تخلُّوا عن الكمامة والتزموا بالمطهرات.. هكذا تغيرت ثقافة السائحين على شواطئ البحار

2020-08-03

لا زال شبح الخوف من كورونا يطارد مصطافي الشواطئ في أغلب دول العالم، وبخاصة في مصر، فبعدما كانت شواطئ المدن السياحية والساحلية تتميز بضجيج المصطافين أصبحت اليوم أغلب المدن السياحية والساحلية تبحث عن النزلاء.

ورغم تخفيف القيود على السفر الداخلي في مصر نسبياً فإن الخوف من فيروس كورونا لا يزال يسيطر على هواجس الكثير من المصطافين الذين تعودوا السفر للاستمتاع بالصيف على شواطئ مصر الساحلية.

ويبدو أن الأمر لم يقتصر على مصر وحدها، فقد طال عدداً من المسافرين وعدداً من الدول التي عُرفت بكونها مقصداً سياحياً عالمياً ومحلياً، مثل تركيا، فقد حجّمت القيود المفروضة على المسافرين كثيراً من طموحاتهم في السفر إلى بلدان أخرى للصيف فيها طعم خاص.

"دهب" المصرية خاوية

مصر كانت من بين الدول العربية التي سمحت بعودة تدريجية للسياحة الداخلية والخارجية، إذ وضعت شركة مصر للطيران شروطاً ومحاذير صارمة على المسافرين المتنقلين بين محافظاتها، أما على مستوى السياحة الداخلية فقد اختلفت الأمور بين مدينة وأخرى، لكن الأمر الواضح أن عدد السائحين المصريين بالمدن السياحية لا يزال قليلاً.

شيماء، شابة مصرية تروي قصتها مع السياحة في مدينة دهب وتقول: "ذهبت لقضاء العطلة في مدينة دهب بمحافظة البحر الأحمر، مع عائلتي بسيارة خاصة، للاستمتاع بالرحلة بعيداً عن صخب المطارات، لكن أبرز ما لاحظته أن الطريق إلى مدينة دهب كان فارغاً بشكل ملحوظ".

وتواصل: في الطريق كنا نمر ببعض الاستراحات، فلاحظت أن موظفي وعمال الكافيهات يحرصون على ارتداء الكمامات واستخدام المعقمات المنتشرة في كل مكان.

لكنني بعد وصولي إلى دهب لاحظت أن الناس لا يهتمون بارتداء الواقي واتخاذ الاحتياطات الصحية التي تفرضها الفنادق، ويرجع ذلك إلى أن محافظة البحر الأحمر لم تسجل أية حالة إصابة بفيروس كورونا خلال الفترة الماضية.

لاحظت شيماء أيضاً أن الناس يختلطون ببعضهم البعض دون الحفاظ على مسافات الأمان في التباعد الاجتماعي، ويبدو ذلك بسبب أن المحافظة كلها خالية من الفيروس وتعد منطقة آمنة.

في مدينة دهب نفسها لم يكن الشاطئ مزدحماً، هكذا رأت شيماء، وأن قلة العدد على ما يبدو دفعت المصطافين لترك الكمامات والاكتفاء باستخدام كمعقم اليد المنتشر في كل مكان بساحات الشاطئ.

وعلى الرغم من أن دهب مدينة سياحية فإنها ذو طابع شبابي، وأعداد المصريين القادمين للسياحة فيها أكبر من أعداد الأجانب، وليست بها فنادق 5 نجوم، بل جميعها تشبه النزل الشبابي ومراكز التخييم.

لكن اللافت في الأمر أن إدارة النُّزل الذي حلت به شيماء تحرص على تعقيم النزلاء وحقائبهم وتحثهم على الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وتقدم الإفطار لكل نزيل منفصل عن الآخر، ورتبت لهم قاعة الطعام بنظام يجبرهم على التباعد.

وكانت وزارة السياحة المصرية قد أعلنت عودة النشاط السياحي بدءاً من يوليو/تموز الماضي في ثلاثة مناطق سياحية كبيرة: أولها في محافظة جنوب سيناء وتشمل مدن طابا وسانت كاترين ودهب، بينما الثانية في محافظة البحر الأحمر وتشمل مدينتي الغردقة وشرم الشيخ، والثالثة هي محافظة مرسى مطروح غربي البلاد، وهي معروفة بشواطئها التي تجذب أعداداً كبيرة من السائحين.

كما أعلنت أيضاً عودة السياحة النيلية في مدينتي الأقصر وأسوان جنوبي البلاد في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

ومن أهم الشروط الصحية والاحترازية التي فرضتها الدولة على المسافرين: ارتداء القناع الطبي الواقي "الكمامة"، وحمل عبوات مطهر اليد السائل بما لا يتجاوز ملم للشخص الواحد، والحفاظ على المسافات بين الركاب بعضهم البعض.

فيما دعت خطوط الطيران كل المسافرين على متنها إلى أن يتجنبوا المصافحة وتبادل التحية دون ارتداء القناع، ونبهتهم إلى ضرورة إبلاغها إذا شعر أحد المسافرين بأية أعراض غير طبيعية أثناء رحلته.

ويقول المرشد السياحي المصري صلاح الفقي: "شددت الدولة في فرض إجراءات دخول مصر على السائحين الأجانب بوجه عام، وعلى القادمين من دول بها إصابات كبيرة بفيروس كورونا بوجه خاص".

إذ ألزمت السائح أن يحمل معه شهادةً طبية معتمدة من وزارة الصحة ببلاده بأنه خالٍ من أية أمراض، وبخاصة أعراض فيروس كورونا، كما أن السائح يخضع لأخذ مسحة طبية كفحص أوليّ للاطمئنان حول خلوّه من الفيروس.

ويشدد الفقي أن بلاده ستجري تغييراً شاملاً في تقسيم السفن السياحية من الداخل، إذ إن وزارة السياحة ستعمل على تفريغ طابق كامل في بعض السفن ليكون بمثابة ساحة مفتوحة خالية من النزلاء، أو قد تستخدمها كغرف عزل للإصابات التي قد تكتشف أثناء الرحلة.

فيما تدرس الوزارة استخدام تقسيم مختلف مع سفن أخرى، فقد تلزم الشركة المالكة بتسكين النزلاء في غرفة وغرفة، بمعنى أن تسمح بغرفة للسكن والأخرى تبقى مغلقة، على ألا يزيد النزلاء في الغرفة الواحدة على نزيلين اثنين.

في أنطاليا لا كمامة

في تركيا عادت حركة التنقل السياحة خارجياً وداخلياً بين المدن التركية، إذ إن تركيا من أكثر بلدان العالم جذباً للسائح الأجنبي، كما أن المواطنين الأتراك يميلون للسياحة الداخلية أكثر من غيرها، فقد بدأت شركات الطيران تفرض قيوداً على المسافرين كلٌّ في وجهته.

فقد فرضت الخطوط الجوية التركية قيوداً على القادمين إليها من الخارج، أولها ارتداء القناع الطبي، وحمل عبوات المعقم السائل.

كما أنها منعت حمل حقائب اليد المعروفة بمصطلح "Hand Bag"، وضمت وزنها (8 كغ) إلى الحقائب الكبرى التي تشحن في صندوق الطائرة السفلي، وذلك لمنع أدنى فرصة لانتقال الفيروس بين المسافرين.

يقول المسافر عبدالله آدم: "ألزمتنا شركة الطيران بضم أوزان الحقائب إلى بعضها، فقد منعتنا من حمل حقائب السفر المعتادة وألزمتنا بشحنها مع الأمتعة في الصندوق السفلي".

ويواصل: "لم تسمح شركات الطيران بحقائب اليد سوى ثلاث حالات، حقائب السيدات التي بها مستلزماتهم النسائية، وحقائب الأطفال الرضع ومستلزماتهم، وحقائب الكمبيوتر المحمول".

"كما وزعت شركة الطيران علينا عبوات بلاستيكية مغلفة تحوي قناعاً طبياً وعبوة مطهر صغيرة ومناديل معطرة، والوجبات أيضاً كانت بصورة مختلفة عن السابق، إذ وزعت لكل مسافر كيساً ورقياً مغلقاً به سندويتش مغلف وعلبة عصير وزجاجة مياه صغيرة وكعكة مغلفة".

في مطارات تركيا المحلية ألزمت المسافرين بنفس الإجراءات الوقائية التي تتبعها كل المطارات، إلا أنها منعت المسافرين من حمل أية حقائب سوى حقيبة الكمبيوتر المحمول "لابتوب" ومنعت الحقائب النسائية والعطور وغيرها.

وحول تجربته الشاطئية، يقول آدم إنه انتقل سريعاً إلى مدينة أنطاليا، وقام باستئجار بيت على البحر عبر تطبيق إلكتروني، ويؤكد: "بمجرد وصولي إلى البيت المستأجر وجدت صاحب المنزل حريصاً على تعقيمه بين النزيل والآخر، باستخدام بخار الكحول، كما قام بتوفير الصابون القاتل للبكتيريا مع الصابون السائل العادي في دورات المياه".

ويواصل: "تحول الكحول والكمامة إلى محتوى رئيسي في حقيبة زوجتي، فلم تعد تحمل أدوات التجميل كما باتت تحمل هذين الشيئين".

لكن على شاطئ مدينة كونيالتي وجدت النزلاء لا يهتمون بارتداء الكمامة، يقول آدم ويستطرد: "ربما ذلك بسبب حرارة الجو الشديدة، التي تعيق التنفس بسهولة ونحن على الشاطئ بسبب تكاثف بخار الماء وقلة الأوكسجين بسبب الحر".

من جهته قال سونير حورز، صاحب شركة سياحية تركية في إسطنبول: "شركات الطيران الداخلي متشددة جداً في إجراءاتها لمنع انتقال الفيروس بين المدن، فليست كل المدن بنفس عدد الإصابات".

ويؤكد: "كل مسافر يخضع لفحص درجة الحرارة، ومَن تكتشف درجة حرارته فوق الطبيعية يُمنع من السفر لحين التأكد من سلامته، وإذا تأكدت إصابته تُلغى رحلته ويخضع للحجر الصحي الإجباري، إما في بيته أو في المستشفى حسبما تقتضي حالته، وهذا يقرّه الأطباء".

شواطئ قطر مزدحمة

على الشواطئ القطرية بدأ الانفتاح التدريجي لعودة المصطافين، خاصة مع ارتفاع موجة الحر خلال الأيام الماضية وارتفاع نسبة الرطوبة في الليل، وهو ما يدفع بالمصطافين دفعاً للذهاب إلى الشواطئ وكسر الملل الذي أصابهم من العزلة التي فرضتها عليهم إجراءات كورونا.

أم يوسف تروي تجربتها على شاطئ دخان: "ذهبنا إلى الشاطئ في بداية اليوم وكان الإقبال متوسطاً، ومع بدء انكسار موجة الحر بدأت الأعداد تتوافد بكثرة، حتى ازدحم الشاطئ بالنزلاء وكأن كورونا قد انتهى من العالم".

وتنهي حديثها: "من شدة الحر في النهار كانت الأعداد تتزايد خاصة في الليل، ولم أرَ أحداً يلتزم بارتداء الكمامة الطبية، لكن كل مجموعة من المصطافين يجلسون متقارين وعلى مسافة كبيرة من المجموعات الأخرى الغريبة عنهم".

وكانت قطر من بين الدول العربية التي خففت قيود السفر على مواطنيها ومقيميها، إذ أعلنت في وقت سابق تخفيف القيود على أربع مراحل تدريجية، وكان تخفيف القيد على رحلات الطيران في المرحلة الثانية، لكنه أتى بشروط صارمة أيضاً.

إذ ألزمت الذين يريدون مغادرة البلاد بغرض العودة إليها قبل منتصف مارس/آذار المقبل بحجز تذاكر العودة حجزاً مؤكداً وحجز غرفة في أحد الفنادق المخصصة للحجر الصحي لمدة يوم على حسابه الشخصي مدفوعة مقدماً عبر تطبيق تابع للحكومة ومخصص لهذه الإجراءات يدعى "اكتشف قطر".

فيما ألزمت المسافرين الخضوع لقياس الحرارة على بوابات المطار، ومنعت من الدخول مَن لا يرتدي القناع الطبي.

وتروي المسافرة هبة أحمد تجربتها مع السفر عبر مطار الدوحة، مؤكدة أنها خضعت قبل دخولها بوابة المطار لفحص درجة الحرارة هي وأسرتها.

وتقول: "خضعنا للفحص ولو اكتشفت سلطات المطار أن حرارة أحد المسافرين مرتفعة عن الحد الطبيعي لمنعته من السفر".

وتواصل: "في المطار كل التدابير الاحترازية لمنع التزاحم متوفرة، فإدارة المطار وضعت علامات لاصقة على الأرض تحدد المسافات التي يجب على المسافرين الحفاظ عليها، فضلاً عن توفير سوائل التعقيم في كل مكان، وأغلقت المطاعم والكافيهات بشكل كامل لمنع أي فرصة لانتقال العدوى".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي