لوس أنجليس تايمز: المسلمون والعرب في ميتشغان قوة واثقة بثقلها الانتخابي وتوازن بين ما هو محلي ودولي

2020-09-08

إبراهيم درويش

ناقشت سارة بارفيني الكاتبة في صحيفة “لوس أنجليس تايمز” التحولات داخل المسلمين في ميتشغان ومواقفهم من السياسة والدور الفاعل في الانتخابات. وبدأت تقريرها من مقهى في ديربورن اجتمع فيه شباب مسلمون أمريكيون تحدثوا في السياسة حول كؤوس من الشاي العدني. وتساءل كل واحد منهم عن السبب الذي يجعل المسلمين إبراز حضورهم في انتخابات 3 تشرين الثاني/ نوفمبر.

وقال ادم أبو صلاح، (19 عاما) “لوقت طويل شعر المسلمون بالتعصب والعنصرية وأن مساهمتنا في المجتمع لم ينظر إليه بنفس الطريق التي نظر فيها لمساهمة بقية المجتمعات”. وأضاف أن الوقت قد انتهى لأن الشباب المسلم باتوا يضعون مسيرتهم العملية التقليدية مقابل الانخراط في النشاط السياسي. وقال مخاطبا الحضور وهم خليط من لبنانيين وفلسطينيين وإيرانيين ويمنيين “كان انتخاب ترامب مجرد سكر على الكعكعة.. وقال المسلمون لن نكون فقط مهندسين وأطباء بل وصحافيين وصناع سياسة”. وناقش الحضور فعالية التصويت للرئيس مقارنة بالتصويت لحزب أو المشاركة في التواصل مع المجتمع ومسيرات الشوارع. وقالت مشهدي عاصي (35 عاما)، المهاجرة اللبنانية التي دعمت المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، إن تجربتها مع المجتمع المسلم أعطتها صورة عن نظرتهم إلى قوة صوتهم وأنه لا يمثل شيئا. وكيف ساعدت 10 من أصدقائها في التصويت في الانتخابات الأولية. وقالت “أصبح المسلمون مشاركين منذ 2016 ومرحلة ما بعد منع المسلمين حيث أصبحوا أكثر وعيا بهويتهم”، في إشارة للقرار المثير للجدل في 2107 الذي علق دخول المهاجرين من عدة دول مسلمة.

وتشير الصحيفة إلى مشاركة متزايدة للمسلمين خاصة بين الشباب وفي مناطق تقع جنوب- شرق ميتشغان التي يعيش في أقدم المجتمعات المسلمة في البلاد. وقبل أربعة أعوام فاز ترامب بالولاية بنسبة لا تزيد عن 11 ألف صوت. وشهدت الولاية زيادة بنسبة 19 نقطة في مشاركة المسلمين بالفترة ما بين 2014-2018 وذلك حسب بيانات “إيمغيج” وهي مجموعة تركز على أشكال تصويت المسلمين. ويقول المحللون إن المسلمين في ميتشغان قد يلعبون دورا حاسما في انتخابات هذا العام لم شاركوا بأعداد كبيرة. وتعكس مشاركة المسلمين في التصويت زيادة في عدد المسلمين الذين يتولون مناصب عامة، كسياسيين في مؤسسات الولاية، بدءا من مجالس إدارة المدارس إلى مجلس النواب. وهي موجة ملاحظة في مدن وولايات أخرى عبر أمريكا في عام 2018. وفي 2019 ترشح 80 مسلما لمراكز محلية وفي الولاية، فاز منهم 39 مرشحا، حسب دراسة أعدها مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية (كير). وبدأ المسلمون والعرب بالوصول إلى منطقة مترو ديترويت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين للعمل في مصانع معروفة مثل “ريفر روج كومبليكس” التابعة لشركة هنري فورد.

 

يقول المحللون إن المسلمين في ميتشغان قد يلعبون دورا حاسما في انتخابات هذا العام لم شاركوا بأعداد كبيرة. وتعكس مشاركة المسلمين في التصويت زيادة في عدد المسلمين الذين يتولون مناصب عامة، كسياسيين في مؤسسات الولاية، بدءا من مجالس إدارة المدارس إلى مجلس النواب

 

ومن 43 ألف مواطن في ديربورن يقول 95 ألفا إنهم من أصول عربية، معظمهم من لبنان والعراق واليمن والمناطق الفلسطينية، وذلك حسب مكتب الإحصاء الأمريكي 2018. وهناك من يرى أن العدد أعلى، بنسبة 60% من سكان ديربورن جاءوا من أصول عربية. وليس كل العرب مسلمين لكن غالبيتهم في ديربورن حيث أقيم فيها أكبر مسجد في شمال أمريكا وتقام الصلاة فيه منذ قرن تقريبا.

وكانت ديترويت المكان الذي ظهرت فيه حركة أمة الإسلام على يد والاس فارد محمد عام 1930. وبشكل عام، يمثل المسلمون السود نسبة خمس المسلمين في كل أمريكا حسب مركز أبحاث بيو. وفي ديربورن ليس من غير المألوف سماع المارة في الطريق وهم يمزجون في حديثهم بين العربية والإنكليزية. فمجرد قيادة السيارة في طريق شيفر فإنك ستمر بحلويات المصري وبقالة السعادة والغدير قبل أن تصل إلى قهوة هاوس حيث عقد فيه الاجتماع.
وتقول ندى الحانوتي، المديرة التنفيدية لإيمغيج أكشن ميتشغان، “يعيش في ميتشغان عدد متنوع من المسلمين” و”بدأت حركة أمة الإسلام في ديترويت وهي تأسيسية للمسلمين الآفريقية الأمريكيين، ولدينا مجتمع باكستاني وديسي هندي ومجتمع عربي أمريكي”.

وفي العقود التي شهدت الحرب الأهلية اللبنانية والثورة الإسلامية في إيران واضطرابات أخرى كان الافتراض أن اللاجئين إلى الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذين يعيشون في ديربورن وويست وود لوس أنجليس، يركزون بشكل رئيس على القضايا التي تهم أوطانهم الأصلية. لكن ما يسيطر على تفكير الكثير من الناخبين في هذا الخريف ليس القضايا المستعصية في الشرق الاوسط والسياسة الخارجية الأمريكية لكن مزيج من القضايا المحلية، بما في ذلك تلوث الهواء ومعدلات الربو، خاصة في المناطق الصناعية في جنوب ديربورن حيث يعيش عدد كبير من اليمنيين وزيادة مظاهر القلق الصحية بسبب كوفيد- 19. وينسب قادة المجتمع الاهتمام المتزايد للمشاركة في الحياة العامة بانتخاب ترامب وحملته المعادية للمسلمين وسياساته من الهجرة. ولكنهم يضيفون زيادة العمل الشعبي داخل المجتمعات المسلمة والتواصل المتزايد بين قطاعات ونضح أبنائه. ومع أن نسبة المسلمين لا تتجاوز 1% من العدد الإجمالي للسكان إلا أن مشاركتهم وأصواتهم يمكن أن تحدث فرقا في انتخاباتات تنافسية قريبة. ويقول الناشطون إن دعم المسلمين في ميتشغان ساعد على تقدم ساندرز في الترشيحات للحزب الديمقراطي عام 2016 وجعلوه متقدما على هيلاري كلينتون. ويقول كرم دانا، الأستاذ المشارك في شؤون الشرق الأوسط بجامعة واشنطن، “يقف المسلمون الأمريكيون بالتأكيد امام منعطف، وتقاطع كبير حول موقعهم في أمريكا” و”يلعب المسلمون الأمريكيون دورا مهما لعبوه في 2020″.

المركز الإسلامي في ديربورن

ويقول يوسف شحود، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة كريستوفر نيوبورت، إن مشاركة الناخبين المسلمين يعود للنشاط الذي تقوم به المنظمات العربية والإسلامية التي تحاول التواصل والتعليم. وقال “أعتقد أن ما شاهدناه” هو “بذر البذور المؤسسة للوعي السياسي المسلم ولسنوات قادمة”. ويضيف أن الهوية السياسية للمجتمع المسلم ناشئة، ففي ميتشغان، يشارك المسلمون في انتخابات ومنذ عقود، لكن في ولايات أخرى من الصعب صعود السلم.

وقال المدير التنفيذي لمكتب كير في ميتشغان، داوود وليد، “كان عدد المسلمين الذين ترشحوا للمناصب العالية كبيرا أثناء ولاية جورج دبليو بوش، وهو في زيادة مضطردة منذ ذلك الوقت” و”هذا نضج طبيعي للمجتمع المسلم مثل بقية المجتمعات في العقود السابقة”. وأشار إلى دور أحداث 9/11 التي أجبرت المسلمين الذين لم تكن السياسة تهمهم للخروج، و”ذلك بسبب العنصرية ومعاداة الأجانب والتي لم يواجهها المسلمون كأفراد ولكن بسبب سياسات الحكومة”. وأشار وليد إلى ما أسماه “عامل ترامب” حيث دفع المسلمين إلى اليسار أكثر مما كان الوضع بعد ترشح باراك أوباما للرئاسة. وصوتت نسبة 71% من المسلمين الذين شاركوا في الانتخابات النصفية في 2018 لمرشحي الحزب الديمقراطي. وفقط 13% صوتت للجمهوريين، حسب دراسة لمعهد السياسة الإجتماعية والتفاهم. وهم أقل المجتمعات المسلمة حسب الدراسة. ورغم ذلك فقد شارك المسلمون في الانتخابات النصفية بأعداد غير مسبوقة وحققوا 131 انتصارا على المستوى المحلي والولايات وأمنوا ثلاث مواقع في الكونغرس”.

 

ما يسيطر على تفكير الكثير من الناخبين العرب والمسلمين في هذا الخريف ليس القضايا المستعصية في الشرق الأوسط والسياسة الخارجية الأمريكية بل مزيج من القضايا المحلية

 

وتعتبر منطقة المترو في ديترويت غنية بالتاريخ السياسي للمسلمين، ولكنهم لم يشعروا بالحماس لدعم مرشح بعينه إلا في 2016 كما تقول الحانوتي . و”أول مرشح تحمسنا له كان عبدالله حمود، في إشارة لأول مسلم انتخب ليمثل المنطقة الخامسة عشرة في ديربورن في مجلس نواب الولاية عام 2017. وفي الانتخابات النصفية في 2018 التي انتخبت فيها رشيدة طليب لمجلس النواب، ودفع المسلمين للتصويت بأعداد كبيرة. وطليب (44 عاما) ابنة مهاجر فلسطيني هي واحدة من أربع نائبات ديمقراطيات إلى جانب ألكسندرا أوكاسيو كورتيز وأيان بيرسلي وإلهان عمر وشكلن مجموعة تقدمية في الإنتخابات النصفية وتعرف بـ “الفرقة”.

وفي وين كاونتي الذي يضم مدينة ديترويت، شارك 32.126 مسلما في التصويت عام 2018 أي نسبة 42% من سكان الولاية المسلمين. وقال حمود، النائب في مجلس الولاية والمولود في ديربورن، ” لم يعد الناس راغبين بالبقاء على الجانب” و”كلما نضجنا في الحياة الأمريكية نشاهد أن المسلمين جزءا في نسيج صناعة القرار الأمريكي وعلى كل المستويات”. وعندما رشح جورج بوش نفسه في عام 2000 بدا الحزب الجمهوري المكان الطبيعي للمسلمين. ودعت مجموعة من المنظمات الإسلامية للقاء مع بوش والمرشح الديمقراطي آل غور لمناقشة إمكانية شمل مرشحين مسلمين. وبحسب حسين عيلوش، المدير التنفيذي لمكتب كير في لوس أنجليس الكبرى، فقد قبل بوش الدعوة ولم يستجب آل غور. وبحسب دراسة في ذلك الوقت فقد صوتت نسبة 80% من المسلمين لبوش مضيفا “لقد تغيرت الأمور، فبعد 9/11 صدر قانون الوطنية وحدث تحول كبير في السياسة الخارجية الامريكية وأسوأ من الماضي”. ثم جاء أوباما الذي أظهر للمجتمع “يمكنك أن تكون مختلفا عن التيار الرئيس وتفوز”. وقال عيلوش إن أوباما جلب معه إلى البيت الأبيض نبرة تشمل الجميع. وقالت الحانوتي “لقد شعرنا هذا في الانتخابات الأولية” و”كنا مجموعة كبيرة من النساء المسلمات والأجداد الذين تجمعوا في قاعة البلدية في يوم الانتخابات وصونا لبيرني ساندرز”. وقام عدد من المرشحين الديمقراطيين بزيارة المساجد والحديث مع المسلمين لكن بيرني ساندرز ذهب أبعد من زيارة المسلمين وعين مسلما رئيسا لحملته، مسلم أمريكي فلسطيني.

الجمعية الاسلامية الأمريكية

وقالت الحانوتي “لم يزر أوباما مسجدا في ولايته الأولى نظرا لاتهامه بأنه مسلم، وانتظر حتى ولايته الثانية” أما ساندرز “فما هو مدهش أنه عقد تجمعا في ساوث إند مع المجتمع اليمني”. وقالت هي تغالب الدموع “كان جميلا وهو ما كنا نتوق إليه، وهذا ما نريده، وما نريده هو المساواة”. وأضافت “أمر واحد أدى لمشاركة العرب والمسلمين الأمريكيين هي فلسطين. وحقيقة اعترافه بحقهم بالوجود لعب دورا في دعم بيرني”. ومع خروج ساندرز من السباق يخطط المجتمع لدعم المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن مع أنه لم يكن الخيار الأول. وحاول بايدن فريقه التقارب من المسلمين من خلال القمم الافتراضية وجمع التبرعات والإتصال بقادة المجتمع. وعين بايدن مستشار لشؤون التواصل مع المسلمين. وخصص صفحة على موقعه “اجندة للمجتمعات العربية والمسلمة الأمريكية”. وحذر كريم علي، مدير المركز الإسلامي لأمريكا في ديربورن، الديمقراطيين من التعامل مع أصوات المسلمين كأمر مفروغ منه. وقال إن الصوت المسلم ليس متجانسا لا يميل فقط للديمقراطيين بل هناك من قد يصوت للجمهوريين في الانتخابات المحلية أو الولاية. وقال علي (60 عاما)، الذي هاجر من لبنان إلى الولايات المتحدة قبل 40 عاما، “نحن مجتمع لا يمكن تجاهله كما في الماضي لأننا حصلنا على موقع في كل مجالات الحياة السياسية” و”هذه المرة سيكون لنا أثر فعال”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي