احتمالات مخيفة : ماذا سيحدث إذا خسر ترامب الانتخابات الرئاسية الأميركية

2020-10-28

الرد الانتقامي أفضل الأساليب الممكنةاستطاع الرئيس دونالد ترامب أن يشغل مؤيديه وقاعدته الانتخابية طيلة الحملة الانتخابية، لكنه كان في نفس الوقت يمثل هاجسا بين أولئك الذين يتوقون إلى هزيمته خلال الاقتراع المقرر بعد أيام قليلة. ومع ذلك تبرز في تلك الأثناء السيناريوهات المتشائمة التي قد تجعل من المرشح الجمهوري يتقبل الخسارة بالنظر إلى جبل المشكلات الاقتصادية على وجه التحديد، والتي يعد طرح البرامج لحلها إحدى النقاط الرئيسية لتبديد قلق الأميركيين وكسب التأييد في السباق نحو المكتب البيضاوي.

واشنطن - تقف الولايات المتحدة اليوم وهي على بعد أسبوع من الانتخابات الرئاسية، في وقت يزداد قلق الناخبين عبر ممارسة بعض “الطقوس القهرية”، والتي لا تؤدي إلا إلى زيادة هذا القلق، ومن بينها تتبع الاستطلاعات بشغف، وعقد المحادثات اللانهائية والتنبؤات مع الأصدقاء.

وفي ظل ذلك تبرز العديد من السيناريوهات للبعض من أن نتائج الانتخابات ستكون محل شد وجذب بين معسكر الحملتين وقد تتأجل لبعض الوقت مسألة دخول الفائز إلى البيت الأبيض، وبالتالي الوقوف مرة أخرى على تلة الأحداث في أكثر استحقاق تتم متابعته حول العالم.

ويسوق راجان مينون، أستاذ العلاقات الدولية في مدرسة باول، سيتي كوليدج في نيويورك، الذي يكتب لموقع “توم ديسباتش” بعض الاحتمالات المخيفة الشائعة لنوفمبر، وفي مقدمتها حصول ترامب على غالبية الأصوات.

ووجد استطلاع أجراه مركز “بيو” للأبحاث أن 60 في المئة من مؤيدي الرئيس يعتزمون التصويت بأنفسهم في يوم الانتخابات مقارنة بنحو 23 في المئة من مؤيدي بايدن. وبالمثل، كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “واشنطن بوست” وجامعة ماريلاند عن اختلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين، وإن لم يكن كبيرا.

احتمالات مخيفة

من الممكن أن يخسر ترامب بسهولة بعد احتساب جميع بطاقات الاقتراع البريدية والغيابية. وبمجرد احتساب كل بطاقة اقتراع، يفوز بايدن في التصويت ويحقق فوزا في الهيئة الانتخابية.

ومع ذلك، سيزعم الرئيس، الذي أقنع أتباعه بالفعل بأن التصويت عن طريق البريد يمكن أن يتعرض للتزوير أنه والشعب الأميركي قد تعرضا للسرقة والخداع من قبل المؤسسة الانتخابية.

وكنتيجة لذلك، ينزل أتباع ترامب الغاضبون، وبعضهم مسلح، إلى الشوارع وتعم الفوضى، وحتى العنف، كما سيرفع جيش المحامين التابعين للرئيس مذكرات للمحكمة للطعن في نتائج الانتخابات وينتظر بشدة قرار المحكمة العليا المستقبلي.

ويُظهر إحصاء الأصوات أن ترامب لم ينتصر في الولايات المحورية، ولكن في المجالس التشريعية للولايات حيث تعمل الأغلبية الجمهورية، وقادة حزب الجمهوريين على تحويل مسار الناخبين، متحدّين الإرادة الشعبية دون انتهاك المادة الثانية في القسم الأول من الدستور، والتي لا تمنع بشكل قاطع مثل هذه الخدعة.

وكان هذا أحد الاحتمالات التي اكتشفها بارتون جيلمان في مقالته حول المناورات التي يمكن أن يستخدمها ترامب لانتزاع النصر من فكي بايدن. ثم هناك مؤامرات متنوعة، بما في ذلك ترامب الذي يحاول حشد الناخبين ولفت انتباههم قبل الانتخابات من خلال بدء حرب مع إيران، مثلما توقع هو في 2011، أن الرئيس السابق باراك أوباما سيتبع نفس الاستراتيجية لتعزيز فرصه في إعادة انتخابه.

وهذا بالطبع مجرد جزء من قائمة طويلة من الاحتمالات المرعبة. وعلى أي حال، الأمر ليس بيد المتابعين، ولا يوجد ما يمكن فعله حيال المسألة لكن بعض المنتقدين رفضوا مثل هذه المقولات المروعة مع تأكيدات على أن النظام سيعمل بالطريقة التي من المفترض أن يعمل بها وسيحبط مخالفات ترامب.

نظرا لأن احتمالات فوز ترامب تبدو باهتة، فلديه سبب وجيه على ما يبدو للضغط من أجل اللعب على وتر الاقتصاد

ولكن مينون، زميل باحث أول في معهد سالتزمان لدراسات الحرب والسلام بجامعة كولومبيا يعتقد أنه من الأجدى الجنوح باتجاه التفاؤل والتخيل ألا تتحقق أي من الاستنتاجات المثيرة للقلق، حيث أن فوز بايدن بفرز الأصوات الشعبية والهيئة الانتخابية ثم يرفض قادة الحزب الجمهوري ترديد نداءات ترامب حول التزوير.

وفي وسط ذلك، فإن ترجيح بزوغ فجر جديد، يبدو ممكنا، لأن بايدن لن يتعود على الكذب مجددا وهذا ليس أمرا هينا حيث بحلول منتصف هذا العام، كان ترامب قد أصدر تصريحات خاطئة ومضللة لأكثر من 20 ألف مرة منذ أن أصبح رئيسا.

ولن يكون لدى الأميركيين رئيس يتواصل بطريقة غير مباشرة مع الجماعات اليمينية المتطرفة أو “الميليشيات” العنصرية، ويهاجم حاكمة بعد فترة وجيزة من إحباط مكتب التحقيقات الفيدرالي مؤامرة من قبل المتطرفين اليمينيين لاختطافها لأنها بدأت تتخذ خطوات لقمع فايروس كورونا.

كما لن يكون هناك رئيس يصرح مرارا أنه سيبقى في منصبه حتى لو خسر الانتخابات، أو رئيس لا يستطيع أن يناشد الأميركيين أن يفعلوا أمرا بسيطا وهو ارتداء الأقنعة لحماية الآخرين وأنفسهم من فايروس كورونا، أو رئيس يفتقر إلى التعاطف والتعبير عن حزنه على وفاة 225 ألف أميركي بسبب هذا المرض.

ويبدو هذا تحديا صعبا، ومع ذلك، فإن وصول بايدن إلى المكتب البيضاوي لن يغير حقيقة كبيرة واحدة، وهي أن دونالد ترامب سيسلّمه فوضى اقتصادية مروعة، والأسوأ من ذلك، في الأشهر الثلاثة المقبلة، سيبذل قصارى جهده لجعل الأمور أسوأ.

وإن تم تعيينه في المنصب، فإن بايدن سيواجه ما قد يكون، بالنسبة له، أكثر صعوبة من الموت نفسه وهي الخسارة، حيث سيكون التحدي الهائل المتمثل في إعادة الاقتصاد إلى مساره الطبيعي أثناء محاربة الوباء أيضا صعبا بما يكفي لأي رئيس جديد دون أن يخرب رئيس الأركان والجمهوريون في مجلس الشيوخ جهوده حتى قبل أن يبدأ.

تحديات معقدة

ستوفر الفترة الطويلة بين يوم الانتخابات ويوم التنصيب لترامب متسعا من الوقت كي ينتقم من الشعب الذي، في رأيه، قد تخلى عن أفضل رئيس على الإطلاق. ولكن حتى بايدن تنتظره أمور كثيرة حيال فوزه.

ويرى مينون أن القول بأن الولايات المتحدة من بعض النواحي، تعاني من أكبر كارثة اقتصادية منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي ليس سوى مبالغة. والإحصائيات توضح ذلك، فقد انكمش النمو بمعدل سنوي بلغ 31.4 في المئة خلال الربع الثاني من هذا العام بسبب الوباء وهو أكثر من فترة الركود العظيم 2007/2009، حيث بلغت البطالة ذروتها عشرة في المئة.

ومع ذلك كانت هناك بعض العلامات بشكل نسبي على حدوث انتعاش وأسفر استطلاع بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا الذي صدر في منتصف أغسطس، عن تقدير بتوسع بنسبة 19.1 في المئة للربع الثالث من هذا العام.

ولكن هذا التفاؤل جاء في أعقاب تمرير الكونغرس لقانون “كيرز” وهو قانون “مكافحة كورونا، ودعم جهود الإغاثة، وتعزيز الأمن الاقتصادي”، في مارس الماضي، والذي ضخ حوالي 2.2 تريليون دولار في الاقتصاد.

ويشير التباطؤ في نمو فرص الوظائف بين شهري يوليو وسبتمبر الماضيين إلى أن آثار هذا الانتعاش قد تتلاشى. وحتى مع هذا الارتفاع، لا يزال الاقتصاد في حالة أسوأ بكثير مما كان عليه قبل أن ينتشر الفايروس.

وفي مفاوضات الكونغرس الجارية حول تمديد فترات المزايا التكميلية والمساعدات الأخرى، تدخل الرئيس ترامب، فقط من أجل حل هذه النقاشات. ولكن مع ظهور استطلاع أجرته مؤسسة أي.بي.سي نيوز في سبتمبر الماضي أظهر أن 35 في المئة فقط من الجمهور وافق على طريقة تعامله مع الوباء.

وضمن بايدن بذلك تقدما عن ترامب في العديد من استطلاعات الرأي، رغم أن الرئيس الجمهوري عرض فجأة أكبر حزمة مساعدات بقيمة 1.8 تريليون دولار من قانون “كيرز”، مما أثار ردود أفعال هائلة من الحزب ضد هذا القرار.

وهذه هي النقطة المهمة مع اقتراب موعد الانتخابات حيث إذا خسر ترامب ووافق على الخسارة، فسيمنح بايدن كارثة اقتصادية من الدرجة الأولى جعلها أسوأ من خلال التقليل من أهمية ارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي، وتجاهل وتقويض الخبراء الطبيين التابعين لإدارته، والترويج لأفكار سخيفة، وتقديم تكهنات وردية لا أساس لها، ما يجعل فرضية مشاهدة ترامب أكثر غضبا أمرا ممكنا.

موضوع يهمك : شهدت مواجهة أكثر عقلانية : المناظرة الأخيرة تنتهي بسلام وترمب يقول بأن فوز بايدن سيؤدي إلى كساد غير مسبوق

ونظرا لأن احتمالات فوز ترامب تبدو باهتة، فلديه سبب وجيه للضغط من أجل صرف المزيد من المساعدات الإضافية، ولكن إذا خسر في نوفمبر، فلن يدين الرئيس الجمهوري فقط تزوير الانتخابات، لكنه سيفقد أيضا كل الاهتمام بتقديم المزيد من المساعدات للملايين من الأميركيين الذين يقفون على حافة الفقر واليأس.

وسيكون الرد الانتقامي، وليس التعاطف، هو أسلوبه، حتى على قاعدته الانتخابية، التي من الواضح أنه يزدريها بشكل سري وغير مباشر. لذلك، وبين هذين التاريخين، كل ما يفعله ترامب سيعمل على تقويض إدارة بايدن القادمة. لأنه سيريد شيئا واحدا فقط، وهو رؤية خليفته يفشل.

وبمجرد أن يسلم ترامب الرئاسة بشكل رسمي، سيعمل على تصوير أي إجراء تتبناه الإدارة الجديدة للسيطرة على الفايروس الذي ساعد هو في انتشاره ومساعدة المحتاجين على أنه تبذير و”اشتراكية” وتجاوز حكومي يهدد الحرية. ولن يضيع دقيقة واحدة في إجراء عمليته المدمرة.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي