أبرزها بحر جنوب الصين والإيغور وتايوان.. ملفات التأزم بين بكين وواشنطن

2020-07-14

تشهد العلاقات الأميركية الصينية تدهورا سريعا وغير مسبوق لم يعد مقتصرا على الحرب التجارية بين الدولتين، وإنما فتحت معها ملفات أخرى، مما حدا بمسؤولين في الإدارة الأميركية لاتخاذ مواقف موجهة ضد الصين.

وخلال الأشهر القليلة الماضية خرج عدد من أركان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمهاجمة الصين في صورة علنية غير مسبوقة، ونسق مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة العدل حملة هجومية شديدة ضد الصين في العاصمة واشنطن.

وأمام حشد من حكام الولايات قال مستشار الأمن القومي مايكل أوبراين الشهر الماضي إن "الحزب الشيوعي الصيني يهدف إلى السيطرة على مواطنيه وعلى مواطني الدول الأخرى"، محذرا من سعي الصين للتأثير على الشعب الأميركي وطريقة حياته.

ثم تحدث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال مشاركته في قمة كوبنهاغن للديمقراطية التي عقدت عن بعد، وقال إن على أوروبا الاختيار بين الحرية والطغيان، محذرا الأوروبيين من أن الحزب الشيوعي الصيني يريد إجبارهم على الاختيار بين الولايات المتحدة والصين.

وعبر بومبيو عن رغبته في أن يرى ويسمع "المزيد من التصريحات العامة من أوروبا بشأن موضوع التحدي الصيني بوضوح حتى لا يُترك أي مجال للالتباس في الاختيار بين الطغيان والحرية".

أما مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي فقد أكد الأسبوع الماضي أن جهازه استطاع "كشف الأساليب الفنية التي تحاول الصين التآمر بها على البلاد".

وحذر راي الشعب الأميركي من "أن حياته وأمنه وصحته معرضة للخطر بسبب ممارسات الصين".

وأشار إلى أن مكتب التحقيقات الفدرالي يفتح كل 10 ساعات تحقيقا يتعلق بممارسات الصين.

ويُنتظر أن يتحدث وزير العدل وليام بار خلال أيام عن أبعاد أخرى في سياسات الصين غير القانونية ضد المواطنين الأميركيين.

وصعّدت واشنطن مواقفها تجاه الصين في عدة قضايا خلافية، من أهمها:

قضية الإيغور

فقد وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام "قانون سياسة حقوق الإنسان تجاه الإيغور" الذي مرره الكونغرس الشهر الماضي، ويقضي بفرض عقوبات على مسؤولين صينين متورطين في انتهاكات لحقوق الإنسان، ومحاولات استئصال الهوية الدينية للأقلية المسلمة في شينجيانغ أقصى غربي الصين، ومرر مجلسا الكونغرس (الشيوخ والنواب) قرارات معادية لموقف الصين من أقليتها المسلمة بما يشبه الإجماع.

وفرضت واشنطن الأسبوع الماضي عقوبات على عدد من قادة الحزب الشيوعي في شينجيانغ لمسؤوليتهم عن حملات الاعتقال ضد مسلمي المنطقة.

 واشنطن فرضت عقوبات على مسؤولين صينين متورطين في انتهاكات ضد أقلية الإيغور بالصين (غيتي)

تايوان وملاحة بحر جنوب الصين

أصدر وزير الخارجية مايك بومبيو بيانا رسميا أمس الاثنين عبر فيه عن رفض واشنطن كل الإجراءات الصينية في بحر جنوب الصين.

ويمثل الموقف الأميركي الجديد نقطة تحول كبير في سياسة واشنطن تجاه بكين، حيث لم تعد الولايات المتحدة بمقتضاه لاعبا محايدا في نزاع الصين مع جيرانها من الدول المشاركة في بحر جنوب الصين، مثل فيتنام والفلبين وماليزيا وإندونيسيا.

وتطالب بكين بالسيادة على مساحات واسعة من بحر جنوب الصين، بما في ذلك جزر باراسيل التي غالبا ما تمثل مصدر قلق، وقامت بمناورات عسكرية مطلع الشهر الجاري.

وأكد بومبيو أن بلاده "ستتعامل مع سعي بكين للحصول على الموارد في بحر جنوب الصين المتنازع عليه بوصفه أمرا غير مشروع"، وهو ما يعكس توترا متسارعا في علاقات الدولتين.

ومطلع الشهر، قامت حاملتا طائرات أميركيتان بمناورات عسكرية في بحر جنوب الصين، وقالت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون في بيان إن "تلك الجهود تدعم التزامات الولايات المتحدة الدائمة في الدفاع عن حق جميع الدول في الطيران والإبحار والعمل في أي مكان يسمح به القانون الدولي"، مشيرة إلى استعداد واشنطن ونيتها الدفاع عن حلفائها.

 

   جزر بحر جنوب الصين منطقة دائمة التوتر بين الصين وجيرانها

هونغ كونغ

منح قانون الأمن القومي الذي فرضته الصين على هونغ كونغ سلطات قضائية وأمنية واسعة تخالف اتفاق الانسحاب البريطاني من الجزيرة.

وتبنى الكونغرس الأميركي بما يشبه الإجماع مشروعات قوانين تفرض عقوبات على الصين على خلفية هذا القانون المثير للجدل الذي يهدد ترتيبات الحكم الذاتي لهونغ كونغ، كما توعد ترامب مسؤولين صينيين بعقوبات شديدة بسبب تدهور وضع الإقليم.

حظر تطبيقات إلكترونية صينية

تنوي إدارة ترامب وضع خطط وقواعد تنظيمية تحظر على حكومة الولايات المتحدة شراء السلع أو الخدمات من أي شركة تستخدم منتجات 5 شركات صينية، على رأسها شركة هواوي.

وصرح بومبيو بأن الصين تضغط على الكثير من الدول لكي تسمح بفتح أسواقها أمام شركة هواوي ومنتجاتها المتعددة، واعتبر أن الشركة -التي أسسها النظام الشيوعي- "تمثل أداة تجسس لصالح الدولة الصينية".

ووفقا للمستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو، ينتظر أن يتخذ ترامب "إجراء قويا" ضد تطبيق تيك توك -وربما غيره- خلال أيام.

الإدارة الأميركية تعتبر شركة هواوي الصينية أداة تجسس لصالح الحزب الشيوعي في الصين  

وأكد نافارو في حديث لشبكة فوكس أن "هذه التطبيقات ترسل كل بياناتك الشخصية إلى خوادم في الصين، والتي تمكن مباشرة الجيش الصيني والحزب الشيوعي هناك وجهات حكومية أخرى من سرقة ممتلكاتنا الفكرية".

ودفعت جائحة فيروس كورونا المستجد وتبعاتها المتسارعة خلال الأشهر الخمسة الأخيرة العلاقة بين البلدين إلى مزيد من التأزم، وذلك على خلفية اتهام إدارة ترامب الصين بالتستر على الفيروس، مما سمح بانتشاره عالميا.

مواجهة ولكن

وقد أشارت إستراتيجية الأمن القومي الأميركي بداية الفترة الرئاسية لترامب صراحة إلى أن الصين تسعى إلى تحدي قوة ونفوذ ومصالح الولايات المتحدة، في محاولة للإضرار بأمن ورخاء الشعب الأميركي.

كما أشارت إستراتيجية الدفاع الوطني الصادرة عن البنتاغون منتصف عام 2018 بوضوح إلى الصين على أنها "منافس إستراتيجي يسعى إلى تحديث قواته المسلحة، لضمان سيطرته الإقليمية على المحيط الهادي وجنوب آسيا ومقارعة نفوذ الولايات المتحدة العالمي".

وتخطت ميزانية الصين العسكرية 170 مليار دولار عام 2018 بعدما بلغت فقط 77 مليارا عام 2007، مما أدى إلى أن يتجاوز عدد الجنود المليونين.

من هنا، يرى بعض الخبراء العسكريين أن احتواء الصين سلميا الآن من شأنه فقط تأجيل موعد المواجهة عدة سنوات، وستكشف الأيام المقبلة حجم التوتر المتزايد في علاقات الدولتين، خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي