ما وراء انتحار الممثل الكوميدي.. وثائقي يكشف مأساة روبن ويليامز

2020-09-08

الوثائقي الجديد يكشف السنوات الأخيرة الصعبة من حياة روبن ويليامز

نهى سعد

بكل شجاعة، تكشف زوجة الكوميدي الأميركي الراحل روبن ويليامز عن الشهور الأخيرة قبل وفاته في فيلم وثائقي جديد بعنوان "رغبة روبن" (Robin's Wish)، وكيف تسبب المرض العقلي في موته منتحرا داخل بيته في 11 أغسطس/آب 2014 بعمر 63 عاما.

في واحد من أهم أدوار ويليامز في فيلم "غود ويل هانتينغ" (Good Will Hunting)، والذي حصل به على جائزة الأوسكار الوحيدة في مسيرته، لعب ويليامز دور شون ماجواير المعالج النفسي الذي أظهر براعته في مساعدة ويل هانتينغ لفهم نفسه والخروج من أزمة نفسية معقدة، ولكن يبدو في الحقيقة أن ويليامز لم يستطع مساعدة نفسه في الحياة الواقعية.

فقد كانت وفاته مفجعة لمحبيه حول العالم، إذ لم يتخيل أحد أن هذه الروح المرحة واللطيفة التي أحببناها في أفلام كثيرة، منها "السيدة دوبت فاير" (Mrs. Doubtfire)، و"علاء الدين" (Aladdin)، و"جمعية الشعراء الموتى" (Dead Poets Society)، ستكون نهايتها الانتحار.

معارك خافية

للمرة الأولي منذ وفاة ويليامز، يكشف الوثائقي الجديد السنوات الأخيرة الصعبة من حياته، ويعرض مقابلات مع بعض المقربين منه، كالمخرج شون ليفي، والمنتج جون مونتغمري، والكاتب والمنتج ديفيد إي كيلي، وطبعا في مقدمتهم زوجته سوزان.

ويتعمق فيلم "رغبة روبن" في تفاصيل مرض "خرف أجسام ليوي" الذي أصاب ويليامز، وهو مرض يصيب خلايا الدماغ المسؤولة عن التفكير والسلوك والحركة، وأدى إلى إصابته بالاكتئاب بعد سنوات من ظهوره، ولكن لم يتم اكتشافه إلا بعد موته وتشريح الجثة.

وينقل معاناة ويليامز في حياته المهنية خلال آخر أعماله، ومنها فيلم "ليلة في المتحف" (Night at the Museum) الذي عرض بعد ثلاثة أشهر من وفاته، فبدأ بنسيان عباراته خلال التصوير والتلعثم خلال الحديث، مما تسبب بإصابته بقلق شديد، وتشكيك في قدراته وأدائه.

تقول سوزان "بالنسبة لشخص موهوب مثل روبن، والذي وضع قلبه وروحه في حياته المهنية، كان من المدمر له أن يبدأ في فقدان قدراته، وأن يشاهد إنسانيته تنزلق من بين أصابعه".

وتتابع أن تطورات المرض وصلت إلى حياته الشخصية أيضا، فكان يتجنب مقابلة أصدقائه أو الذهاب للعروض الكوميدية، والبقاء في المنزل بدلا من ذلك، وتعرض لنوبات هلع متكررة واضطراب في نومه.

أيامه الأخيرة

تروي سوزان لموقع صحيفة "يو إس إيه توداي" (USA Today) كيف كان ويليامز مولعا بالإيماءات الرومانسية البسيطة حتى آخر أيامه، وتقول إنه "قبل أسبوعين فقط من وفاته عام 2014، لم يتوقف ويليامز عن مفاجآته، فقد كان عليّ أن أقوم ببعض الأشياء في متجر آبل (حيث التقيا أول مرة) وفجأة جاء إليّ يحمل زهورا وفاجأني، ثم قال: هنا حيث بدأ كل شيء".

فلم تكن أيامه الأخيرة هي الأسوأ، إذ أظهر ويليامز تحسنا ملحوظا قبل وفاته مباشرة، تقول زوجته "في الليلة التي سبقت انتحاره تمنى لي ليلة هادئة وخططنا للتأمل معا في صباح اليوم التالي".

وتضيف "بعد أن قمنا بتغيير بعض الأدوية لمرض باركنسون والاكتئاب، بدا أنه ينام بشكل أفضل، وأظهر اهتماما أكثر بالقراءة، ولكن من الواضح أن انتحار روبن كان نتيجة لمرض في المخ".

وأكملت "كان دماغه متضررا للغاية، روبن أراد إنهاء المرض، لم يدرك أن هذا يعني أنه سينتهي أيضا".

رغبة روبن

تعمل سوزان الآن "56 عاما" كنائب رئيس مؤسسة الدماغ الأميركية، ومدافع عن الصحة العقلية، بالرغم من قسوة ما مرت به، والذي لا يزال تأثيره مستمرا حتى أنها لا تقدر على مشاهدة أي من أعماله حتى الآن، إلا أنها تمكنت من استخدام هذا الألم في مساعدة من يعانون من أمراض الدماغ.

وتأمل من ذلك أن تواصل مهمة زوجها الراحل في مساعدة الآخرين، فتقول "قبل عامين من وفاته، كنت أنا وروبن نناقش ما نريد أن يكون إرثنا في الحياة"، وقال دون تفكير "أريد أن أخفف عن الناس شعورهم بالخوف"، ثم أكملت "كانت تلك رغبة روبن".

أثر موت ويليامز في معجبيه حول العالم، وكان بمثابة صيحة للجميع أن المرض النفسي يمكنه إنهاء حياة أي شخص حتى لو كان كوميديا، وساهم في رفع الوصم عن المرضى النفسيين وضرورة تقديم المساعدة لهم.

فكما قال ويليامز في فيلمه "غود ويل هانتينغ": ستمر بأوقات عصيبة، لكنها ستنبهك دائما إلى الأشياء التي لم تتنبه لها.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي