يخشون الموت من الجوع وكورونا.. كيف يهدد تعنت الروس بفتح المعابر حياة ملايين السوريين؟  

2020-07-11

 

بعد نجاتهم من المعارك الأخيرة في شمال غرب سوريا، يخشى ملايين السوريين في المخيمات من المجاعة وتفشي فيروس كورونا، في حال توقف إيصال المساعدات عبر الحدود، غداة فشل مجلس الأمن في تجديد آلية إدخالها جراء فيتو روسي صيني.

فقد انتهت الجمعة 10 يوليو/تموز 2020، مدة تفويض الأمم المتحدة لإيصال مساعدات إنسانية حيوية عبر الحدود إلى ملايين السوريين، على وقع انقسام سياسي أثار تنديد كبرى المنظمات الإنسانية والدولية. وبدأت برلين وبروكسل مبادرة أخيرة لمحاولة إنقاذ هذه الآلية على أمل إجراء تصويت جديد نهاية الأسبوع.

هروب من الحرب

وداخل خيمة متواضعة شبه خالية من الأثاث، في مخيم للنازحين قرب مدينة معرة مصرين، شمال إدلب، يبدي نصر (45 عاماً)، خوفه على عائلته المكونة من 10 أطفال، في حال توقّف المساعدات، ومع تسجيل أولى الإصابات بوباء كوفيد-19 في إدلب.

يقول لوكالة الأنباء الفرنسية "تركنا بيوتنا وأرضنا ورُزقنا ولم يعد لدينا إلا هذه المساعدات التي يعطوننا إياها، وفي حال انقطعت نصبح عرضة للمجاعة".

 تشهد منطقة خفض التصعيد في إدلب خروقات واسعة من قِبل النظام والمجموعات الإرهابية التابعة لإيران

وفرّ نصر مع عائلته من جنوب إدلب على وقع هجوم واسع شنته قوات النظام بدعم روسي، بدءاً من ديسمبر/كانون الأول 2019، على مناطق في إدلب ومحيطها.

توقّف الهجوم الذي دفع نحو مليون شخص إلى الفرار من مناطقهم، إثر وقف لإطلاق النار أعلنته روسيا الداعمة لقوات النظام وتركيا الداعمة للفصائل المعارضة، بدأ تطبيقه في 6 مارس/آذار 2020.

ملايين يعتمدون على المساعدات

ووفقاً للأمم المتحدة يعتمد نحو 2.8 مليون شخص في المنطقة على المساعدات عبر الحدود، لتأمين احتياجاتهم اليومية الأساسية.

لم يتمكن مجلس الأمن من تجديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود، المعتمدة منذ العام 2014 ومن دون موافقة دمشق، بسبب إصرار روسيا على حصر نقاط إدخال المساعدات بمعبر باب الهوى (إدلب)، وإزالة نقطة العبور الثانية وهي باب السلامة في منطقة أعزاز (حلب).

تعتبر روسيا أساساً أنّ التفويض ينتهك السيادة السورية. ونجحت مطلع العام في فرض إرادتها على الأمم المتحدة بتقليص نقاط إدخال المساعدات إلى اثنتين بدلاً من أربع، ولمدة ستة أشهر، بينما كانت تُمدد سنوياً منذ إنشائها.

كارثة كبرى

ومن أمام خيمته قرب معرة مصرين، يحذّر عبدالسلام من أنه وملايين السوريين سيواجهون "كارثة كبرى أمام مرأى العالم أجمع".

مع تسجيل إصابة ثلاثة من الكوادر الطبية على الأقل بفيروس كورونا المستجد في إدلب منذ الخميس، في تطوّر يثير مخاوف من وقوع كارثة صحية إذا ما تفشّى الوباء في مخيّمات النازحين المكتظّة، والتي تفتقد لخدمات المياه والصرف الصحي، يقول نصر بانفعال "إذا لم يتم إدخال الأدوية إلى المخيمات سينتهي أمرنا"، مضيفاً "ستقضي الكورونا علينا".

أطفال اللاجئين السوريين في إدلب   

 

على بعد أمتار، يسأل النازح عبدالسلام يوسف (47 عاماً)، وهو أب لعشرة أطفال بغضب: "مع تسجيل إصابات عدة بالكورونا كيف يمكننا الالتزام بالحجر داخل المخيمات إذا كانت الناس لا تملك قوتها اليومي مع وقف المساعدات؟".

يوضح أن وقف إدخال المساعدات، في حال عدم تجديد الآلية، سيشكّل "كارثة إنسانية بحق الناس؛ لأن غالبية المهجرين في المخيمات يعتمدون بشكل كلّي على السلة الشهرية أو الخبز" الذي يتم توزيعه في إطار المساعدات.

مهددون بالجوع

ويعتمد النازحون خصوصاً على المساعدات لتأمين الطعام والمياه والحصول على الخدمات الاستشفائية والتعليمية لأطفالهم، بحسب الأمم المتحدة.

إذ نبّهت رئيسة منظمة "سايف ذي تشيلدرن" إنغر أيشينغ في بيان، ليل الجمعة، إلى أن "المعابر الحدودية هي الطريقة الوحيدة لإيصال المساعدات الإنسانية الحيوية، والتي يعتمد الأطفال عليها للبقاء".

كما قالت إنه ما لم يتم وضعها "قيد الخدمة، فلن تتمكن العديد من العائلات من تناول الطعام، ولن تحصل على رعاية صحية ولن تجد مأوى".

لم تثمر خمس عمليات تصويت في مجلس الأمن، منذ الثلاثاء 7 يوليو/تموز، استخدمت خلالها روسيا والصين حق النقض (فيتو). وتقول موسكو إن 85% من المساعدات تمر عبر باب الهوى، وبالتالي يمكن إغلاق معبر باب السلامة.

موقف الغرب

ويرفض الغربيون هذه الحجج، معتبرين أنه لا بديل يتمتع بالمصداقية لهذه الآلية حالياً، وأن البيروقراطية والسياسة السوريتين تمنعان نقلاً فعالاً للمساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق.

فقد أكدت الولايات المتحدة، الأربعاء، أنّ الإبقاء على معبرين في سوريا "خط أحمر"، لكن دبلوماسيين عدة ذكروا أن الحل الذي تسعى إليه ألمانيا وبلجيكا بات يرتكز على الإبقاء على معبر باب الهوى فقط والتخلي عن باب السلامة.

بينما انتقدت مجموعة الأزمات الدولية "تسييس" إيصال المساعدات. وحذّرت كبيرة الباحثين دارين خليفة من أن "مواصلة محاولة تسجيل نقاط سياسية على حساب الفئات الأكثر هشاشة يمكن أن يدفع الدول الغربية للعودة إلى طريقة العمل قبل عام 2014، عبر تجاوز الآليات المتعددة الأطراف وإيصال المساعدة مباشرة إلى الشمال السوري".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي