تكنولوجيا المستشعرات.. نافذة جديدة لمرضى التصلب الجانبي الضموري

2020-10-27

المستشعر الجديد سيتمكن من تتبع حركات الوجه البسيطة (يوريك ألرت)

محمد شعبان

تضطلع التكنولوجيا بدور حيوي في حياتنا اليومية، وفي هذا السياق قام فريق من الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة حديثا بتصميم جهاز مرن يساعد مرضى التصلب الجانبي الضموري (Amyotrophic lateral sclerosis) على التواصل مع الآخرين. ونشر الباحثون نتائج دراستهم في دورية "نيتشر بيوميديكال إنجينيرنغ" (Nature Biomedical Engineering) بتاريخ 22 أكتوبر/تشرين الأول الحالي.

يعاني الأشخاص المصابون بالتصلب الجانبي الضموري تدهورا تدريجيا في قدرتهم على التحكم في عضلاتهم الإرادية التي تقوم بعمليات حيوية مثل التكلم والمضغ. ونتيجة لذلك يفقد هؤلاء المرضى قدرتهم على الحديث والتواصل مع غيرهم، ويموت بعض المصابين بهذا المرض في السنوات الخمس الأولى التي تلي اكتشاف أعراض المرض لأول مرة. وكان الفيزيائي الشهير الراحل ستيفن هوكينغ من أشهر المصابين بهذا المرض.

تقنيات باهظة الثمن

كان هوكينغ -الذي وافته المنية عام 2018- قادرا على التواصل مع الآخرين باستخدام المستشعرات التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، والتي يمكنها تحديد ملامح وحركات وجنته. وعلى الرغم من فعاليتها، فإن هذه الطريقة كانت تستغرق وقتا طويلا، وتحتاج إلى معدات ضخمة وتجهيزات خاصة.

كما أن هناك أجهزة أخرى مماثلة تعمل عن طريق قياس النشاط الكهربي للأعصاب التي تتحكم في عضلات الوجه، لكن هذه الأجهزة باهظة الثمن وليست دقيقة دائما، بالإضافة إلى أنه ليس بإمكاننا الاعتماد على قدرة مرضى التصلب الجانبي الضموري على الكتابة، لأن هؤلاء المرضى يفقدون قدرتهم على الكتابة نتيجة عدم قدرتهم على التحكم في أطرافهم.

ولذلك فإن أي تقنية جديدة تسعى لحل مشكلة هؤلاء المرضى عليها أن تأخذ بالاعتبار تلك الصعوبات حتى تمكّن المرضى في النهاية من التواصل بشكل طبيعي، ودون الحاجة إلى معدات ضخمة وتقنيات خاصة.

أمل جديد

سيتمكن الجهاز الجديد -الذي يتم توصيله بوجه المريض- من تتبّع بعض حركات الوجه البسيطة مثل الارتعاش أو الابتسامة، وبهذه الطريقة سيتمكن مرضى التصلب الجانبي الضموري من إيصال العديد من المشاعر مثل قول "أنا أحبك"، أو "أنا جائع"، وذلك من خلال إيماءات صغيرة يمكن للجهاز قياسها وتفسيرها.

وكما هو الحال في كل التقنيات التي تتطور سريعا، فإن هذا الجهاز سيكون صغير الحجم وقابلا للارتداء، ويأمل الباحثون أن يجعلوه مماثلا للون البشرة وغير بارز.

وقد قام العلماء باختبار النسخة الأولية لهذا الجهاز بالفعل على اثنين من مرضى التصلب الجانبي الضموري، واستطاعت التكنولوجيا المدمجة به تمييز 3 تعابير مختلفة للوجه، وهي الابتسامة وفتح الفم ومط الشفاه.

مستشعرات شبيهة بالجلد

يتكون الجهاز الجديد من 4 مستشعرات "كهروضغطية" (Piezoelectric sensors) مدمجة بداخل شريحة رقيقة من السيليكون.

وتستطيع هذه المستشعرات اكتشاف أي تغير ميكانيكي في شكل الجلد، ومن ثم تُحوّله إلى جهد كهربي يمكن قياسه بسهولة. والأكثر أهمية في هذه المستشعرات أنها غير مكلفة، ويمكن تصنيعها بكميات كبيرة، إذ إذن تكلفة الجهاز الواحد منها نحو 10 دولارات أميركية.

وبناء على ما رصده الفريق من تغيرات في شكل الجلد، والتي كانت مقابلة لحركات الوجه المختلفة مثل الابتسامة وفتح الفم ومط الشفاه، فقد تمكنوا من برمجة خوارزمية قادرة على التعلم الذاتي حتى تستطيع التمييز بين حركات الوجه المختلفة. وباختبار هذه الخوارزمية المطورة على اثنين من المرضى حقق المستشعر الجديد دقة في التمييز بين حركات الوجه المختلفة بلغت نسبة 75%.

تحسين الاتصال

ويحاول العلماء حاليا رصد العديد من إيماءات الوجه المختلفة لإنشاء مكتبة مقابلة لها تحوي العديد من التعبيرات الكلامية التي تتوافق مع هذه الحركات، إذ يتم إرسال حركات الوجه المختلفة التي التقطت عن طريق المستشعر إلى وحدة معالجة محمولة ومتصلة به سلكيا.

وتعالج تلك الوحدة البيانات الواردة إليها مستخدمة الخوارزمية التي تم تطويرها، ثم تُظهِر الكلمات المقابلة لهذه الحركات. كما يحاول الفريق حاليا جعل الاتصال بين المستشعر ووحدة المعالجة لاسلكيا حتى يسهل استخدام الجهاز.

وإضافة إلى مساعدة المرضى على التواصل سيفيد هذا الجهاز أيضا في تتبع الحالة الصحية للمريض، ومدى استجابته للعلاج بدل الاعتماد على سؤال المريض عن مدى تحسن حالته.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي