فك شيفرة الموقف المتناقض لإيران تحاه الحرب بين أذربيجان وأرمينيا

2020-10-19

يعتبر التصعيد الأخير للعنف في منطقة "ناجورني قره باغ"، والذي اندلع في 27 سبتمبر/أيلول، هو الأكثر دموية منذ وقف إطلاق النار عام 1994 بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين (أرمينيا وأذربيجان).

ويهدد التصعيد بجر القوى الإقليمية وتوسيع النطاق الجيوسياسي للأزمة. وقد ألقت تركيا بثقلها السياسي والعسكري وراء أذربيجان بشكل صريح، فيما دعمت روسيا الحكومة الأرمينية بشكل ضمني، مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع حكومة "إلهام علييف" الأذربيجانية.

وبدا التناقض في موقف إيران التي تعتبر لاعب رئيسي يتقاسم الحدود البرية مع جميع الأطراف المعنية، باستثناء روسيا.

وتهدف طهران في النهاية إلى الحفاظ على الوضع الراهن أو تأمين حل سلمي لأزمة "ناغورني قره باغ" لأسباب استراتيجية وأمنية مختلفة.

ورحب وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" باتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا، بينما أكد سفير إيران في موسكو "كاظم جلالي" استمرار المشاورات والمحادثات رفيعة المستوى بين الشريكين، مما يشير إلى اعتراف طهران بالمصالح والنفوذ الروسي في المنطقة.

المعضلة الأمنية بالنسبة لإيران

وخلال حرب 1988-1994 بين أرمينيا وأذربيجان حول "ناغورني قره باغ"، سعت الجمهورية الإسلامية، التي عانت هي نفسها من الحرب المؤلمة مع العراق منذ 1980 في ذلك الوقت، إلى اتباع سياسة الحياد تجاه الصراع.

موضوع يهمك : هل تستخدم روسيا أكراد سوريا في الصراع بين أرمينيا وأذربيجان؟

وكان هذا من أجل البقاء بعيدا عن الصراع قدر الإمكان والامتناع عن استعداء روسيا، القوة الإقليمية الأكثر نفوذا وتصميما على حماية "مجال نفوذها" في القوقاز.

وكررت طهران نهجها خلال حروب الشيشان من عام 1994 إلى عام 1996 ومن عام 1999 إلى عام 2000.

والآن، أثار احتدام الأعمال العدائية الإقليمية العديد من الأسئلة الملحة حول إمكانية التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي وانتشار عدم الاستقرار خارج ناغورني قره باغ.

وفيما يعد سابقة تاريخية، دعت حكومة الرئيس "حسن روحاني" إلى وقف القتال وعرضت المساعدة في الوساطة بين الخصمين على أمل وقف تصعيد الصراع العرقي.

وقال "سعيد خطيب زاده"، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بعد يوم من اندلاع الاشتباكات: "لا يمكن للمنطقة تحمل المزيد من العنف".

وأضاف أن "سياسة إيران لم تتغير، لكنها كانت دائما موجهة نحو تسهيل المحادثات بين الجانبين، لأن استخدام القوة العسكرية ليس حلا مستداما لهذا النزاع المستمر منذ عقود".

وحذر من أن الجمهورية الإسلامية "لن تتسامح بأي حال من الأحوال مع انتهاك حدودها وأراضيها". وجاء هذا التحذير بعد سقوط عدد من الصواريخ والقذائف الطائشة في قرى على الجانب الإيراني من الحدود مع أذربيجان، ما ألحق أضرارا بممتلكات المدنيين وجرح أحد السكان المحليين على الأقل.

وفيما يبدو أنه تحول في السياسة الرسمية، أعرب خطباء صلاة الجمعة، الذين يتحدثون بلسان المرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي"، في 4 مقاطعات يغلب عليها الطابع التركي، وهي أذربيجان الغربية وأذربيجان الشرقية وأردبيل وزنجان، عن دعمهم  لـ"جهود أذربيجان" لإنهاء "احتلال" ناغورني قره باغ.

ووصفوا جمهورية أذربيجان بأنها "البلد الشيعية" وأن إجراءاتها لاستعادة الأراضي المتنازع عليها "قانونية تماما وشرعية دينيا".

موضوع يهمك : هل تستخدم روسيا أكراد سوريا في الصراع بين أرمينيا وأذربيجان؟

وفيما بعد، ردد "علي أكبر ولايتي"، مستشار الشؤون الدولية الحالي لـ"خامنئي"، هذا الموقف غير المسبوق، وأشار إلى 4 قرارات لمجلس الأمن الدولي، كان قد تم تمريرها من أبريل/نيسان إلى نوفمبر/تشرين الثاني 1993، تدعو إلى انسحاب القوات الأرمينية من الأراضي الأذرية المحتلة. وتحدث عن "مصير 7 مدن في جنوب أذربيجان تحتلها أرمينيا".

وقال "ولايتي" في 6 أكتوبر/تشرين الأول: "نريد من أرمينيا أن تعيد هذه الأجزاء المحتلة إلى جمهورية أذربيجان".

وأضاف لاحقا أن "أكثر من مليون شخص من الأتراك الأذربيجانيين نزحوا نتيجة لهذا الاحتلال ويجب أن يعودوا إلى وطنهم. وبما أننا نعارض احتلال النظام الصهيوني للأراضي الفلسطينية، فلدينا نفس الموقف هنا".

وبعد ذلك بوقت قصير، كرر المتحدث باسم الحكومة الإيرانية "علي ربيعي" الحديث عن نفس المخاوف، داعيا أرمينيا إلى إخلاء المناطق المحتلة في أذربيجان.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي