد هذه المداخلات القيمة حول الاقتصاد العربي الافريقي فتح الباب للتعقيبات والمناقشات من قبل الحضور الذين زادوا من عمق طروحات الندوة بما أسهموا فيه من آراء وأفكار ودعوات وتساؤلات صبت في اغناء موضوع الندوة وكان أهمها:
تعقيب أ.د. وليد العريض، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة اليرموك (الأردن): ((بات معروفاً للجميع مشاكل افريقيا خاصة والعالم الثالث عامة وهي الأمية والفقر والبطالة والأنظمة السياسية الأمنية. وأن المطلوب هو التوجه إلى الدراسات المستقبلية لافريقيا واقتراح الاليات المناسبة للحلول ضمن خطط واضحة خلال 10-30 سنة القادمة أو أكثر)).
موضوع يهمك : العالم على شفا نسخة معاصرة من أزمة "الكساد الأكبر"
تعقيب أ.د. معتز محي عبد الحميد مدير المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية (العراق) والذي ركز فيه على الوضع الأمني وتأثيره على الاقتصاد في القارة الافريقية: ((أن الأمن الوطني والإقليمي في افريقيا يعاني من العديد من المشكلات والتحديات الحقيقية المتنامية التي يصعب مواجهتها ذاتياً إلا بالتعاون الجاد ما بين الدول الافريقية، وخصوصاً بعد انبثاق منظمة الأفريبول الافريقية عام 2015م للتعاون الأمني ومنع الجريمة ومكافحتها وهي على غرار منظمة الانتربول العالمية وكذلك وجود مجموعة من الشبكات الأخرى، مثل تنسيقي شرق افريقيا (أوابكو) ولجنة قادة شرطة وسط افريقيا (سي. سي. بيـسي) ومنظمة شرطة جنوب افريقيا (ساربكو) كل هذه الشبكات مهمة في الحفاظ على الأمن في داخل الدول الافريقية والحفاظ على الاستثمار الأجنبي والعربي الذي يزدهر إذ توفر له المناخ الأمني الجيد، دون الاعتماد على جلب القوات الأجنبية لحماية الشركات المستثمرة)).
أهم التوصيات التي أوصت بها الندوة إنشاء وحدة الدراسات الاقتصادية بالرابطة وكذلك إعداد نموذج للتنمية الاقتصادية من خبراء الاقتصاد العرب والأفارقة لتنمية الدول العربية والأفريقية.العمل على الوقوف على الوضع الاقتصادي للدول العربية والافريقية عن طريق عقد العديد من الندوات الاقتصادية وأن تقدم وحدة الدراسات الاقتصادية بالرابطة الاستشارات الاقتصادية للأنظمة العربية والأفريقية .;كما أوصى المؤتمر بتشجيع الاستثمارات العربية في أفريقيا.

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي